القوات المشاركة فى المناورة: تشارك فى مناورة «رعد الشمال» جيوش 20 دولة عربية وإسلامية.. فبجانب قوات درع الجزيرة التى تشكل نواة القوات المشاركة فى المناورة، تشارك قوات برية وبحرية وجوية ودفاع جوى وقوات خاصة أخرى من السعودية، وسلطنة عمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والكويت وقطر. بالإضافة إلى قوات من مصر والأردن والسودان وباكستان وتركيا وتشاد وتونس وجزر القمر وجيبوتى وماليزيا وموريتانيا وموريشيوس والسنغال والمالديف والمغرب. وتشارك هذه الدول بأحجام ونوعيات مختلفة من قواتها المسلحة تتناسب وإمكاناتها وظروفها السياسية. وتعتبر قوات درع الجزيرة بمثابة «قلب» القوات المشاركة فى المناورة. فقد اعتبرت منذ انطلاقها من البحرين عام 1982 أول تجسيد عملى لفكرة الجهود الأمنية والعمل العسكرى المشترك بين دول الخليج، وذلك امتداداً وانعكاساً للتعاون السياسى فيما بينها، وسعياً لإيجاد تنسيق فعال بين الخبرات والإمكانات وصولاً إلى قيام قوة قادرة على حماية هذه الدول. وقد دأبت هذه القوة منذ إنشائها على تنفيذ التدريبات والتمارين المشتركة بشكل دورى مع القوات المسلحة فى كل دولة من دول المجلس، وقد أقيم أول تمرين لهذه القوة على أرض دولة الإمارات عام 1983، قبل أن يتم تمركزها فى حفر الباطن بالسعودية عام 1986. وتتألف قوات درع الجزيرة من فرقة مشاة ميكانيكية بكامل عناصرها من المشاة والمدرعات والمدفعية وعناصر الدعم والمساندة القتالية واللوجيستية. وتتألف هذه القوة من لواء مشاه من عناصر كل دولة من دول مجلس التعاون الست، وقد تم تأهيلها بحيث تكون مهيأة لعمليات الرد على أى عدوان يهدد أى من هذه الدول، أو يؤثر على استقرار المنطقة عموما. كما شهدت قوات درع الجزيرة منذ انطلاقها الكثير من مراحل التطوير والتنسيق الدورى المشترك، بالإضافة للمناورات التى تضمن استدامة الاستعداد والجاهزية القتالية، ورفع مستواها عاماً بعد عام، وذلك وفقاً لرؤية اتفق عليها قادة دول الخليج تهدف أن تكون هذه القوة مواكبة لأحدث المعايير المهنية التى تضاهى الجيوش العالمية من حيث الارتقاء بالقدرات البشرية والتسليحية. وقد شهد عام 2006 تطوراً نوعياً شهدته قوات درع الجزيرة لتوسيع قدراتها ومضاعفة كفاءتها القتالية والفنية، حيث تم إنشاء غرفة للقيادة والسيطرة، وزاد عدد القوات بشكل كبير لتشهد السنوات التالية حضوراً قوياً لهذه القوات مع بروز فكرة الاتحاد فى الأوساط السياسية لدول مجلس التعاون. وفى عام 2011 كان لقوات درع الجزيرة دور محورى فى حفظ وأمن دولة البحرين وحماية منشآتها الاستراتيجية، وذلك فى عملية شهد لها الجميع بالاحترافية العالية بمختلف مستوياتها القيادية والتنظيمية. وقد تبع ذلك فى عام 2013 افتتاح مقر القيادة المتقدمة فى المنامة. ويعمل قادة الخليج الآن على تحقيق تطور أكبر فى العمل العسكرى المتوازن، حيث وافقوا على تأسيس قيادة عسكرية موحدة فى عام 2010، ومركز عمليات بحرية فى عام 2014 يتبع القيادة العسكرية الموحدة ومقرها البحرين. كما