تشهد الساحة الفنية خلال الأيام المقبلة إقامة العديد من المهرجانات السينمائية والمسرحية، منها: أسوان لسينما المرأة، وشرم الشيخ السينمائى، وبورسعيد، ما طرح سؤالاً عن الشروط التى يتم وضعها للموافقة على إقامة تلك المهرجانات، وما النتيجة التى سوف تعود على البلاد من إقامتها فى ظل مطالبة الرئيس للشعب بالتقشف. لذلك قمنا بسؤال المتخصصين عن رأيهم فى تلك الظاهرة، وكيف يمكن الاستفادة منها، وما الدور الذى يجب أن تلعبه وزارة الثقافة لكى يتحقق ذلك الدور. أكد الناقد طارق الشناوى أن كثرة المهرجانات هو أمر إيجابى جداً، لا يفسده إلا عدم التخطيط والتنظيم، وقال: فى المغرب من الممكن أن تجد 100 مهرجان سينمائى فقط، ولكن جميعها فى مواعيد مختلفة وغير متداخلة على عكس ما حدث فى مصر، فأنا فوجئت بوجود مهرجانين فى توقيت واحد وهو النصف الثانى من فبراير الأول فى أسوان والثانى فى شرم الشيخ. وأضاف: الأمور يجب إعادة ضبطها من جديد، وأنا مع قرار الدولة إذا أرادت الاستغناء عن بعض المهرجانات وإقامة مهرجان واحد فقط، يحظى بالدعم الكبير والاهتمام اللازم وتكون النتيجة والأهداف المرجوة منه أكثر لِمَ لا، طالما ذلك سوف يقام باستراتيجية معينة، ما يمنع العشوائية التى من الممكن حدوثها. وأشار الشناوى إلى أننا فى مصر نحتاج إلى استراتيجية لإقامة تلك المهرجانات، وقال: عند إقامة هذا العدد الكبير من المهرجانات يجب أن يكون لديك رؤية وألا يؤخذ الأمر على وجه السرعة، وقال: فوجئت فى لجنة المهرجانات وأنا أحد أعضائها بأننا نناقش 7 مهرجانات بصناعها فى نفس التوقيت، وهذا لا يجوز لأنه عدد ضخم جداً مما يؤثر على القرارات التى يمكن اتخاذها. يقول الناقد رامى عبدالرازق: وجود مهرجانات كثيرة فى أى دولة أمر إيجابى لأن ذلك نشاطاً ثقافياً مهمته الوصول بالثقافة إلى أكبر قاعدة ممكنة، وتوسيع شرائح متلقين السينما والاستجابة لبعض الشرائح الأخرى التى تحتاج إلى نوعية أفلام جديدة بعيدة عن الأعمال السوقية التى يتم عرضها، فكل ذلك هو دور المهرجانات السينمائية التى يتم إقامتها حول العالم، بالإضافة إلى أن المهرجان إذا كان دولياً ويقام فى مدينة محلية يعود على جمهور تلك المدينة بالنفع وتبادل الخبرات مع الضيوف، وللأسف كل ما قلته هو مبادئ أساسية للمهرجانات لا تتحقق فى أغلبية المهرجانات المصرية خاصة الجديدة منها، ولنا فى تجربة مهرجانى الأقصر عبره، فبرغم إقامة ما يقرب من 5 دورات، إلا أنه لم يعد على جمهور المدينة بشىء، وأكاد أجزم أنه يوجد عروض مهمة جداً لا يحضرها إلا ضيوف المهرجان والوجوه الموجودة فيه تتكرر كل عام، وعدد كبير من ضيوف المهرجان يجدون أن رحلة المعابد والمنطاد أهم من العروض السينمائية المعروضة، وهذا يعنى أن الدور الذى من المفترض أن يقوم به المهرجان غير مجدٍ، فيجب دراسة تلك السلبيات لكى تحقق تلك المهرجانات دورها فى تعريف الجمهور بالسينما لأنه يوجد ناس كثيرة فى الأقصر لا يعرفون السينما ولا آداب مشاهدة فيلم سينمائى. وأضاف: أنا لست ضد أن يكون فى كل مدينة ومركز مهرجان، ولكن يجب التعامل معها بمبادئ أساسية يجب أن تتحقق لكى لا يدخل الأمر فى نطاق السبوبة والسفر إلى بلاد أخرى، حيث يقوم بعض رؤساء المهرجانات بدعوة رؤساء مهرجانات فى دول أخرى لكى يتم دعوتهم هناك. وأشار «عبدالرازق» إلى أنه يجب على وزارة الثقافة قبل منح أى دعم لدورات جديدة لمهرجانات موجودة بالفعل أو سيتم إقامتها، تقييم تلك الدورات، وقال: يجب قياس عدد الجمهور الذى يحضر تلك المهرجانات، وإذا كان المهرجان وليداً فيجب عليهم تكثيف الدعاية أكثر من دعوة أصحابهم للمهرجان لكى يقضوا وقتاً لطيفاً على البحر، فيجب عمل بحث ميدانى على