مديرية تعليم القليوبية تطلق مسابقة "أجمل مدرسة" لتعزيز الإبداع والنظافة بين الطلاب    لليوم الخامس.. استمرار تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بسوهاج    هيئة الطاقة الذرية تتسلم شهادة التجديد الثانية للأيزو ISO 21001:2018 لمركز التدريب    الكنيسة تحيي تذكار رحيل القمص سمعان شحاتة    وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي لوحدات سكن موظفي العاصمة بمدينة بدر    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    اتصالات مكثفة لوزير الخارجية مع نظرائه استعدادًا لقمة شرم الشيخ للسلام    شوبير يكشف كواليس بداية عمل الدنماركي توروب مع الأهلي    «تدخل لعدم سحب فرع ميت عقبة».. أمين صندوق الزمالك يفجر مفاجأة    الداخلية: مقتل 4 عناصر خطرة بالقليوبية وضبط مخدرات ب106 ملايين    الأمن يكثّف جهوده لضبط سائق التريلا الهارب بعد حادث طريق قفط – القصير في قنا    نجوم هوليوود ينعون ديان كيتون: فقدنا قيمة حقيقية.. جميلة وذكية وغير عادية    محمد رضوان: أصدق معيار للنجاح عندما يناديني الجمهور باسم الشخصية| خاص    طارق العريان يوجه رسالة لمنتقدي «السلم والثعبان 2»    فرانس برس عن مصدر في حماس: الحركة لن تحكم قطاع غزة في المرحلة الانتقالية بعد انتهاء الحرب    المؤشر الرئيسي للبورصة يواصل تراجعه بمنتصف التعاملات بضغوط هبوط أسهم قيادية    محافظ الدقهلية يتفقد مديرية الصحة ويؤكد التعامل الفوري مع جميع البلاغات    بني سويف: تجهيز قسم العلاج الطبيعي بوحدة قمن العروس بالواسطى تمهيدا لافتتاحه    رئيس الوزراء الباكستاني يدين استفزازات أفغانستان ويتوعد برد قوي    مستوطنون إسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى    ضبط 106074 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    بالأرقام.. جهود الداخلية خلال 24 ساعة لتحقيق الأمن ومواجهة الجريمة    ضبط دجال بالإسكندرية بتهمة النصب على المواطنين بادعاء العلاج الروحاني    المفوض الأممي لحقوق الإنسان يدين استمرار قتل وإصابة المدنيين في الفاشر بالسودان    «التضامن»: 121 زيارة رقابية لدور الرعاية وتحرير 8 محاضر ضبط قضائي خلال سبتمبر    الرئيس السيسى يتابع مع شركة أباتشى الموقف الاستكشافى للمناطق الجديدة    امير كرارة ومصطفى قمر وشيكابالا في العرض الخاص لفيلم «أوسكار عودة الماموث»    بدء توافد النجوم على مؤتمر مهرجان القاهرة ولبلبة والعدل وأحمد مجدى أول الحضور    تعرف على مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم فى كفر الشيخ    هولندا في مواجهة قوية أمام فنلندا ضمن تصفيات المونديال    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-10-2025 في تصفيات أوروبا لكأس العالم والقنوات الناقلة    محافظ أسوان يتابع استكمال تشغيل المراكز الطبية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    رئيس«المؤسسة العلاجية» يتفقد مستشفى دار الولادة لمتابعة جودة الخدمات الطبية    «التضامن» تقر قيد 4 جمعيات في 3 محافظات    أحمد حسن: نسعى لحل مشاكل المنتخب الثاني قبل كأس العرب.. ومجموعتنا تضم ثنائي في المونديال    رحيل فارس الحديث النبوى أحمد عمر هاشم.. مسيرة عطاء فى خدمة السنة النبوية    أسبوع الانتصارات    حرق الرموز وصناعة النجوم: تسريب وترويج وتشويه وتريند    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 12اكتوبر 2025 فى المنيا    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-10- 