جامعة أسيوط تطلق الموسم العاشر لنموذج محاكاة الاتحاد الأوروبي 2025    استعلم الآن عن مخالفات المرور برقم اللوحة عبر الموقع الرسمي بخطوات بسيطة    مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتطوير أنظمة الرعاية الصحية بالبلدين وتحسين جودة الخدمات الطبية    محطة شبكة الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية هزة أرضية غرب قبرص، اليوم الأربعاء، الساعة 4 و23 دقيقة بالتوقيت المحلي.    Twitter بث المباشر مجانًا مباراة تونس وموريتانيا مجانًا    فيديو.. الأرصاد تحدد أماكن سقوط الأمطار غدا وتحذر: تصل إلى رعدية ببعض المناطق    المتحف المصري الكبير: الحجز متاح للمصريين والأجانب دون تفرقة.. ولا صحة لتحديد نسب للدخول    الزمالك يسعى لإنهاء إجراءات إقامة اللاعبين الأجانب قبل السفر لجنوب أفريقيا    مواعيد مباريات ملحق إفريقيا المؤهل لكأس العالم 2026.. والقنوات الناقلة    هبة التميمي: المفوضية تؤكد نجاح الانتخابات التشريعية العراقية بمشاركة 55%    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    هميلي: قلبي اختار مصر.. وتحقق حلمي بعرض «اغتراب» بمهرجان القاهرة السينمائي    بطريقة طريفة.. أسماء جلال تحسم جدل ارتباطها بعمرو دياب    وزير الصحة والكيماويات والأسمدة الهندي يعقد لقاءات رفيعة المستوى في القاهرة    ستاندرد بنك يعلن الافتتاح الرسمى لمكتبه التمثيلى فى مصر    وزير الاستثمار: مصر ضمن أفضل 50 اقتصاداً فى العالم من حيث الأداء والاستقرار    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    موعد نهائي كأس السوبر المصري لكرة اليد بين الأهلي وسموحة بالإمارات    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    أسعار الفراخ والبيض اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 بأسواق الأقصر    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    الغرفة التجارية بمطروح: الموافقة على إنشاء مكتب توثيق وزارة الخارجية داخل مقر الغرفة    العناية الإلهية أنقذت سكانه.. النيابة تطلب تحريات انهيار عقار من 8 طوابق بحي جمرك الإسكندرية    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    أثناء عمله.. مصرع عامل نظافة أسفل عجلات مقطورة بمركز الشهداء بالمنوفية    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    وزير التعليم: الإعداد لإنشاء قرابة 60 مدرسة جديدة مع مؤسسات تعليمية إيطالية    أمم أفريقيا سر بقاء أحمد عبد الرؤوف في قيادة الزمالك    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    وكيل الأزهر في احتفالية تخرج الطلاب الوافدين: الأزهر سيظل بيتا جامعا لأبناء الأمة من شتى بقاع الأرض    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    منتخب مصر يخوض تدريباته في السادسة مساء باستاد العين استعدادا لودية أوزبكستان    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    اليابان تتعاون مع بريطانيا وكندا في مجالي الأمن والاقتصاد    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    ما الحكم الشرعى فى لمس عورة المريض من قِبَل زوجة أبيه.. دار الإفتاء تجيب    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    أخبار مصر: انهيار عقار من 8 طوابق بالإسكندرية، الحصر العددي لأصوات المرشحين بالمحافظات، قرار من النيابة ضد سائق إسماعيل الليثي    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد المنعم سعيد يكتب : أميركا التي لا نعرفها
نشر في الوفد يوم 06 - 04 - 2016

في حديث أخير للرئيس الأميركي باراك أوباما، قال إنه في كل اتصالاته
وزياراته الخارجية، يسأله العالم: «ما الذي يجري في الولايات المتحدة؟»،
بشكل ما فإن العالم مندهش من مسار الانتخابات التمهيدية، ليس فقط بالسبق
الذي أحرزه دونالد ترامب في الحزب الجمهوري، وإنما بالمسار الذي سار فيه
الصراع السياسي، والذي وصل إلى التنابز بالألقاب، وتوجيه الإهانات إلى
زوجات المرشحين، وانسحاب كل من تبقى في المنافسة الجمهورية من الالتزام
بتأييد مرشح الحزب في الانتخابات.
