حقا وصدقا.. اكتب يا تاريخ، وسجل يا تاريخ، واشهد يا تاريخ.. فها هو الشعب المصري يخرج عن بكرة أبيه بكل أشكاله وأعماره وفئاته في ثورة لم تحدث منذ عشرات السنين، ثورة سلمية بيضاء مطالبًا بحقه في حياة حرة كريمة في ظل دستور قويم وديمقراطية حقيقية سليمة غير مزيفة ولا مزورة وحكومة إنقاذ وطني تعمل علي حل مشاكل البطالة ونقص الدواء وارتفاع الأسعار وتناقص السلع الأساسية وأهمها أزمة رغيف العيش التي قامت منذ أكثر من عشر سنوات - ولا تزال - مطالبين أيضا بالتغيير الكامل، فوصل الأمر إلي حد المطالبة بإسقاط النظام الذي استمر ثلاثين عاما يعامل الناس بقانون الطوارئ، وغيره من القوانين سيئة السمعة - ولعل الانتخابات المزورة في 11/28 و2010/12/5 كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فحاول النظام إنقاذ نفسه - وهو فعلا في النزع الأخير.. يتهاوي ويتساقط ركنا بعد ركن، ولا يمكن أن ننسي جرائم النظام في التعامل مع المظاهرات السلمية باطلاق الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز الخانق مما أدي إلي تساقط العشرات تلو العشرات من الشهداء حتي قارب العدد ثلاثمائة شهيد، بخلاف المصابين بالجروح والكسور والعاهات وهي أعداد جاوزت الألف مصاب في القاهرة وباقي مدن الجمهورية - وعندما نفدت ذخيرة القوات الحكومية انسحبوا واختفوا تاركين الميدان وتاركين مواقعهم ومراكزهم بعد احراقها واطلاق المجرمين والبلطجية من السجون وأقسام ومراكز الشرطة، بل توجيههم إلي العدوان علي الشعب واقتحام المتاجر والمنازل لترويع الآمنين ونهب وسلب البضائع والأموال، وتلك جريمة كبري وخيانة عظمي، إلي جانب اختفاء الدقيق من المخابز والبنزين من المحطات والسلع الغذائية من الأسواق - أي أن غرض المجرمين ترويع وتجويع الشعب، وهو مخطط دنئ أصبح ملموسا ومكشوفا للجميع، فنزل الجيش المصري الباسل لانقاذ مصر من ذلك المخطط الخطير، وبعد أربعة أيام يتحرك رأس الدولة ليقيل الحكومة ويعين له نائبا بعد رفض إقالة 7الحكومة لخمس سنوات مضت ورفض تعيين نائب منذ ثلاثين عاما خلت، وهي محاولة يائسة مقضي عليها بالفشل، ولعلي أسجل هنا أن حكومة نظيف حازت كراهية الناس لثلاث سنوات أو اكثر، وها هي تسقط مقالة مطرودة بعد أن قال رئيسها نظيف ذات يوم إن نجاح أربعة عشر وزيراً في الانتخابات المزورة عام 2010 دليل شعبيته وشعبية حكومته..!! وهي كلمات مزرية ومثيرة للسخرية - فأرجو أن يجيبني سيادته بعد أن احرق الناس مقار الحزب الوطني في القاهرة وكثير من المدن والقري - فهل هذه الحرائق دليل شعبية الحزب وحكومته..؟!! لا شك أنه لن يجيب ولعلي أشير له ولرئيس الجمهورية السابق أننا لم نلاحظ حكومة اخري تجاملهم أو تحرص علي بقائهم قدر ما كان من حكومة اسرائيل - وهل هذا دليل الشعبية الكاسحة والاغلبية بنسبة 99٪ كما فعل المهندس أحمد عز والمهندس حبيب العادلي - أي مهندس تزوير الانتخابات الاخيرة..؟!!! إنني كمواطن مصري وفدي أري النظام يتهاوي بعد أن سحب الشعب السجادة من تحت اقدامهم - أو بتعبير ادق سحب الثقة من النظام بأكمله، وهو الآن في النزع الاخير - وليس السقوط فقط هو المطلوب بل مطلوب أيضا محاسبة ومحاكمة كل مسئول عن دماء الشهداء.. فأرواح الشهداء تشكو الآن إلي ربها الظلم والقتل بغير حق، وصرخات المصابين وأنين الثكالي والأيتام تشكو لربها وللقضاء الظلم والقهر والعدوان الآثم المتعمد بغير حق علي أرواح ودماء الابرياء من بني مصر.. فلابد من محاكمة كل مسئول أمر باطلاق الرصاص علي المتظاهرين أو استعمال قنابل الغاز وغيرها ثم الهروب من الميدان والعمل علي ترويع وتجويع الناس.. إنها جرائم مركبة أو متعددة، ولابد من محاكمة ولابد من حساب.. فلن تذهب هذه الارواح والدماء سدي - لا قدر الله - فعدالة السماء باقية، وشهادة التاريخ قائمة، ولن يفلت المجرمون من العقاب.. ثم تتحمل وزارة الداخلية تعويضات الورثة والمضرورين والمصابين وإتلاف الدور والمحلات.. وإن كان هذا لا يكفي إلا أنه ابسط واقل تعويض، وسوف يذهب النظام الظالم.. وتبقي مصر مرفوعة الرأس موفورة الكرامة.. وإني لاحتفظ للشعب بالتهنئة حتي تصل إلي غاية ما نرجوه - إن شاء الله - اليوم أو غدا بملء الكلمة وغداً سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. محام بالنقض وعضو الهيئة العليا للوفد