المدينة التى سيتم إقامة المهرجان فيها، ومعرفة طبيعة الجمهور. ومن جانبه يقول حسن خلاف، مدير مكتب وزير الثقافة: الوزارة ليست المسئولة عن الموافقة على تلك المهرجانات، هناك لجنة عليا للمهرجانات يرأسها المخرج خالد يوسف وأغلبية أعضائها من خارج الوزارة هم المسئولون عن الموافقة على إقامة تلك المهرجانات، وبالنسبة للوزارة فهى لا توافق على دعم أى مهرجان إلا بعد دراسة تفصيلية عن مدى النفع الذى سوف يعود على مصر منه، من ناحية المردود السياسى والسياحى، فإذا كان المهرجان به ضيوف أجانب من أكثر من دولة مثلاً فهذا يفيد تنشيط السياحة فى مصر. وأضاف: أكبر مثال على ذلك ما تم إقامته من احتفالات فى الأقصر واستضافة الصين، حيث تم زيادة الوفود السياحية بنسبة تصل من 35٪ إلى 40٪، وذلك لأن دائماً وسائل الإعلام المختلفة تجرى وراء الفنانين وتلقى عليهم الضوء، لذلك عندما نقوم بتقييم أحد المهرجانات نطلب الملف الإعلامى الخارجى وليس الداخلى، فنقرأ ما تم كتابته عنه خارج مصر، لأن الإعلام الدولى هو من سيعود بالنفع على البلد. وأشار إلى إرسال شخص من اللجنة العليا للمهرجانات إلى جميع المهرجانات دون علم الإدارة لرفع تقرير عن المهرجان، وقال تقييم المهرجانات يتم بصفة دورية، والأزمة الوحيدة التى وقعنا فيها هذا العام هو تداخل مواعيد بعض المهرجانات فى بعضها وذلك جاء نتيجة وجود إجازة العيد، وإقامة تلك المهرجانات فى شهر واحد، ولأن الوزارة ليس لديها سلطة عليها قمنا بالتحدث مع لجنة المهرجانات لأن مهرجان الإسكندرية وسماع هى مهرجانات مجتمع مدنى على عكس مهرجان التجريبى الذى يتبع الوزارة وقمنا بتقديم موعد افتتاحه 3 ساعات، واتفقنا مع اللجنة أنه بداية من العام القادم سوف يتم إقامة الدورة الجديدة من مهرجان المسرح التجريبى فى بداية شهر سبتمبر والإسكندرية فى نهايته وسماع فى المنتصف لكى لا يحدث ذلك التداخل مرة أخرى. يقول الناقد قدرى الحجار، مدير مهرجان الإسكندرية الدولى: أنا مع إقامة المهرجانات فى كل محافظات مصر لأنها تعد نافذة نتطلع منها على عالم لم نعرف عنه شىء ونتعرف عليه من خلال الشاشة الفضية، وهى فرصة لأبناء هذه المحافظات المحرومين من النشاطات الثقافية والفنية مثل: الأقصر والغردقة وأسوانوشرم الشيخ وطنطا وبورسعيد، فسكان هذه المحافظات متعطشين للفعاليات الفنية، ولكن يجب أن يكون هناك ضوابط لهذه المهرجانات. وأضاف: يجب أن يكون المكان مناسباً لإقامة المهرجان، والأفلام يجب أن تكون جيدة، والضيوف على علم ووجود توافق بين النجوم والمهرجان حيث تجد الفنانين المصريين عازفين عن التواجد فى المهرجانات المحلية، ومتواجدين فى المهرجانات العربية، ما يضع تساؤلات كثيرة حول ذلك، خاصة أن المهرجانات لها دور سياسى وتنويرى يجب أن يعى الجمهور ذلك. وأشار إلى أنه فى أوروبا تقام العديد من المهرجانات للزراعات المختلفة، لنشر البهجة والفرحة على وجوه المواطنين، وقال: التنوير الثقافى يحارب الفكر المتطرف، وقصور الثقافة أصبحت موجودة على استحياء. أما المخرج محمد كامل القليوبى، رئيس مهرجان الأقصر الدولى، فيقول: تعدد المهرجانات ظاهرة صحية، خاصة أن عدد الأفلام السينمائية أصبحت قليلة جداً، ونحن من أقل دول العالم فى إقامة المهرجانات، بشكل لا يتناسب مع تاريخنا السينمائى، فيجب ترك كل من يريد إقامة مهرجان فى أى قرية، وبعد ذلك نحاسبه عما قدمه، دون المصادرة على الفكرة. وأضاف: كل مهرجان نقدمه نضرب به 1000 من أصحاب الأفكار المتطرفة، ولا يجب أن يكون للمهرجان ضوابط، فكل من يريد تقديم مهرجان فليقدمه، ولنحكم بعد ذلك على التجربة، وعلى وزارة الثقافة تشجيع ودعم أى مهرجان حتى لو أنه سيقام فى منطقة «شق الثعبان».