تتبع القيادة العسكرية الموحدة، كل من قوات درع الجزيرة، ومركز العمليات الجوى الموحد، ومركز العمليات البحرى الموحد الذى ستتمركز فيه قوة الواجب البحرى 81. وتشارك قوات درع الجزيرة فى مناورة (درع الشمال) بالحجم الأكبر من جيوشها الوطنية، وستختبر فيها منظومة من القدرات القتالية والقيادية العالية التى تمتلكها، والتى جرى تطويرها بشكل منهجى خلال السنوات القليلة الماضية. أما حجم ونوعيات القوات والأسلحة المشاركة فى المناورة، فإن أبرزها حوالى 350 ألف جندى، 20 ألف دبابة وعربة قتال مدرعة ونقل جند وعدة آلاف من قطع المدفعية، وراجمات الصواريخ، 2540 طائرة حربية، 460 مروحية قتالية ونقل جند. إلى جانب مئات من القطع البحرية تضم مدمرات وفرقاطات مسلحة بصواريخ، ولنشات صواريخ بحر/جو، وبحر/بحر، وبحر/أرض، بالإضافة لغواصات مسلحة بصواريخ موجهة وطوربيدات، ومواقع صواريخ ساحلية، وسفن إنزال. كما تضم قوات المناورة وحدات صواريخ دفاع جوى ومضادة للصواريخ. وتعتبر السعودية هى الدولة الوحيدة بين الدول المشاركة فى المناورة، التى تملك طائرة (أواكس) للاستطلاع والإنذار المبكر والقيادة والسيطرة، وقد أشركتها فى المناورة. كما تشكل القوات الخاصة عنصراً مهماً فى القوات المشاركة فى المناورة بالنظر للدور القتالى المهم الذى تقوم به، خاصة فى الحرب غير متماثلة Symmetrical Warfare ضد عناصر الإرهاب. ومن المفيد هنا الإشارة إلى أن إجمالى حجم الجيوش التابعة للدول المشاركة فى مناورات «رعد الشمال» تبلغ 2.2 مليون مقاتل، تدعمهم قوة طيران مكونة من 4923 طائرة حربية، وما يزيد علي 13642 دبابة، 924 قطعة بحرية، إضافة إلى 2342 أنظمة صواريخ، مما يضعها بمثابة ثانى جيش فى العالم. وتأتى مصر فى المركز الثانى بعد السعودية من حيث عدد القوات والتخصصات المشاركة فى المناورة، وباعتبار أن كلا الدولتين تشكلان جناحى القوة العسكرية فى المنطقة العربية. أبرز التحديات التى واجهتها المناورة: وهذا الحجم الضخم والمتنوع من القوات العربية والإسلامية المشاركة فى المناورة، يمثل نقلة نوعية من حيث استخدام كافة القوات فى الميدان، وتوظيف جميع القدرات المتاحة وفقاً لأحدث الخبرات والتكتيكات الحربية، لمضاعفة درجة الأداء فى ظل دمج الإمكانات بين كل القوات. هذا رغم التحديات الكثيرة التى تواجهها القيادات المسئولة فى تخطيط وإدارة أعمال المناورة، أبرزها تنوع المعدات العسكرية (روسية وصينية، وأمريكية، وأوروبية.. وغيرها) ذات خصائص قتالية مختلفة، بالإضافة لتعدد لغات وثقافات وعادات الأفراد المشاركين فى المناورة، ناهيك عن اختلاف العقائد القتالية، وأساليب استخدام القوات استراتيجيًا وتكتيكيًا، وهو ما يتطلب ويفرض جهداً كبيراً من جانب هذه القيادات لصهر كل هذه التنوعات فى بوتقة واحدة، هذا فضلاً عن تحديد قطاعات عمل مستقلة لكل تجمع قتالى فى مسرح العمليات، وذلك فى إطار مخطط استراتيجى واحد يستهدف تنفيذ أهداف ومهام قتالية مشتركة. ناهيك عن وجود تحدٍ آخر لوجيستى يتمثل فى تخطيط وإدارة وصول