2025 والقنوات الناقلة لها    الرئيس السيسى : حماية المياه تمثل قضية مصيرية ولم تعد شأنا محليا أو إقليميا    وزارة التعليم تحدد 3 امتحانات بالفصل الدراسى الواحد .. اعرف المواعيد    كلية الإعلام جامعة القاهرة تحصل على تجديد الأيزو في جودة الجهاز الإداري    تعرف علي أسعار البنزين والسولار صباح اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    العظمى في القاهرة 28 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    قيادي ب فتح يدعو حماس لإجراء مراجعة وإنهاء حكمهم في غزة.. ويطالب مصر باحتضان حوار فلسطيني-فلسطيني    سفارة قطر بالقاهرة تعرب عن بالغ حزنها لوفاة ثلاثة من منتسبي الديوان الأميري في حادث    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    رسميًا.. مواعيد صرف مرتبات أكتوبر 2025 للمعلمين والأشهر المتبقية من العام وجدول الحد الأدني للأجور    مثقل بمشاكل العائلة.. حظ برج الدلو اليوم 12 أكتوبر    السيسي يستقبل «العناني»: الفوز الساحق بمنصب مدير عام «يونسكو» إنجاز تاريخي يعكس المكانة الرفيعة لمصر    مسلسل لينك الحلقة الأولى.. عائلة ودفء وعلاقات إنسانية ونهاية مثيرة    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد شومان يكتب : رسائل تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة ودلالاتها
نشر في الوفد يوم 14 - 12 - 2016

يحمل التفجير الإرهابي في الكنيسة البطرسية رسائل ودلالات كثيرة، أهمها أن معركة مصر مع الإرهاب لن تنتهي قريباً، فالمواجهة الأساسية تدور في شمال سيناء منذ أكثر من عامين، ويبدو أن حصار الإرهابيين هناك وقرب القضاء عليهم يدفعهم للتسلل إلى القاهرة، وتوجيه ضربات يائسة لكنها موجعة ومزعجة للأمن والاستقرار والاقتصاد والأهم لنسيج الوحدة الوطنية.
بهذا المعنى فإن الإرهاب وهو في أضعف مراحله يحاول نقل المعركة إلى القاهرة والدلتا، ففي يوم الجمعة الماضي ضرب الإرهاب كميناً أمنياً ثابتاً بجوار أحد المساجد في حي الهرم غرب القاهرة، واستشهد ضابطان وأربعة جنود، وفي اليوم نفسه ألقيت عبوة ناسفة على دورية للأمن في كفر الشيخ شمال دلتا النيل، أدت إلى وفاة مواطن وإصابة اثنين من رجال الشرطة. ويوم الأحد الماضي جاءت الضربة الأقوى، وغير المتوقعة، حيث فجَّر إرهابي نفسه في إحدى الكنائس التاريخية، الملاصقة للكاتدرائية المرقسية في شرق القاهرة؛ المقر الرسمي للكنيسة المصرية. وقع الانفجار في يوم عطلة بمناسبة المولد النبوي الشريف، تصادف أن كان يوم الأحد حيث يذهب المسيحيون بكثرة للصلاة، فهم في فترة صيام، لذلك كان الانفجار موجعاً وأسقط 25 شهيداً و53 مصاباً غالبيتهم من النساء والأطفال. عدد الضحايا، وأماكن الضربات الإرهابية، وأساليب التنفيذ، والتوقيتات، كلها رموز ورسائل يوجهها الإرهاب للمصريين - مسلمين ومسيحيين بلا تمييز - قبل أن يوجهها لجمهورية السيسي التي تخوض حرباً أمنية وسياسية وإعلامية لاهوادة فيها ضد الإرهاب الذي يمارسه عديد من التنظيمات التكفيرية الظلامية، علاوة على بعض أجنحة الإخوان المسلمين، حيث أثبتت التحقيقات تورط بعض عناصر الإخوان في عمليات إرهابية. ويمكن القول إن عنف حرب الدولة على الإرهاب وجديته قد ولدا نقيضهما، أي مزيداً من العنف والإرهاب، اللذين استهدفا ولأول مرة منذ عزل محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) 2013 كنيسة في قلب القاهرة وبجوار الكاتدرائية، كما استخدم للمرة الأولى أسلوب العمل الانتحاري.
