ضاعف قرار البنك المركزى الخاص بتحرير سعر صرف الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية «تعويم الجنيه»، الأعباء على الصحافة الورقية فى مصر، التى تعانى قطعاً مشاكل مالية واقتصادية نتيجة التراجع الكبير فى معدل التوزيع، حيث وصل معدل توزيع الصحف فى مصر إلى أقل من مليون نسخة فى اليوم، وهو معدل ضئيل جدًا لا يضاهى توزيع جريدة محلية بأحد أحياء أوروبا، وفقاً لتصريحات نقيب الصحفيين يحيى قلاش. وجاء قرار البنك المركزى بتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ليضاعف التكلفة على الصحافة الورقية من خلال ارتفاع أسعار ورق الطباعة إلى ما يقرب من 77% لمستلزمات خامات طباعة الصحف، الامر الذى وضع مهنة الصحافة بالفعل أمام اختبار البقاء، ووضع آلاف الصحفيين فى مواجهة تحديات فرضت عليهم رغم ظروفهم التى وصفت ب«الكارثية». وتعددت أسباب هبوط مستوى معدلات بيع الصحف الورقية فى مصر إلى العديد من الأسباب والمستجدات التى ظهرت خلال السنوات الاخيرة والتى من أبرزها، التدفق الهائل فى المعلومات وما يعرف بالثورة التكنولوجية وتحويل العالم لما يشبه «القرية الصغيرة» من خلال ظهور أشكال كثيرة من وسائل التكنولوجيا الحديثة التى ساهمت بشكل فعال فى الانتشار الواسع للمواقع الإلكترونية الإخبارية «الصحافة الالكترونية»، ووسائل التواصل الاجتماعى «سوشيال ميديا» وانتشار الفضائيات وغيرها من وسائل الاتصال الأخرى التى عززت من فرصة الحصول على المعلومة بسهولة ودون تكلفة تذكر. وحذر معنيون بأوضاع الصحافة الورقية من آثار وصفها بعضهم ب«الكارثية» على مستقبل الصناعة فى مصر، عقب ارتفاع أسعار خامات الطباعة، إثر قرار البنك المركزى ب«تعويم الجنيه» فى 3 نوفمبر الماضى، حيث أصدرت نقابة الصحفيين بيانًا، أعربت فيه عن قلقها من استمرار انهيار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للصحفيين وتدنى أجورهم بشكل ينذر بالخطر، رغم طرح هذه القضية بين النقابة وجميع المسئولين، وصدور حكم قضائى بضرورة وضع حد أدنى لأجور الصحفيين. وأكد يحيى قلاش نقيب الصحفيين، فى البيان، أن القرارات الاقتصادية الأخيرة انعكست على أوضاع المؤسسات، والصحفيين الذين يعانى بعضهم البطالة، بعد إغلاق صحفهم منذ عدة سنوات، وطالب نقيب الصحفيين، المجلس الأعلى للصحافة بعقد اجتماع عاجل نهاية الأسبوع، لبحث هذه التداعيات، واستمرار الاتصالات برئيس الحكومة، ووزير التخطيط بصفته رئيس المجلس القومى للأجور، لبحث سبل إيجاد حلول عاجلة لهذه القضية خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية، التى باتت معها قدرة الزملاء على مزيد من التحمل تكاد تكون مستحيلة. وأشار نقيب الصحفيين، إلى الاجتماعات التى شارك فيها، وأمين الصندوق فى اللجنة، التى شكلها رئيس الوزراء من النقابة والمجلس الأعلى للصحافة ووزارة المالية، لبحث الأحكام الصادرة، لصالح عدد من الصحفيين بأحقيتهم فى الحصول على بدل التدريب وقواعد صرف هذا البدل وتأكيد النقابة على أحقية جميع الصحفيين أعضاء النقابة فى الحصول على هذا البدل والمطالبة بزيادته سنويا وضرورة ربط هذا الموضوع بقضية أجور الصحفيين وتحسين أوضاعهم الاقتصادية. وقال قلاش : ل«الوفد» إن مستلزمات خدمات الطباعة بلغ فيها سعر طن الورق الواحد نسبة ارتفاع 77% بعد قرار «تعويم الجنيه» الأمر الذى انعكس سلباً على الصحف والصحفيين حيث أضحى الأمر غير قابل للاستمرار بهذا الشكل، مطالباً الدولة والمسئولين بالاهتمام بأوضاع الصحافة فى مصر لكونها جزءًا من الأمن القومى للبلاد وحقًا أصيلًا للشعب المصرى فى المعرفة والثقافة. واكد «قلاش» أن الصحافة ليست سلعة استراتيجية وليست سلعة تجارية وأنها حق للشعب مكتسب يجب على الدولة دعمه ومساندته لأنها صمام الأمان وتخلق توازنًا داخل المجتمع وهى جزء أصيل من الأمن القومى المصرى، مستنكراً عدم تنفيذ الحكم القضائى الخاص بتحديد الحد الأدنى للأجور، مؤكداً أن الاجتماع المقبل بين المجلس الأعلى للصحافة بصفته مسئولًا عن الصحف ونقابة الصحفيين بصفتها مسئولة عن الصحفيين، سوف يناقش هذا الأمر ويخرج بتوصيات مهمة. وقال صلاح عيسى أمين عام المجلس الأعلى للصحافة، إن هذه الآثار لن تمتد على الصحف الورقية فقط، بل سيمتد الركود إلى صناعة الطبع والنشر بأكملها خلال الفترة المقبلة. وأضاف عيسى، أن بعض الصحف قد تلجأ إلى تقليل عدد الصفحات أو تخفيض تكاليف الإنتاج أو رفع ثمنها، ولكن هذا ليس سهلاً لأنه حين زاد سعر الصحف فى الفترة الأخيرة إلى جنيهين، مثل هذا أعباء على الجرائد. وحول إمكانية مطالبة الدولة بتقديم الدعم للصحف المطبوعة، صرح عيسى بأنه اقتراح من الممكن طرحه ولكنه مستبعد فى ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، وفى ظل قصرها على دعم الصحف القومية التى بدأت تتعرض لخسائر.