الذين يهاجمون مجلس النواب مخطئون بنسبة مائة فى المائة، وهم بذلك متجاوزون ولا يحكّمون عقولهم أو ضمائرهم. فهذا المجلس جاء أولاً بإرادة شعبية وبدون أدنى أى تزوير، والمصريون لأول مرة فى تاريخ المجالس النيابية لم يتم اللعب بأصواتهم سواء من المشرفين القائمين على شئون اللجان الانتخابية، أو تدخل جهة الإدارة.. فقد كانت هناك شفافية رائعة فى انتخابات النواب.. كما أن هذا المجلس جاء بعد ثورة 30 يونيه وجمع بين نوابه أطيافاً مختلفة من المصريين، ولم يكن حكراً على فئة دون الأخرى، كما اعتدنا فى كل البرلمانات السابقة التى كانت الغلبة فيها للحزب الوطنى بالتزوير والتدليس.. ولا يخفى على أحد ما حدث فى برلمان عام 2010، الذى أهدرت فيه الحكومة والحزب الوطنى كرامة المواطنين، ولا هو برلمان الإخوان الفاشل الذى شهد مهازل كثيرة ولم يكن أبداً معبراً عن المصريين. لماذا هذه الهجمة الشرسة الآن على هذا البرلمان الحالى ومن المستفيد من التطاول على النواب الذين يختلفون فكرياً وأيديولوجياً وتجمعهم إرادة واحدة وهى الحفاظ على الدولة المصرية، والتأسيس لدولة القانون من خلال تفعيل المواد الدستورية الواردة بالدستور.. الحقيقة التى لا يمكن لأحد أن ينكرها أن مصر عانت خلال العقود الماضية من ركود تشريعى ظاهر وواضح، ولم يجرؤ أى برلمان سابق أن يقترب من ترسانة القوانين البالية والعتيقة التى عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة للتطورات الحديثة فى البلاد والعالم أجمع.. كل ما فعلته هذه البرلمانات السابقة هو إصدار قوانين تتمشى مع سياسة الحكومات المتعاقبة العرجاء لتكريس حكم الفرد والتسبيح بحمده! ولا أحد ينكر أبداً أن معظم المجالس النيابية السابقة كانت ديكوراً لتزيين نظام الحكم ولم يكن لها أى تأثير يذكر سواء فى التعبير عن المواطنين الذين تم تزوير إرادتهم فى كل انتخابات جرت.. وهذا ما جعل الرئيس السابق حسنى مبارك عندما تم الاعتراض على تزييف هذه الإرادة أن يقول للمعترضين «خلوهم يتسلوا» وكلنا يعلم أن ترسانة القوانين البالية ظلت هى المسيطرة ولم يجرؤ برلمان واحد أن يقترب منها أو يفكر فى تعديلها أو تغييرها. الآن نحن أمام برلمان حقيقى جاء بإرادة المصريين ولديه سلطات واسعة أكثر من سلطات الرئيس نفسه ويعرض عليه التشكيل الوزارى ويبدى رأيه فى عملية الاختيار وهذا هو النظام الديمقراطى، فلماذا الهجوم أو التطاول على هذا البرلمان؟!.. ولا أكون مبالغاً إذا قلت إن مجلس النواب، يقوم بالفعل بثورة تشريعية تتوافق مع التطورات الحديثة بالبلاد ولديه رؤية حقيقية فى نسف كل القوانين القديمة البالية التى لم تعد مناسبة للواقع الحالى الذى تعيشه مصر حالياً بعد ثورتين عظيمتين فى «25 يناير» و «30 يونية».. فاللجنة التشريعية والدستورية بالبرلمان التى يرأسها المستشار بهاءالدين أبوشقة تقوم بجهد جبار فى تغيير التشريعات القديمة البالية واستبدالها بأخرى عصرية تتواءم مع فكرة إنشاء الدولة المصرية الحديثة. البلاد فعلاً فى حاجة شديدة الى قوانين عصرية تتجاوب مع حركة المجتمع الجديدة التى لم تعد القوانين القديمة تناسبها على الإطلاق.. فما يتم من ثورة تشريعية منذ بدء عمل مجلس النواب يتواكب مع الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية التى تمر بها مصر حالياً. لماذا إذن التشكيك فى إنجازات البرلمان الحالية.. ولماذا الهجوم على الدكتور على عبدالعال رئيس المجلس فى هذا التوقيت؟!.. الأمر باختصار شديد أن كل إنجاز حققته ثورة «30 يونيه،» هناك فئة ضالة تريد أن تقلل من شأنه ورغم كل الظروف القاسية التى تمر بها البلاد فإن مجلس النواب يؤدى دوره من أجل تفعيل المواد الدستورية، والقيام بثورة تشريعية حقيقية ونسف كل القوانين البالية التى لم تعد مناسبة الآن فى ظل التطورات الجديدة التى تشهدها البلاد، من أجل إعلاء سيادة القانون وتحقيق الدولة القانونية التى تحترم المواطن وتحفظ له كرامته وحقوقه. لن نعدد كثيراً من الإنجازات التى حققها مجلس النواب خلال دورى الانعقاد الماضيين أو دور الانعقاد الحالى، ولكن سنضرب أمثلة قليلة على ما تم، فى إطار حرص البرلمان على مواكبة ظروف العصر، وإصدار تشريعات جديدة تتوافق مع ذلك، فالكل أشاد بقوانين الاستثمار وما حققته على أرض الواقع والضمانات بالقوانين التى يستفيد منها المستثمرون وتساعد فى جذب الأموال الى البلاد، ولا أحد ينكر أهمية تشريع الرقابة الإدارية الذى يكافح الفساد الذى عانت منه البلاد وعلى مدار عقود طويلة، وقانون النقابات الذى ينظم عملها، وقانون المراقبة بالكاميرات حتى تكون هناك سرعة فى اكتشاف الجريمة أو منع وقوعها.. وأخيراً قانون الإفراج الشرطى بنصف المدة للمحكوم عليهم، ما يعنى أن هناك فلسفة جديدة فى فلسفة العقوبة.. ويواصل البرلمان دوره الآن فى تعديل قانون الإجراءات الجنائية وتفعيل الضمانات الدستورية التى تعود فى نهاية المطاف على المواطن، ولا ننسى قانون الهيئة الوطنية للانتخابات الذى يضمن عدم إى تزوير لإرادة المواطنين، ويتلافى كل المعاناة الشديدة التى تعرض لها المصريون من تزييف، ومن القوانين المهمة التى لم يجرؤ أى برلمان إصدار تشريع بشأنها قانون الكنائس الذى شهد جلسة تاريخية أكدت حق المواطنة. هذه نماذج قليلة من التشريعات التى أصدرها مجلس النواب الذى يتعرض لهجوم من قلة تريد تشويه هذه الانجازات، وتنال من الثورة التشريعية التى تواكب التطورات الجديدة فى ظل بناء مصر الحديثة العصرية، وأجزم فى هذا الصدد أن الذين يسعون الى هدم الإنجازات سواء فى البرلمان أو غيره من المشروعات التى تؤسس لمصر الجديدة هم أكثر وأشد هدماً من الإرهاب. [email protected]