هذا الحجم الضخم من القوات المشاركة فى المناورة بحراً وجواً وبراً من بلدانها إلى موانئ ومطارات السعودية وأراضيها، وتحريكها إلى أماكن انتشارها فى حفر الباطن، فضلا عن إعاشتها لوجيستيا طوال فترة المناورة وحتى عودتها إلى بلادها، وبما يحافظ على أصول الانضباط العسكرى فى منطقة المناورة. ومن الواضح أن الجهات اللوجيستية فى السعودية قد نجحت فى توفير كل الإمكانات الإدارية والتموينية لإنجاح «رعد الشمال»، ومن المؤكد أيضاً أن مدينة الملك خالد العسكرية بحفر الباطن قادرة على استيعاب هذا الحجم الضخم من القوات المشاركة المناورة، وذلك فى إطار المخطط الاستراتيجى لإعداد مسرح العمليات السعودى للحرب. أما التحدى الأكبر الذى تواجهه السعودية أنها تخطط وتدير هذه المناورة الضخمة فى ذات الوقت الذى تخوض فيه حرباً جوية وبحرية وبرية فى اليمن وفى المنطقة الجنوبية من السعودية والبحر الأحمر ضد الحوثيين وقوات المخلوع على صالح، وتتحسب أيضاً إلى خوض حرباً برية وجوية فى السعودية. أهداف المناورة: تعكس أهداف مناورة (رعد الشمال) كل الأهداف السياسية والاستراتيجية للدولة/ مجموعة دول متحالفة، وتأمين متطلبات الأمن القومى ضد عدائيات محددة الهوية والحجم، وفى ظل الظروف البيئية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأيديولوجية السائدة فى مسرح العمليات المستقبلى، والذى يضم فى محيطه دائرة المجال الحيوى لهذه الدول. ومع الحرص على عدم التورط فى مواجهة عسكرية مباشرة مع القوات الإيرانية المسلحة، إلا أن هزيمة المشروع الإيرانى التوسعى والنووى يفرض فى المقابل هزيمته من خلال ضرب حلفاء إيران فى كل الساحة الشرق أوسطية. هذا مع الاستعداد لمواجهة القوات الإيرانية ذاتها إذا ما فرضت تطورات الحرب ذلك. وهو ما يفرض تحقيق التلاحم والترابط بين الجيوش العربية وجيوش الدول الصديقة، مع التأكيد على مدى جاهزيتهم القتالية لمواجهة المخاطر والتحديات التى تستهدف أمن واستقرار المنطقة، وتوظيف الإمكانات بين الدول المشاركة لتحقيق التلاحم والترابط فيما بينهم ووفقا لأحدث الخبرات الاستراتيجية والتكتيكية والمنظومات العسكرية المتطورة. لذلك تحددت أهداف هذه المناورات فى الآتى: 1- التعرف على العقائد القتالية والقدرات التكنولوجية والخبرات العسكرية للدول المشاركة؛ وصولاً إلى صياغة عقيدة عسكرية مشتركة ترسم سياسة عسكرية، وتضع خطط استراتيجية عسكرية موحدة قابلة للتنفيذ، وتحقيق أعلى مستوى من التفاهم والتعاون العسكرى المشترك، والقدرة على إنشاء قيادة استراتيجية عربية واحدة، وزيادة الثقة بالنفس على تخطيط وتنفيذ عمليات عسكرية مشتركة بحجم ضخم ومتنوع من القوات المسلحة، ذات أهداف استراتيجية مشتركة، وتحقيق تكامل بين القوات المسلحة للدول العربية والصديقة للاستفادة بإمكاناتها المتنوعة ورفع كفاءتها القتالية، وتحديد الحجم الأمثل من القوات المشتركة اللازمة لتنفيذ الأهداف والمهام الاستراتيجية المشتركة، ومواجهة وردع العدو المشترك، وتوحيد المفاهيم وتحقيق التقارب بين القوات المشتركة. 