قصد الإرهاب أن تتلاحق ضرباته في غضون ثلاثة أيام وبحيث تبدو وكأنها موجة قد تتلوها موجات بهدف التشكيك في قدرة الدولة على حفظ الأمن والاستقرار، وبالتالي قدرتها على جذب الاستثمار الخارجي الذي تراهن عليه خريطة الإصلاح الاقتصادي بعد الاتفاق مع صندوق النقد. أيضاً قصد الإرهاب إفساد موسم السياحة الذي بدأ في استعادة بعض عافيته، وبالتالي الإضرار بالاقتصاد. وقصد الإرهاب أخيراً الانتقام من الكنيسة لموقفها الداعم لتدخل الجيش وإنهاء حكم الإخوان ودعمها المستمر للرئيس السيسي. الدولة قابلت رسائل ورموز الإرهاب برسائل أكثر فاعلية وإجراءات عملية لا تخلو من دلالات مهمة، فقد انتفضت أجهزة الدولة وأُعلن الحداد العام واعتبر القتلى شهداء للواجب، وشُيّعت الجثامين في جنازات عسكرية مع حضور رسمي وشعبي واسع تصدره الرئيس السيسي، الذي قدم للشعب المصري وليس للمسيحيين فقط التعازي والمواساة، لأن الإرهاب يستهدف المصريين من دون تمييز، وفي الوقت نفسه كشف السيسي عن اسم منفذ العملية الانتحارية والخلية الإرهابية التي ينتمي إليها، مؤكداً إلقاء القبض على أفرادها، وأعلنت الداخلية في بيان رسمي التفاصيل.
الرسائل القوية المتبادلة بين الدولة والإرهاب لم تمنع من إثارة بعض الجدل والنقاش حول عدد من القضايا المهمة التي يجب على الدولة والمجتمع الاهتمام بها حتى يمكن الفوز في المعركة ضد الإرهاب، والحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى الدولة الوطنية المصرية: - أولاً: محاولات التوظيف السياسي وربما الطائفي لتفجير الكنيسة، حيث سعى بعض النشطاء إلى فتح ملف المشكلات التي يعاني منها المسيحيون وبعض مظاهر التمييز التي تمارس ضدهم في المجتمع نتيجة انتشار فكر الإخوان وبعض الجماعات السلفية المتشددة، وأعتقد بأنها مشكلات حقيقية نشأت بسبب عدم تجديد الخطاب الديني وانتشار الفقر والأمية وتراجع مستويات التعليم وغياب قيم التسامح والتعايش المشترك، لكن قناعتي أن توقيت طرح هذه المشكلات غير مناسب لأنه يعزز من رسالة الإرهابيين ويحقق هدفهم في ضرب الوحدة الوطنية، وعلى كل الأطراف أن تعي أمرين الأول، أن ضربات الإرهاب لا تميز بين مسلم ومسيحي، وأن الآثار الأمنية والاقتصادية المترتبة عن نجاح الإرهاب تلحق الضرر بعنصريّ الشعب المصري. الأمر الثاني إذا كانت هناك مشكلات للمسيحيين في ظل جمهورية السيسي فإنها لا يمكن أن تقارن بأوضاعهم في ظل حكم الإخوان لو قدر له الاستمرار، حيث كانوا سيعاملون كأهل ذمة وليسوا كمواطنين، والتشكيك في سلامة الإجراءات الأمنية، حيث رصدت تقارير صحافية عدم وجود بوابات أمنية عند مداخل الكنيسة البطرسية، ما دفع البعض لتوجيه اتهامات للدولة بالتقصير في حماية المسيحيين، ليس فقط في حماية الكنيسة البطرسية، وإنما في حماية كثير من الكنائس في قرى صعيد مصر، حيث تعرضت لاعتداءات بعض المتطرفين، ويضيف هؤلاء النشطاء إن قانون بناء الكنائس لم يُفعّل حتى اليوم، كما أن القضاء لم يصدر أحكاماً بحق المتهمين بالاعتداء على كنيسة القديسين نهاية 2010 وغيرها من حوادث الاعتداء على كنائس بعد