ظلت الأسواق المالية تسجل تحسنا الجمعة مدعومة بمفاعيل الاتفاق الذي تم التوصل اليه في منطقة اليورو للتصدي للازمة، ولو أن اصواتا بدأت ترتفع بعد الحماسة المعممة التي اثارها، لانتقاد ثغرات فيه والمطالبة بمزيد من التوضيحات. واعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في مداخلة تلفزيونية مساء الخميس عرض خلالها حصيلة قمة بروكسل "لقد اتخذنا قرارات مهمة جنبتنا الكارثة". وقال "لو أفلست اليونان، لكانت حصلت عملية متسلسلة طاولت الجميع" مشيرا الى ان الاوروبيين سيراقبون عن كثب التزام اليونان بتعهداتها بتقليص عجزها المالي.وعلى غرار ما حصل في المانيا، اعلن ساركوزي عن تخفيض حاد في توقعات النمو في فرنسا عام 2012 من 1,75% الى 1%، مشيرا الى انه سيتم اقرار خطة تقشف جديدة تتراوح قيمتها بين 6 و8 مليارات يورو ما زال يتعين تحديد تفاصيلها. وبعدما سجلت البورصات الاوروبية الخميس انتعاشا وصل الى 5% احيانا، لم تستمر بالدفع ذاته الجمعة.وقرابة الساعة 10,00 لم يكن التقدم يتعدى 0,53% في فرانكفورت و0,24% في باريس و0,15% في لندن. اما بورصة ميلانو، فتراجعت 1,17% بعد عملية اصدار سندات مخيبة للامل.الاسواق المالية العالمية الاخرى تجاوبت من جهتها مع اعلان الاتفاق وفي نيويورك ارتفع الخميس مؤشر دوو جونز 2,86% ومؤشر ناسداك 3,32%، فيما اغلقت بورصتا طوكيو وشانغهاي على ارتفاع قدره 1,39% و1,55% على التوالي الجمعة.وبقي اليورو قويا في مواجهة الدولار الجمعة مسجلا 1,4182 دولارا قرابة الساعة 11,00 تغ بعدما تخطى 1,42 دولارا الخميس، وهو اعلى مستوى له منذ ثمانية أسابيع.وقالت دار السمسرة ايه جي ماركت في باريس انه "بعد الأداء الممتاز في اسواق البورصات الخميس، نتوقع ارتفاعات جديدة اليوم. لكن هذا النهار سيخصص بشكل اساسي للتدقيق في تفاصيل الخطة الاوروبية والتساؤل ما اذا ستكون كافية". وكانت البورصات الاوروبية سجلت الخميس ارتفاعا كبيرا في اسهم المصارف في اعقاب اعلان الخطة الاوروبية التي تنص بصورة خاصة على خفض الدين اليوناني وتعزيز امكانات الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي لمنع انتشار الازمة الى دول اخرى.غير ان مشاكل اليونان لم تلق حلا بعد. وان كانت المصارف الاوروبية وافقت على شطب 50% من الديون المترتبة لها، فان هذا لن يخفض اجمالي الدين العام اليوناني سوى بنسبة السدس، على ما اوضح برنهارد ايشويلر الخبير الاقتصادي لدى بنك سيلفيا كواند الخاص الالماني.وخلص الخبير الى ان الاجراءات حيال اليونان لن تخفض عجزها العام سوى الى 140% من اجمالي الناتج الداخلي مقابل 165% حاليا، ما يعني على ضوء الوضع الاقتصادي "الرديء جدا" في اليونان، ان هذا البلد "لا يحظى باي فرصة للخروج من فخ الدين".واضاف انه "سيترتب اقرار تخفيضات اخرى للدين" وهذه المرة من قبل الجهات الدائنة الدولية، اي "ترويكا" الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الاوروبي.واشار الى احتمال اخر وهو ان تحاول الترويكا "تأخير اعادة هيكلة الديون المترتبة لها قدر الامكان" لابقاء الضغط على اليونان لحضها على المضي في الاصلاحات، ولعدم تشجيع دول اخرى في منطقة اليورو تواجه صعوبات اقتصادية مثل البرتغال على المطالبة بدورها باعادة التفاوض على دينها.ورأت مؤسسة غولدمان ساكس في مذكرة ان "هناك مخاطر تحيط بتطبيق الاجراءات الرئيسية التي اقرتها القمة".واشارت خصوصا الى عدم ورود تفاصيل كافية حول الوسائل الجديدة الموضوعة في متناول الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي" بهدف زيادة قدراتها على التدخل بفعل آلية "رفع مالي" من 440 مليار يورو حاليا الى ألف مليار.