كتب ناصر عبدالمجيد: أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن الظروف الإقليمية والدولية والتقارب الجغرافى بين مصر والبرتغال بانتمائهما المتوسطى، إنما يستوجب مزيداً من التنسيق والتعاون من أجل معالجة التحديات ومجابهة المخاطر والتهديدات التى تتسم بالتعقيد وصعوبة التعامل معها بصورة منفردة، نظراً لطبيعتها العابرة للحدود، كانتشار الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، والأدوار الهدامة التى تمارسها بعض الأطراف فى المنطقة لإذكاء الصراعات المسلحة والحروب الأهلية وتقويض مؤسسات الدولة الوطنية، من أجل تنفيذ أجندتها الأيديولوجية الضيقة. وقال «السيسي»، خلال مؤتمر صحفى مشترك عقب لقاء قمة مع الرئيس البرتغالى مارسيلو دى سوزا: «وفى هذا السياق، تناولت محادثاتنا عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، حيث تبادلنا الرؤى حول تطورات الأوضاع فى ليبيا وسوريا، فضلاً عن سبل تعزيز جهود مكافحة الإرهاب والعمل على تجفيف منابع تمويله والتحذير من مخاطر التمييز بين الجماعات المتطرفة»، وأكد الرئيس أن مصر تنتهج استراتيجية شاملة لمكافحة هذه الظاهرة البغيضة، تقوم على معالجة جذورها أمنياً وثقافياً واقتصادياً، ليس فقط دفاعاً عن أمنها القومى، وإنما أيضاً انطلاقاً من مسئوليتها الإقليمية والدولية. وتابع: تناولنا أيضا مسيرة التعاون المصرى الأوروبي، وسبل الارتقاء به فى ظل علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والحوار البناء، وقد عبرت عن تقديرى وامتنانى للمواقف البرتغالية الداعمة لمصر فى هذا الصدد، كما اتفقنا على تعزيز التعاون الثلاثى لدعم جهود التنمية فى الدول الأفريقية، بالإضافة إلى العمل المشترك لتوثيق أواصر التعاون بين الاتحاد الأوروبى والقارة الأفريقية». وأوضح «السيسى» أن الرئيس البرتغالى «مارسيلو دى سوزا يحل ضيفاً كريماً على مصر فى زيارته الرسمية الأولى للقاهرة كرئيس للجمهورية البرتغالية الصديقة، التى ترتبط بمصر بعلاقات تاريخية تُعد نموذجاً للاعتزاز والتقدير». وأضاف «السيسى» أنه عقد مع نظيره البرتغالى جلسة محادثات بناءة اتسمت بالعمق والتنوع، وشهدت استعراض مختلف أوجه التعاون الثنائى ومراجعة ما تم إنجازه منذ الزيارة التى قمت بها إلى العاصمة لشبونة فى نوفمبر 2016، بالإضافة إلى نتائج اجتماعات اللجنة المشتركة برئاسة وزيرى الخارجية التى استضافتها القاهرة فى أكتوبر 2017. وأشاد «السيسى» بالجهود التى بُذلت والتطور الملموس الذى شهدته مختلف مجالات التعاون بين مصر والبرتغال خلال المرحلة الماضية، بما يُسهم فى تحقيق المصالح المتبادلة لشعبينا الصديقين ويضمن استمرار التنسيق المستمر فى مختلف المحافل الدولية. وأوضح «السيسي» أنه اتفق مع الرئيس البرتغالى على استمرار العمل الوثيق من أجل الارتقاء بعلاقاتنا الثنائية إلى آفاق أرحب، وتعظيم الاستفادة من الإمكانات والفرص المتاحة وسرعة تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة، بما يؤدى إلى إحداث نقلة نوعية لتطوير الشراكة بين بلدينا، وزيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات المتبادلة والتعاون فى مختلف المجالات. واختتم «السيسى» كلمته بالقول: «إننى إذ أكرر ترحيبى بالرئيس البرتغالى فى القاهرة ضيفاً عزيزاً على الشعب المصرى، فإننى أتطلع لأن تكون هذه الزيارة بمثابة خطوة أخرى مهمة على طريق التعاون المثمر بين مصر والبرتغال، بما يلبى تطلعات شعبينا الصديقين ويحقق آمالهما فى السلام والازدهار». ووجه الرئيس البرتغالى، خلال المؤتمر الصحفى المشترك، التهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسى بمناسبة فوزه فى الانتخابات الرئاسية لفترة جديدة، مؤكداً ما يمثله ذلك من ثقة الشعب المصرى فى «السيسي» لقيادة المرحلة المقبلة. وقال دى سوزا: «أنا أول رئيس أجنبى يزور مصر بعد الانتخابات الرئاسية، وأنا سعيد بزيارتى الحالية، التى تُعد أول زيارة لرئيس برتغالى منذ 25 عاماً»، معرباً عن تقديره لجهود مصر فى الملفات الإقليمية والدولية المختلفة، وعلى صعيد تقديم المساعدة الإنسانية للمجتمعات المنكوبة، مطالباً الاتحاد الأوروبى بانتهاج سياسة موحدة فيما يتعلق بالهجرة، ومشيرا إلى أن مصر لديها 5 ملايين لاجئ يلقون أفضل معاملة، والبرتغال أيضا بها عدد كبير من اللاجئين، وعلى أوروبا وضع سياسة واضحة ومحددة داخل دول الاتحاد فى ملف اللاجئين. وصرح السفير بسام راضى المتحدث الرسمى باِسم رئاسة الجمهورية، بأن «السيسي» عقد لقاءً ثنائياً مع رئيس البرتغال، أعقبته جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين، حيث رحب «السيسى» فى بداية المباحثات بالرئيس البرتغالي، مؤكدًا ما تعكسه الزيارة من التزام الجانبين باستمرار العمل على توطيد العلاقات القوية بينهما والممتدة عبر ضفتى المتوسط، خاصة بعد حالة الزخم التى شهدتها تلك العلاقات فى أعقاب زيارة الرئيس للبرتغال فى نوفمبر 2016، والتى كانت الزيارة الأولى لرئيس مصرى للبرتغال منذ 24 عاماً. كما أكد السيسى حرص مصر على استمرار التنسيق الوثيق بين البلدين، ودفع أوجه التعاون المشترك، خاصة فى المجالات الاقتصادية والتجارية لما فيه صالح الدولتين والشعبين الصديقين. وأضاف المتحدث الرسمى أن الرئيس البرتغالى أعرب من جانبه عن سعادته بزيارة مصر وتقديره لحفاوة الاستقبال، مؤكدًا عُمق أواصر الصداقة والروابط التاريخية التى تجمع بين البلدين، وتطلع بلاده للعمل على الارتقاء بالتعاون الثنائى مع مصر فى كافة المجالات، خاصة فى ظل الدور المحورى الذى تقوم به مصر فى إرساء دعائم الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط والبحر المتوسط. وأوضح المتحدث الرسمى أن المباحثات بين الرئيسين تناولت سبل دفع العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة بعد انعقاد الاجتماع الأول للجنة المشتركة بالقاهرة فى أكتوبر 2017 بمشاركة رجال الأعمال من الجانبين، وما أسفرت عنه من توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم فى العديد من المجالات، حيث أكد الرئيسان أهمية العمل على سرعة تفعيل تلك الاتفاقيات بهدف استمرار الارتقاء بأوجه التعاون بين البلدين وتعزيز العلاقات المشتركة بينهما. كما استعرض الرئيس آخر التطورات الخاصة بعملية الإصلاح الاقتصادى وجهود دفع التنمية فى مصر، مشيراً إلى ما توفره المشروعات القومية الكبرى الجارى تنفيذها من فرص استثمارية واعدة يمكن للشركات البرتغالية استثمارها بما يسهم فى زيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات المتبادلة. وذكر السفير بسام راضى أن المباحثات تناولت كذلك آخر التطورات الخاصة بالأوضاع فى الشرق الأوسط والبحر المتوسط، حيث أعرب السيسى عن تقديره لموقف البرتغال المتفهم لحقيقة الأوضاع فى مصر من منطلق إدراكها للأهمية الاستراتيجية لمصر فى تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقتين، ولأهمية دورها فى إطار مكافحة الإرهاب باعتباره أحد أكبر التحديات التى تواجه آمال شعوب المنطقة فى تحقيق التنمية الشاملة. وقد أعرب الرئيس البرتغالى فى هذا السياق عن تثمينه للنجاحات التى تحققها مصر على صعيد الحرب على الإرهاب، مشيراً إلى دعم بلاده لجهود مصر فى هذا الإطار. كما تناولت المباحثات تداعيات ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين، حيث أكد الجانبان أهمية التعامل مع تلك الموضوعات من منظور شامل يتضمن معالجة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى أدت إلى تزايدها خلال الفترة الماضية، بما فى ذلك العمل على تضافر الجهود الدولية للتوصل إلى تسويات للأزمات القائمة بدول المنطقة. كما تم التأكيد أن التعاون المصرى الأوروبى يُمثل مصلحة مشتركة تضيف لرصيد العلاقة المتميزة بين الجانبين، خاصة فى ظل استضافة مصر لملايين من اللاجئين، فضلاً عن جهودها فى ضبط سواحلها، مما أدى إلى عدم رصد أى حالة للهجرة غير الشرعية منذ سبتمبر 2016. وأضاف السفير بسام راضى أن المباحثات المصرية البرتغالية تطرقت كذلك لآخر مستجدات الأوضاع الإقليمية والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة فى ضوء ما تشهده بعض دول المنطقة من أزمات متفاقمة، حيث توافقت الرؤى على ضرورة تغليب الحلول السياسية والتسويات السلمية للأزمات القائمة، ومنح الأولوية القصوى لإنهاء المعاناة الإنسانية لشعوب الدول التى تشهد أزمات، وتعزيز جهود استعادة الاستقرار بها، فى إطار الحفاظ على وحدة أراضى هذه الدول وسيادتها وتماسك مؤسساتها. وكان «السيسى» ونظيره البرتغالى قد شهدا مراسم التوقيع على 3 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين مصر والبرتغال فى المجال الاقتصادى، ومنها بروتوكول تعاون بين جامعة عين شمس وجامعة بورتو البرتغالية، ومذكرة تفاهم بين الهيئة الاقتصادية لقناة السويس والجانب البرتغالى. ومن المقرر أن يشارك الرئيس البرتغالى اليوم فى افتتاح منتدى الأعمال المصرى البرتغالى، الذى ينظمه الاتحاد المصرى للغرف التجارية بالتعاون مع الوكالة البرتغالية للتجارة والاستثمار، بحضور وفد من رجال الأعمال من البلدين.