قالوا إنه لا يتنازل أبدًا عن عرشه، ولا يمكن لأحد أن يطول ثروته، فهو الذى تربع على عرش الملك 70 عامًا وأربعة أشهر وأربعة أيام كواحد من أكثر ملوك العالم بقاءً فى السلطة فى بلد تسير وفقًا للنظام الملكى والدستورى أيضًا، وهو الذى تبلغ ثروته 35 مليار دولار كواحد من أغنى ملوك العالم، لكن فى لحظه تخلى عن العرش وترك الثروة إجبارًا، كان هذا فى 13 أكتوبر المنصرم عندما وافته المنية رحل عن الدنيا، مخلفًا العرش والثروة لابنه الملك «ماها فاجيرالونجكورن»، إنه «بوميبول أدولياديج» ملك تايلاند. ولد بوميبول فى 5 ديسمبر 1927 وتوفى 13 أكتوبر الماضى، وبين ميلاده ووفاته رحلة طويلة تولى فيها قيادة عرش بلاده بقوة وحنكة منذ يونيو عام 1946 رغم الانقلابات المتعددة من الجيش على الحكومة، ورحيل حكومة ومجىء أخرى، الا أن عرشه لم يهتز، لأنه هو نفسه الذى سمح فى بعض الأحيان بهذه الانقلابات لتغيير الحكومة، أملًا فى الإصلاح وتلبية مطالب شعبه بما فى ذلك قبوله انقلاب الجيش واستيلائه على السلطة عام 2014، ويلقب الملك فى تايلاند بلقب «راما»، وبوميبول هو راما التاسع، يدين بالديانة البوذية وهى الديانة التى يدين بها 96% من الشعب البالغ تعداده 66 مليون نسمة، وأنهى تعليمه فى جامعة «لوزان» وكانت إقامته فى بانكوك، وزوجته الملكة سيكيريت وله من الأبناء اثنين وهما الأميرة أولوبراتانا، والأمير فاجيلنكورن ولى العهد والذى تولى الآن عرش البلاد. وعرف بوميبول بأنه رجل دولة، فهو سياسى قدير رغم تخرجه من كلية الهندسة، حتى عندما اتجه إلى هواية الموسيقى كعازف ساكسفون وملحن، وعازف لموسيقى الجاز، لم يتخل عن قدراته السياسية، وحظى بوميبول بحب التايلانديين واعتبروه واحدًا رموز الوحدة فى بلد منقسم على نفسه بسبب الخلافات السياسية، فقد بنى شعبية كبرى عبر زيارته المناطق الريفية الفقيرة فى مختلف أنحاء البلاد، وعمل على تقديم الدعم والمساعدات للارتقاء بمستوى معيشتهم حتى لقب برفيق الفلاحين، فشهدت تايلاند نموًا اقتصاديًا كبيرًا بين عامى 1985 و1996، وتعتبر حاليًا من الدول الصناعية الجديدة، كما تدخل عدة مرات لوقف أعمال عنف ناجمة عن توتر سياسى رغم أنه لزم الصمت عدة مرات ووافق على الانقلابات العديدة التى نفذها الجيش خلال فترة حكمه. كان بوميبول يعد من أثرى أثرياء العالم، إذ صنفته مجلة فوربس الأمريكية فى نشرة لها حول أغنى ملوك العالم نشرت فى 2008، كأغنى ملك فى العالم، ونظرًا لأن تايلاند لم يتم استعمارها من قبل أى دولة، لذا فإن يوم ميلاد الملك هو اليوم الوطنى لتايلاند، وفى 13 أكتوبر توفى فى مدينة بانكوك فى تايلاند، بعد صراع مع عدد من أمراض الشيخوخة بجانب مرض الكلى ورحل عن عمر يناهز 88 سنة وعشرة أشهر، تاركًا من خلفه شعبًا مقسوما، ويعد رحيله اختبارا للشعب ولابنه الملك وأيضًا اختبار كبير لجنرالات البلاد الذين استولوا على السلطة فى 2014 ووعدوا بإعادة الاستقرار بعد عقد من الفوضى السياسية، ولا يزال رحيله يشكل صدمة كبرى فى البلاد.