ثورتي 25 يناير، و30 يونيو. والحقيقة أن كثيراً من هذه الوقائع صحيحة، ويمكن أن أضيف إليها الشكوى الدائمة والمتكررة من عدم تنفيذ القانون في الصدامات التي تقع بين مسلمين وأقباط في بعض قرى صعيد مصر، والاعتماد على المجالس العرفية لتسوية أي صدامات أو فتن طائفية. لكن المؤكد أن الدولة لا تتعمد عدم تطبيق القانون في حوادث التوتر الطائفي لأن إجراءات التقاضي لم تحدد المتهمين في أغلب الحوادث، أما مسألة التقصير الأمني فهي قضية شائكة لأن العمليات الانتحارية قادرة على اختراق أي إجراءات أمنية وقد حدث ذلك في عواصم دول متقدمة، وإذا كانت هناك سلبيات في تأمين بعض المواقع أو قصور في تنفيذ الخطط الأمنية فإنها أمور غير مقصودة، وأخطاء دفع ثمنها شهداء من رجال الشرطة، ومن المؤكد أن هناك دروساً مستفادة وتطويراً مستمراً في الخطط الأمنية، وأداء رجال الشرطة. ثالثاً: منذ الإطاحة بحكم الإخوان يمكن تقسيم الأعمال الإرهابية إلى ثلاثة أنواع، الأول: السيطرة على شمال سيناء ومحاولة إعلان جمهورية إسلامية، الثاني: إفشال الدولة وعدم تمكينها من تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين مثل الأمن والكهرباء والتعليم، لذلك شهد عاما 2013 و2014 عمليات تفجير أبراج الكهرباء والشغب في الجامعات. أما النوع الثالث فهو الانتقام من رجال الشرطة والجيش ورجال القضاء وبعض رجال الدين والشخصيات العامة. وأتوقع أن مهاجمة الكنائس والمسيحيين ستشكل النوع الرابع والجديد، الذي ستمارسه الجماعات الإرهابية في محاولة لإحراج الدولة والانتقام من الكنيسة، ما يعني أن الجماعات الإرهابية توسع مجال حركتها وتضاعف من أهدافها المفترضة وهو ما يلقي على الدولة والأجهزة الأمنية أعباء أكبر، ويتطلب إجراءات أمنية غير تقليدية.
رابعاً: القضية الأخيرة تتعلق بكيفية مواجهة الإرهاب، حيث ارتفع عديد من الأصوات في البرلمان وفي الإعلام يطالب بتسريع إجراءات التقاضي وتحويل بعضها إلى القضاء العسكري ولوّح برلمانيون بإمكانية تعديل الدستور وإصدار قوانين أكثر تشدداً في مواجهة الإرهاب، وأعتقد بأن الحل القانوني أو الأمني لا يكفيان لدحر الإرهاب، وإنما لابد من تنفيذ إستراتيجية شاملة تمزج ما بين الحلول الأمنية والقانونية والسياسية ومحاربة الفقر والأمية والأفكار المتطرفة، فالانتصار على الجماعات الإرهابية المسلحة في سيناء أو بعض الخلايا داخل مصر لا يعني الانتصار النهائي، لأن الجذور الفكرية والمسببات الاجتماعية - الاقتصادية ستظل قائمة وستعيد إنتاج أفكار وجماعات متطرفة، لذلك من الضروري توسيع المجال العام واحترام الحريات وحقوق الإنسان ومحاربة الفكر المتطرف الذي ينتج هذه الجماعات، والأهم إصلاح البيئة الاجتماعية والتعليمية الحاضنة لهذه الأفكار، ما يتطلب خططاً طموحة للتنمية والحد من معدلات الفقر والبطالة والنهوض بالتعليم بخاصة التعليم الديني، والإشكالية أن الأوضاع الاقتصادية الحالية والخطط المطروحة غير قادرة على الوفاء بهذه المتطلبات على الأقل في المدى القصير.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.