تجربة البحرين تنعش السياحة فى جنوبسيناءوسط حالة الإفلاس السياحى، والاضطراب الاقتصادى، والإعصار السياسى الذى يعصف بمنطقة الشرق الأوسط، ويمزق شرايين التواصل الحضارى بين قارتى آسيا وإفريقيا، تأتى المبادرة المصرية– السعودية بإنشاء جسر الملك سلمان لتشكل بارقة أمل هى الأقوى فى علاقات التكامل والتعاون الدولى لهذا العام، ليس فقط على الصعيد الرسمى، وإنما أيضًا على صعيد النماء الاجتماعى والانتعاش الاقتصادى لشعبى مصر والسعودية. ولنا فى تجربة جسر الملك فهد المقام بين السعودية والبحرين منذ أكثر من ربع قرن دروس مستفادة يمكن استلهامها والبناء عليها فيما يخص المنافع المشتركة المترتبة على إنشاء الجسر المصرى– السعودى، خاصة السياحة فى شرم الشيخ ومنطقة جنوبسيناء، وهناك مشهد واحد يمكن أن يجيب عن العديد من التساؤلات، وهو حالة الزحام الشديدة التى يشهدها جسر البحرين للوفود والمركبات العابرة فى الاتجاهين يوميًّا، وكأننا فى حالة نزوح عمالى وسياحى متبادلة ومخيفة فى العطلة الأسبوعية والأعياد. وإذا كانت هذه الحركة على هذا النحو بين السعودية والبحرين ذات الكثافة السكانية المحدودة، فماذا سيكون الوضع مع مصر ذات الكثافة السكانية الكبيرة؟ يكفى للدلالة على ذلك أن اللواء يوسف الغتم، الوكيل المساعد للمنافذ والبحث والمتابعة بشئون الجنسية والجوازات والإقامة، أكد أن جوازات جسر الملك فهد تعاملت بمسئولية ومهنية ووفق خطط الطوارئ المعمول بها، مع حالة الازدحام التى شهدها الجانب البحرينى من الجسر، يوم الجمعة 11 مارس 2016، مشيرًا إلى أن الإحصائيات سجلت فى ذلك اليوم، عبور ما مجموعه 77099 مسافرًا في الدخول والمغادرة. وأشار إلى أن مسئولي الجوازات بالجانب البحريني، عملوا على تدارك الوضع من خلال تكثيف العمل واستدعاء نوبة الدعم وفتح جميع كبائن الدخول، بالإضافة إلى صالة الحافلات للمساعدة على انسيابية الحركة، حيث تمت السيطرة على الازدحام إلى أن عادت الحركة إلى طبيعتها تدريجيٍّا عند السادسة مساء ذلك اليوم. ونشر مغردون عبر «تويتر» صورًا للازدحام في جسر الملك فهد في أيام عيد الفطر المبارك، مبدين استغرابهم من أن تشهد البحرين ذلك الزحام رغم جوها الحار هذه الأيام الحالية. وقال أحد المغردين، مذيلًا تغريدته بصور للازدحام: «جسر الملك فهد- المتوجه للبحرين- ظهر ثانى أيام العيد، نزوج جماعي أم سياحة؟ درجة الحرارة في المنامة 48». وذكر آخر: «من المتوقع أن تعبر أكثر من 25 ألف سيارة جسر الملك فهد يوميًّا في أيام العيد.. لماذا هذا الهروب الجماعي؟ مع العلم أن الجو واحد والشقة 24 ساعة بألف ريال». وأعلنت المؤسسة العامة لجسر الملك فهد، بلوغ عدد المسافرين عبر الجسر 465 ألف مسافر خلال أسبوع واحد فقط. وأوضحت المؤسسة عبر حسابها الرسمى على «تويتر» أن ذلك تم خلال الفترة من 27 مارس حتى 2 إبريل الجارى. وتعود فكرة إنشاء جسر البحرين إلى عام 1965، عندما قام الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود باستقبال الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء البحريني، خلال زيارة للمنطقة الشرقية، وقد أبدى الشيخ "خليفة" رغبته ببناء جسر يربط السعودية بالبحرين، الأمر الذي وافق عليه الملك فيصل وأمر بتشكيل لجنة مشتركة بين الدولتين لدراسة إمكانية تنفيذ مشروع جسر يربط بين البلدين، وبعد تولي الملك خالد الحكم في السعودية أكمل الاستشاريون والفنيون دراسة المشروع، وبدأ العمل الرسمي في شهر رمضان عام 1401 ه. ومع أنه ليس أطول الجسور في العالم، إلا أنه هو الأطول في الشرق الأوسط، كما أنه أكثر جسور العالم تكلفة حيث بلغت كلفة إنشائه 564 مليون دولار، لكنه في الوقت نفسه يعتبر أحد أهم المنجزات الحضارية على الصعيد المعماري في المنطقة في العصر الحالي، كما أنه أهم جسر بحري في العالم يصل بين طرفي اليابسة حيث استغرق التفكير فيه والدراسات اللازمة له 25 عامًا، واستغرق تنفيذه أربع سنوات ونصف السنة. ويعدّ هذا الجسر من أهم المنافذ على مستوى دول الخليج من حيث كثرة المسافرين، الأمر الذى دفع المؤسسة العامة لجسر الملك فهد فى عام 2008 إلى اتخاذ قرار عاجل بتوسعة المسارات الموجودة بالجسر لتسهيل حركة العبور بين الجانبين، بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية لمناطق المركبات بما لا يقل عن 350%، إلى جانب زيادة الطاقة الاستيعابية لمناطق الشحن بحدود 200% فى مدة لا تتجاوز الأعوام الخمسة. وفى إطار الخطة ذاتها تمت توسعة مناطق الشحن بالقدر المستطاع وزيادة مسارات الدخول والخروج مع إعادة تنظيم الساحات بصورة أفضل وتقديم الدعم المناسب لجميع الإدارات لزيادة الإنتاجية، وضمن ذلك يدخل تركيب أجهزة الأشعة للكشف على الشاحنات.