إذا كنت من الأذكياء.. ستصبح ثرياً على غرار الأختين آرابيلا وجادين داهو «15 و17 عاماً»، فقد حققت المراهقتان ثراءً كبيراً من تجارة من نوع جديد، هى تجارة «الحسابات الوهمية» على مواقع التواصل الاجتماعى، بإضافة تعليقات هذه الحسابات الوهمية على صفحاتهما بالفيس بوك وعلى تويتر، لتحقيق أعلى معدلات للزيارات واللايكات والتعليقات، وبالتالى جذب الشركات والمؤسسات والمستثمرين للإعلان على صفحة كل منهما من منطلق عدد الزوار الكبير الوهمى، والمثير فى الأمر أن كثرة الزوار الوهميين يشجع زوار حقيقيين على زيارة الصفحة والتعليق أو عمل لايكات، وبالفعل تحولت الشقيقتان الأمريكيتان إلى مؤثرتين فى ترويج الإعلانات مما يحقق لهما مكسباً سنويا يزيد على 100 ألف دولار سنوياً، من خلال العمل مع شركات كبرى مثل «أمازون» و«ديزنى» و«ناينتندو» وغيرها بنشر تغريدات عن منتجاتها، وكشف تقرير نشر حولهما فى صحيفة نيويورك تايمز أنهما اشتريتا من خلال حسابيهما على تويتر مئات آلاف المتابعين من شركات بيع الحسابات المزيفة، وأيضاً عن طريق والديهما وأشخاص آخرين يعملون معهما، ويطلق على من يتبعون هذا الأسلوب «المؤثرين»، وقد اعترفت شركات التكنولوجيا بأن قدرتها على مواجهة الحسابات المزيفة ومجموعات الحسابات الآلية محدودة، ولكن فى النهاية يتم التغاضى عن إنشاء الحسابات الوهمية والاستفادة بها، لأنه فى الواقع الكل مستفيد، فإنشاء حساب على «تويتر» على سبيل المثال، لا يتطلب أى تدقيق، وكما يستفيد المؤثرون من زيادة عدد المتابعين وإعادة نشر تغريداتهم، يستفيد «تويتر» كذلك من زيادة عدد الحسابات عليه نظرا لأن «تويتر» و«فيسبوك» و«جوجل» شركات مسجلة بالبورصة الآن، لذا تعتمد قيمتها على عدد المتابعين، حتى لو كان ثلثهم غير حقيقى كما أعلن «فيسبوك» مؤخراً، فيما أعلن «تويتر» أن قرابة 15% من المستخدمين الناشطين وعددهم 48 مليون مستخدم ليسوا إلا «حسابات مزيفة»، فيما يقول خبراء إن النسبة أكبر بكثير من ذلك. وقد باتت الحسابات الوهمية أيضاً سبيل لطالبى العمل والوظائف للحصول على أجور عالية من أصحاب العمل ، فأصحاب الأعمال أصبحوا يهتمون بنشاط الموظف المتقدم للحصول على عمل على وسائل التواصل الاجتماعى، ويعتبرون الإقبال على صفحاته معياراً على نشاطه وعامل مهم فى توظيفه وتحديد أجره، ومن هنا يسعى كثيرون لزيادة عدد متابعيهم -خاصة على «تويتر»- بشراء المتابعين وإعادة التغريد الآلى، وكما يشترى المؤثرون الحسابات المزيفة لتزورهم وتغرد بصفحاتهم، فإن السياسيين والمشاهير والنشطاء يشترون أيضاً المتابعين المزيفين، وتكسب شركات بيع المتابعين من تزوير الحسابات، وتستفيد مواقع ال «سوشيال ميديا» من زيادة الأرقام، فترتفع قيمتها السوقية. وتعتزم السلطات الأمريكية اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتعاملين فى تجارة الحسابات المزيفة على السوشيال ميديا، خاصة مع ظهور عشرات الشركات التى تقوم بتزييف الحسابات، وبيع المتابعين للمشاهير، والمؤثرين فى المجتمع من ساسة وقادة رأى وفكر. وحسب المدعى العام لولاية نيويورك، فإن ما تقوم به تلك الشركات من تزييف حسابات بأسماء أصحاب حسابات حقيقية يعد «انتحال شخصية» يعاقب عليه القانون، إلا أن التحقيقات القانونية لم تنجح للآن فى وضع يدها على من يقومون بإدارة سوق النصب على مواقع السوشيال ميديا، فيما تواجه شركات كبرى مثل «جوجل» و«فيسبوك» و«تويتر» انتقادات لتغاضيها عن انتشار الأخبار الكاذبة والتى تسهم الحسابات الآلية المزيفة فى اتساع نطاق انتشارها، وكشفت التحقيقات وجود أكثر من 3٫5 مليون حساب مزيف يتم بيعها لأكثر من مشترٍ، ليصل العدد إلى 200 مليون متابع، وذلك على موقع «تويتر» فقط، والمشترون لهذه الحسابات من كافة الاتجاهات والمهن، فمنهم سياسيون ومشاهير فن ورياضة، وحتى عدد من المحللين والخبراء الذين يظهرون على التليفزيونات، وأيضاً «نشطاء» يروجون لقضايا تكتسب زخماً بملايين الحسابات المزيفة، وتكشف أيضاً أن مؤيدى الرئيس دونالد ترامب ومعارضيه على السواء زبائن عند شركات بيع المتابعين المزيفين، ويحصل هؤلاء على ثروات هائلة من شركات الدعاية والعلاقات العامة التى تستخدمهم، ويدفع المؤثرون بضع سنتات مقابل آلاف المتابعين المزيفين والحسابات الآلية التى تعيد تغريد ما يبثون على صفحاتهم، ويحصل هؤلاء المؤثرون على آلاف الدولارات من حملات الترويج، فالمؤثر الذى لديه 100 ألف متابع على تويتر يحصل على ألفى دولار مقابل تغريدة ترويجية أو إعلان، بينما من لديه مليون متابع يحصل على 20 ألف دولار مقابل تغريدة ترويجية.