تسعة أيام من القتال الدامي الذي أطاح بحياة كل من وقف أمامه، من أبناء للوطن، وأخوة للعرب، وجنود مدافعون عن الأرض والعرض.. يومها سجل الاحتلال الإسرائيلي أبشع مجازره على الإطلاق، شهدت عليها مدينة "خان يونس" الفلسطينية. ستون عامًا، ولازالت ذكرى المذبحة عالقة في الأذهان، وقتما اجتاح جيش الاحتلال المزعوم، مخيم اللاجئين "خان يونس" داخل المدينة جنوبي قطاع غزةالفلسطيني، مستبيحًا حق وحرمة كل ما يقابله، مخلفًا ورائه عداد كبير من الفلسطينين احتسبوا ضمن شهداء الأرض، ليحلق بعدها مذبحة أخرى في مخيم رفح، تخلف نحو 275 شهيدًا مدني ومائة فلسطيني. "بداية المذبحة" المذبحة وقعت في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، والجيش المصري، في عام 1956، خلال العداون الثلاثي على مصر، حيث بدأت من مخيم اللاجئين في مدينة خان يونس. اتحدت أسباب عدة، وراء إقبال الاحتلال الصهيوني على مثل هذه المذبحة، بداية من التصادم بين فرنسا وبريطانيا ومصر، بسبب تأميم قناة السويس، وانضمام إسرائيل لهم في العدوان الثلاثي عليها، مرورًا بتزايد عمليات الفدائيين الفلسطينيي ضد إسرائيل، عبر غزة وبمساعدة مصر. وتمكنت وقتها جيوش الدول الثلاثة، بما فيهم الكيان الإسرائيلي، من دخول مصر والنزول في محافظة بورسعيد، وقناة السويس والمدن الساحلية، واجتياح أراضي الفيرزو، ومنه إلى قطاع غزة، الذي تم احتلاله برًا وبحرًا وجوًا. "وقوع المذبحة" وكانت مخيمات اللاجئيين الفلسطينين تملء القطاع آنذاك، وقام جنود الاحتلال، بالمناداة عبر مكبرات الصوت، ومن على مركبات الاحتلال العسكرية وطائراتهم الحربية بخروج جميع الشبان والرجال من سن 16 عامًا وحتى سن الخمسين. وحين آمن الجميع لها وخرج لاسيما من مخيم "خان يونس" قامت باقتيادهم إلى الجدران ثُم أطلقت عليهم النيران دفعة واحدة من أسلحة رشاشة سقط على أثرها مئات القتلى في يوم واحد. وظلت كل يوم تقتل أعداد كبيرة من المدنيين في المخيم، وقوات الجيش المصري الذي كان يدافع عن المدينة في ذلك الوقت، بقيادة الفريق أول "يوسف العجرودي" الذي أصبح فيما بعد الحاكم العام لقطاع غزة. وبسط الاحتلال نفوذه على مخيمات اللاجئين كلها، وقاموا كل يوم بدخول المنازل واقتياد الشباب منها وقتلهم، واختتم اليهود مذبحة "خان يونس" بأخرى لا تقل بشاعة، في مخيم رفح، وامتدت المذبحة حتى حدود بلدة بني سهيلا. "تضارب الضحايا" وبلغ عدد شهداء مجزرة خان يونس، ضعف عدد شهداء مجزرة دير ياسين، وعشرة أضعاف مجزرة كفر قاسم، ورغم بشاعة المجزرة ودمويتها فلم يتم تقديم مرتكبي هذه المجزرة إلى المحاكم الدولية. وتضاربت الأنباء حول تحديد تعدادهم الدقيق بالأرقام، فبعض المؤرخين قالوا أنهم 530 شهيدًا, والبعض الآخر أكدوا أنها قاربت الألف شهيد، من الرجال والشباب والأطفال والنساء، وذكر أنه من شدة الإجرام والقسوة الإسرائيلية، فإن أهالي الشهداء دفنوا جثت القتلى بعد مرور أربعة أيام, حيث كانت ملقاه في الشوارع. وكان مجموع القتلى من المدنيين والعسكريين الفلسطينيين والمصريين تبعًا للروايات المختلفة نحو 2000 فردًا، منهم 275 شهيدًا من اللاجئين، و125 من المواطنين، وآخرون. "خان يونس" يذكر أن "خان يونس"، هي مدينة فلسطينية بنيت على أنقاض مدينة كانت تعرف "جنيس"، تقع جنوبي مدينة غزة، أسسها المماليك في القرن الرابع عشر، وقد بقيت على حالها تقريبًا طيلة فترة الحكم العثماني، لكنها ازدهرت في نهاية تلك الفترة وقبل الانتداب البريطاني على فلسطين، وتحديدا عام 1917. تم ضمها إداريًا إلى مصر مع باقي مدن قطاع غزة عام 1948، ثم احتلتها إسرائيل عام 1967 لتبقى تحت الاحتلال حتى عام 1995، وعانت المدينة بسبب المخيمات الموجودة بها، من الحصار، وعدم توافر شبكات للبنية التحتية، وتلوث المياه، وتوقف الحياه المعمارية بها.