2- التدريب على شن عمليات هجومية ودفاعية وتصادمية متزامنة فى اتجاهات استراتيجية وتعبوية مختلفة فى منطقة الخليج وحولها، ضد عدائيات تقليدية وغير تقليدية قادمة من إيران ومنظمات إرهابية تتبع أساليب ووسائل غير تقليدية فى إطار ما يسمى بالحرب اللامتماثلة، وحماية الشعب منها. 3- السرعة فى تحريك وحشد القوات إلى مناطق انتشارها، استعداداً لتنفيذ مهامها القتالية، وذلك بدءًا من نقلها من أراضى دولها بوسائل بحرية وجوية وبرية، وتأمينها خلال هذه العملية، وحتى تصل إلى أرض العمليات، ثم تحريكها إلى مناطق انتشارها. 4- اختبار قدرة القيادات والقوات على رفع درجة الاستعداد والجاهزية القتالية فى أقصر وقت ممكن، مع الحفاظ على أمنها وسلامتها، وكذا أمن وسلامة المنشآت الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية للدولة. 5- تدريب القيادات والقوات واختبار قدرتها على تطبيق مبادئ الحرب، والعمل فى أنساق متباعدة الزمان والمكان لتنفيذ مهام قتالية متزامنة، ومع زيادة القدرة على التحول من نمط العمليات التقليدية إلى ما يسمى بالعمليات منخفضة الشدة. 6- تدريب واختبار القيادات الاستراتيجية والتعبوية على تخطيط العمليات العسكرية وتخصيص المهام القتالية للقوات فى مختلف أفرعها وتخصصاتها فى البر والبحر والجو، وتنظيم وتحقيق التعاون والتنسيق فيما بينها لتحقيق أهداف استراتيجية مشتركة وفى إطار معركة الأسلحة المشتركة. 7- تدريب القيادات والقوات على تخطيط وتنفيذ مهام الأمن القتالى، وذلك من حيث عدم المفاجأة بعمليات معادية أياً كان نوعها أو مصدرها، والوقاية ضد أسلحة الدمار الشامل والدفاع الجوى والصاروخى، والوقاية ضد الحرب النفسية المعادية، والتأمين اللوجيستى والطبى بجميع أبعاده، والتأمين الهندسى لمسرح العمليات، وخدمة الطرق والتحركات العسكرية، والاتصالات فى ظل بيئة إلكترونية وأعمال إعاقة معادية، إلى جانب تأمين أعمال قواتنا الخاصة فى عمق العدو. 8- تدريب القيادات والقوات على كيفية إعداد مسرح العمليات المستقبلى للحرب، والذى يشمل كافة مكونات البنية الأساسية من طرق، ومطارات، وموانئ، وأراضى هبوط اضطراري، وتحصينات، ومواقع ومرابض نيران لمختلف الأسلحة، وسواتر وموانع صناعية وباستغلال الموانع الطبيعية، وخطوط فتح القوات لتنفيذ هجمات وهجمات مضادة، ومستودعات ومخازن رئيسية ومتقدمة للمواد والمعدات اللوجيستية.. الخ، وبما يكفل إعاشة وإيواء القوات عند الإعداد للعمليات وخلال تنفيذها. 9- التدريب على استمرار تأمين المياه الإقليمية وخطوط التجارة البحرية ضد أعمال عدائية مفاجئة، وتأمين الأجواء فى الدائرة الإقليمية، وإغلاقها فى وجه العدائيات، خاصة المضايق البحرية (هرمز، باب المندب)، وحماية الحدود من تسلل العناصر الإرهابية التى تهدد أمن الشعب والدولة ومؤخرة القوات المسلحة أثناء خوضها الحرب. 10- تأقلم القوات العربية والصديقة المتواجدة فى مناطق مختلفة خارج منطقة الخليج على الطبيعة الجغرافية والمناخية لمنطقة الخليج، ومياهها وأجوائها.