رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية ان المواجهة القادمة فى الشرق الأوسط ستكون بين ايران وتركيا . واوضحت الصحيفة فى مقال للكاتب "سونر ساجابتى" ان الظروف الحالية التى تمر بها المنطقة ، ستجعل المواجهة بين البلدين لا مفر منها . واشارت الصحيفة الى ان التحذير الذى وجهه الجنرال ميجور " يحيى رحيم صفوى " المستشار العسكرى للمرشد الاعلى للثورة الايرانية ، لأنقرة بضرورة ان تعيد تركيا النظر فى سياساتها تجاه سوريا وإلا ستواجه العديد من المشاكل سواء من داخل تركيا او من جيرانها ، لم يكن مستغربا ، فكلما اشتدت الضغوط الدولية على نظام الرئيس السورى "بشار الاسد" ، تتحرك ايران حليفه الاكبر لتخفيف الضغط . كما ان التنافس التركى الايرانى على النفوذ فى المنطقة لم يكن حديث العهد ، بل انه يعود الى قرون سابقة عندما كانت الامبراطورية العثمانية قائمة ، وكان الصفويون يحكمون فى ايران ، ولكن التنافس خفت حدته لفترة وجيزة خلال القرن العشرين عندما بدأت تركيا تنظر الى الداخل التركى ، دون التركيز على النفوذ فى الشرق الأوسط . وخلال العقد الماضى نهضت تركيا اقتصاديا واصبحت قوة اقليمية كبيرة تحت قيادة حزب العدالة والتنمية . ومن خلال مواقفها من الانتفاضة الشعبية فى سوريا والاوضاع الطائفية فى العراق والملف النووى الايرانى ، اصبحت تركيا تمثل تحديا مزعجا لإيران وطموحاتها للهيمنة على المنطقة ، ومع ذلك لم تهتم تركيا منذ تولى حزب العدالة والتنمية المسئولية عام 2002، بالتنافس مع ايران بل ان العلاقات التجارية والسياسية تحسنت وشهدت دفئا كبيرا ، واتفق البلدان على دعم القضية الفلسطينية ، ولم تنشغل تركيا كثيرا بأى تهديد من البرنامج النووى الايرانى . كما ان المصالح والاهداف المشتركة جمعت البلدين فى الحرب العراقية ، حيث توقف الدعم الايرانى لحزب العمال الكردستانى الذى يشن هجمات على تركيا ويمثل معضلة للحكومة التركية ، بل ان طهران قامت بعد انتهاء الحرب فى العراق بقصف مواقع الحزب التى سمحت له مسبقا باقامتها على اراضيها، وكان ذلك بمثابة نقطة تحول ايجابية فى العلاقات التركية الايرانية . ومنذ انطلاق الربيع العربى العام الماضى والازمة السورية ، دخلت العلاقات بين انقرةوطهران مرحلة من التوتر ، لاختلاف المصالح والتوجهات . فقد وقفت تركيا مع الثورة السورية ، بينما دعمت ايران النظام السورى . وقالت الصحيفة ان الانتفاضة السورية اصبحت لعبة محصلتها صفرا ، اما يكسب الرئيس "بشار" او تنتصر المعارضة الشعبية، وبالمثل اصبحت ايضا حربا بالوكالة بين تركيا وايران وسيكون بالطبع الفائز واحدا وليس الاثنين . ومن المؤكد انه فى ظل الدعم التركى للمعارضة السورية ، ستلوح ايران بدعم حزب العمال الكردستانى مرة اخرى ، والذى ادت هجماته على تركيا الى مقتل مايقرب من 150 تركيا منذ صيف 2011 . وحركت المواجهة بين البلدين حول الملف السورى ، خطوط المواجهة فى الملف العراقى ، حيث يدعم الاتراك والايرانيين معسكرين متنافسين هناك ، وهما حزب الدعوة بقيادة رئيس الوزراء الحالى الشيعى "نورى المالكى" المدعوم من ايران ، بينما تدعم تركيا جبهة "اياد علاوى" العلمانية ، وبعد فوز جبهة "المالكى" فى انتخابات عام 2010 ، حققت ايران نصرا على تركيا فى العراق . ويعتبر دعم تركيا لحلف الناتو ، والسماح للحلف بنشر صواريخ على اراضيها احد محاور الخلاف بين البلدين ، حيث هددت ايران بضرب تركيا فى حالة انطلاق اى تهديد لطهران من الاراضى التركية . وتوقعت الصحيفة ان تلجأ ايران الى استخدام وحدة " قوة القدس " المدربة فى الحرس الثورى الايرانى فى تنفيذ عمليات بالتعاون مع حزب العمال الكردستانى ضد اهداف تركية . وختمت الصحيفة بأنه اذا كانت تركيا وايران تريدان استعادة تنافس و نفوذ القوى القديم فى الشرق الاوسط ، فعليهما ان يدركا ان الوضع يسمح اما بوجود سلطان تركى او شاة ايرانى ، ولا يسمح بوجود اثنين معا !