بعد ثمانية أعوام من اجتياح العراق عسكريا تغادر القوات الامريكية بلدا بات اكثر عرضة للتدخلات الإقليمية، يعاني من أزمات سياسية مستمرة، وتمرد مسلح يشمل عشرات الميليشيات. ويقول تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، إنه رغم تسارع وتيرة الاقتصاد العراقي، لا يزال الاعتماد الاساسي قائما على صادرات النفط الامر الذي وفر فرص عمل أقل وقلص الخدمات الاساسية مثل المياه والكهرباء. ولم يؤد الاجتياح الامريكي للبلاد الى إعادة بناء القوات المسلحة من الصفر فقط، بل سمح أيضا بقيام نظام سياسي جديد تقوده حكومة بزعامة شيعية مكان نظام الحزب الواحد الذي حكم البلاد حوالى ثلاثة عقود. ويملك العراق اليوم برلمانا من 325 عضوا ويشهد انتخابات دورية بينما تم بناء قوات أمنية متعددة الأوجه والمهام. ويشكل الانسحاب الامريكي من العراق المنصوص عليه في اتفاق أمني موقع عام 2008، آخر مرحلة من مراحل الدور الامريكي المتغير، إذ أن الامريكيين حكموا البلاد بين عامي 2003 و2004، قبل أن ينتهي تفويض الاممالمتحدة عام 2009، وتوقف القوات الامريكية عملياتها القتالية رسميا الصيف الماضي. ومنذ الاجتياح، بنى العراق قوات تشمل أكثر من 900 ألف عنصر، بينها جيش يؤكد مسئولون امريكيون وعراقيون انه قادر على التعامل مع التهديدات الداخلية، رغم أعمال العنف المستمرة. غير أن قادة أمنيين أقروا بعجز هذا الجيش عن حماية حدوده ومجاله الجوي ومياهه الاقليمية. وبانسحاب القوات الامريكية، ستخسر بغداد خطوط دعم رئيسية تشمل خصوصا القدرة على القيام بمهمات استطلاعية واستخباراتية تقنية. وكان قائد الجيش العراقي أعلن في وقت سابق ان قواته لن تمتلك القدرة على السيطرة التامة على الامن قبل العام 2020. وتراجع العنف بشكل كبير منذ بلوغه ذروته عامي 2006 و2007 خلال المواجهات الطائفية، إلا ان الانفجارات والاغتيالات لا تزال مستمرة، حيث شن المتمردون منذ بداية شهر ديسمبر هجمات عدة راح ضحيتها العشرات. ورغم مرور حوالى عام ونصف العام على إجراء الانتخابات التشريعية في مارس 2010، لا يزال العراق من دون وزير للداخلية وآخر للدفاع بسبب الازمات السياسية التي تعصف بالبلاد ولم تسمح إلا بتمرير بعض التشريعات في البرلمان. وتبقى أيضا قضايا أساسية أخرى عالقة مثل إصلاح الاقتصاد الذي تسيطر الدولة على أكبر القطاعات فيه، وتوزيع الأرباح جراء مبيعات النفط، وكذلك المناطق المتنازع عليها التي تطالب بها الحكومة المركزية في بغداد والحكومة المحلية في إقليم كردستان الكردي. ورغم العقبات الكثيرة، يتوسع الاقتصاد العراقي وموازنة الدولة بوتيرة سريعة خصوصا بفضل الزيادة السريعة في صادرات النفط. وينتج العراق حاليا 2,9 مليون برميل من النفط الخام في اليوم الواحد ويخطط لزيادة انتاجه أربعة أضعاف عام 2017، علما بأن محللين يشككون في قدرة العراق على الوفاء بذلك.