وعند الديمقراطيين، وعلى الالرغم من أن بعضا من التهذيب ساد، فإن المنافسة
على ترشيح الحزب انحدرت تدريجيا إلى مستويات لم تعرف من قبل، وحصل برني
سوندورز، المنافس لهيلاري كلينتون، على ما لم يكن متوقعا من فوز في ولايات.
فما الذي يا ترى يحدث بالضبط في الولايات المتحدة، التي هي من الأهمية
الاستراتيجية والعالمية، بحيث يصعب تجاهل ما يجري فيها؟
الحقيقة أنه مضى الآن أكثر من ربع قرن على انهيار الاتحاد السوفياتي،
وانفراد الولايات المتحدة بلقب القوة العظمى والوحيدة في الدنيا. ولكن
الحقيقة أيضا أنه على الرغم من أن بعض الأميركيين الذين عرفوا بالمحافظين
الجدد تصوروا أن هذا الوضع دائم، وأن القرن الحادي والعشرين من الممكن أن
يكون قرنا أميركيا، بقدر ما كان القرن السابق عليه. فإن الزمن عرف ثلاثة
تطورات مهمة: أولها أن الولايات المتحدة استنزفت قوتها في حربي أفغانستان
والعراق، وكلتاهما لا تزال جارية بشكل أو بآخر. وما ورد من أن حرب العراق
وحدها تكلفت أكثر من تريلوني دولار، ليس بالقدر القليل من التكلفة، والأزمة
المالية الأميركية/العالمية في عام 2008 استندت إلى هذه التكلفة. وثانيها
أن القوة النسبية للولايات المتحدة تغيرت أيضا سلبيا، نتيجة تصاعد القوة
الصينية والهندية، وحتى روسيا استعادت بعضا من هيبتها بعد تولي بوتين
للسلطة. الناتج المحلي الإجمالي للصين قارب كثيرا ذلك الخاص بالولايات
المتحدة، ويتكافأ معها إذا ما جرت الحسابات وفقا لقاعدة القوة الشرائية
للدولار. والأخطر من ذلك أن صناعات بأكملها هاجرت الولايات المتحدة إلى
الدول الآسيوية، وباتت الهند والصين تنافسان في مجال الأقمار الصناعية
والبرمجيات. صحيح أن الولايات المتحدة لا تزال القوة العسكرية الأولى، وهي
الوحيدة التي لديها انتشار كوني بين حاملات الطائرات وتجهيزات الحروب
الإلكترونية، وفي العموم، فإنها تكاد تحتكر مجالات صناعية خاصة بالمعلومات
والفضاء والطيران والهندسة الوراثية والبحوث الدوائية. ولكن النقطة المراد
التركيز عليها هي «القوة النسبية» وليست القوة المطلقة لواشنطن، وهي التي
تراجعت خلال العقد الأخير، بفارق كبير عما كانت عليه الحال في العقد الأول
بعد انتهاء الحرب الباردة.
ثالث التطورات المهمة التي جرت للولايات المتحدة، يرتبط بتركيبتها
الاجتماعية نتيجة الهجرات الضخمة التي ذهبت إليها، ولم ترفع فقط عدد
السكان، وإنما مع الزيادة هبط التجانس الاجتماعي والثقافي للأميركيين. فما
كان يقال عن أن أمرا هو أميركي مثل «تورتة التفاح As American As the Apple
Pie»، لم يعد واردا في ظل التنوع الضخم على الساحة الأميركية. صحيح أن هذا
التنوع جعل الولايات المتحدة غنية بثقافات وخبرات متعددة، ولكن هذا التنوع
بات مثيرا لقدر كبير من الانقسام والاستقطاب السياسي والاجتماعي غير مسبوق
في أميركا، على الأقل في التاريخ القريب. هذا الانقسام والاستقطاب ظهر بقوة
أثناء الحملات الانتخابية التمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين الجمهوري
والديمقراطي حيث أصبح موضوع الهجرة، والعلاقة مع المسلمين، من الموضوعات
الرئيسة للخلاف السياسي.
ببساطة، فإن أميركا تتغير بشدة نتيجة استقطاب حادث بعمق في اليمين واليسار
معا. في اليمين، دونالد ترامب، كما أشرنا في مقالات سابقة، لم يقف فقط ضد
المهاجرين والمسلمين وغيرهم، وإنما طبع حملته الانتخابية بطابع انعزالي
واضح، اختفى تقريبا من الساحة الأميركية منذ انتصاره الكبير في أعقاب الحرب
العالمية الأولى، عندما تقاعست أميركا عن اللحاق بعصبة الأمم، وكان ذلك
واحدا من أسباب نشوب الحرب العالمية الثانية.
ترامب من ناحيته طرح لأول مرة، مدى فائدة وجود الولايات المتحدة في حلف
الأطلنطي؛ وكذلك معاهدة الدفاع اليابانية الأميركية؛ والعلاقات الدفاعية
الخليجية/ الأميركية. باختصار كل تحالفات أميركا العسكرية، وأسواقها
الاقتصادية، وتوسعاتها التجارية، سواء من خلال العلاقة الأطلنطية أو
«نافتا» (اتفاقية شمال أميركا للتجارة الحرة، وتضم الولايات المتحدة وكندا
والمكسيك)، أو من خلال اتفاقيات التجارة العابرة للمحيط الباسفيكي.
من اليسار، فإن المرشح بيرني سوندورز طرح بكل قوة، هجوما على النظام
الاقتصادي والاجتماعي الأميركي، باعتباره صار فريسة لشارع المال والشركات
الأميركية الكبرى العابرة للقارات، والرأسمالية المتوحشة التي تلوث المجال
الإعلامي والسياسي بالأموال وجماعات المصالح. ما قال به سوندورز ليس جديدا
بالمرة، فالماركسيون والشيوعيون الأميركيون، وفي العموم اليسار الأميركي،
قالوا به منذ وقت بعيد؛ ومن جانبهم فإن الشركات الكبرى لم تكن هي التي قامت
ببناء أميركا، وإنما هي الآن التي تدمرها. الجديد هذه المرة أن هذه الأقوال
التي كانت دوما هامشية، صار لها جمهور واسع كان في العادة يميل إلى الوسط
السياسي والليبرالية السياسية، ولكنه بات الآن يلفظ هيلاري كلينتون ومن
كانوا على شاكلتها من مرشحي «المؤسسة».
المدهش أن كلا من ترامب وسوندورز باتا يجذبان السياسة الأميركية بقوة بين
اليمين واليسار، معتمدين في ذلك على وسط اجتماعي متشابه. فالشباب وصغار
السن على سبيل المثال يكادون يمثلون العصب الخاص بالطرفين وجمهورهما
الأساسي، استنادا إلى أن الأول سوف يجعل من خلال حركته السياسية، وليس
حملته السياسية، أميركا دولة عظيمة مرة أخرى؛ أما الثاني فإنه يشعل ثورة
«سياسية» في أميركا تنقذها من سيطرة رأس المال وجماعات المصالح. وعلى
تباعدهما السياسي، فإن كليهما يستند إلى طبقة العمال الصناعيين القادمين،
الأقل تعليما من مدن صناعية أفلت صناعاتها، وتواضعت قدرتها على المنافسة
العالمية (صناعة الحديد والصلب والصناعات الثقيلة عموما). كذلك فإن كليهما
يعتمد على الشرائح العليا من الطبقة الوسطى البيضاء في الولايات الأميركية
المختلفة، والتي ترى أن حلفاء أميركا يسرقونها، أو ترى أن الفساد السياسي
في الانتخابات الأميركية لم يعد ممكنا احتماله. ولا توجد صدفة أن كليهما
يتخذ مواقف مناهضة لحرية التجارة العالمية، وكليهما يزعم أنه يقود عملية
تغيير واسعة النطاق، سياسية واقتصادية واجتماعية.
هل يعني ذلك أن أيا من ترامب أو سوندورز سوف يفوز بالرئاسة الأميركية؟ الظن
أن ذلك لا يزال صعبا، وربما لا يكون الفوز ممكنا هذه المرة، ولكن ما لا
يمكن تجاهله أن هناك عملية تغيير سياسية عميقة تجري على الساحة الأميركية.
وأن هناك إجماعا بين المحللين والمراقبين أن انتخابات 2016، تحمل في طياتها
ما لم يحدث من قبل في التاريخ الأميركي المعاصر. فقد عرفت أميركا باري جولد
ووتر في الستينات، كما عرفت رونالد ريغان في الثمانينات من القرن الماضي.
وعلى اليسار عرفت في الثلاثينات والستينات نزعات يسارية عديدة، ولكن أيا
منها يسارا ويمينا، لم يصل إلى ما وصلت إليه الحال الآن على الساحة
السياسية الأميركية. المشهد مثير وعلينا أن ننتظر ونرى!
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.