تخوفات ورعب من أصحاب الأجندات.. تخرج كل يوم علينا من أن ثورات الربيع العربى التى ترغب فى الحرية والديمقراطية ويتشدق بها أصحاب منظمات حقوق الإنسان والحيوان بأنها ستؤثر على الحرية الدينية وستهدد الأقليات. وتقول هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية إن موجة هذه الثورات فى أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعرّض الأقليات الدينية فى المنطقة إلى "أخطار جديدة". نقول لها بدلا من تصريحات الشكوك والدعاية الخبيثة المضادة لثورات شعوب عانت من سنين الظلم والفقر وعبودية الحاكم أن تكفوا عن دعم حركات ومنظمات التخريب التى تشهدها مثلا مصر. ويؤكد ذلك رد داليا مجاهد مستشارة الرئيس أوباما السابقة أن هناك الكثير فى أمريكا يؤمنون بأن مبارك أفضل لأنه كان يحقق مصالح أمريكا وإسرائيل.. وأضف إلى هذا الرد دعاوى رجالاتها مثل موريس صادق رئيس الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية بطلب الحماية الأمريكية لأقباط مصر، بالإضافة إلى الأموال التى تقدر بملايين الدولارات وتهبط على مصر وغيرها وتسلم للمنظمات المدنية للقيام بعمليات تخريبية للقضاء على الثورات الشعبية وتحويل مسارها عن هدفها فى أن يحكم الشعب ذاته من خلال انتخابات حرة ليأتى من يمثلهم ويحقق لهم الكرامة ووحدة الصف العربى أمام كيان يريد الهيمنة وتحقيق الحلم الاستعمارى والقضاء على قيام الدولة الفلسطينية وتشريد شعب له حق أصيل فى الأرض. وهل ننسى الاحتلال الأمريكى للعراق وأفغانستان بدعوى إرساء الديمقراطية فنشاهد سفك الدماء والاعتقالات وانتهاك لآدمية الإنسان ونشر الفوضى والخراب. ثم تأتى تصريحات الكاردنيال اللبنانى إلياس الراعى بأن بقاء النظام السورى سيحمى مسيحى الشرق.. فيخرج الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ويستنكر تصريحات الكاردنيال ويقول إن المسيحيين فى الشرق جزء لا يتجزأ من النسيج الوطنى فى الشرق العربى وأن أهل الشرق فى مركب واحد.. وطالب النظام السورى بوقف العنف وهنا ينتهى كلام الإمام. ومن غير المتوقع أن تأتى مثل هذه التصريحات على لسان رجل البطريركية المارونية اللبنانية التى دائما ما تدعو إلى الوحدة الوطنية والتماسك والعودة إلى الحكمة ودائما ما تنأى عن الخوض فى القضايا السياسية الشائكة. وهذه التصريحات تفتح الباب للصراع الطائفى وأن النظام السورى وصل إلى طريق مسدود جراء قمع المعارضة والاعتقالات، فقد قام بقتل أكثر من 3000 مواطن سورى من بينهم 210 أطفال غير الشيوخ والنساء. واعتبر فريد مكارى نائب رئيس مجلس النواب اللبنانى أن الراعى استعدى 70% من المسيحيين اللبنانيين. وأتساءل: هل يرضى أى رجل دين سواء مسيحى أو مسلم سفك الدماء بغير حق وإطلاق يد العسكر والشبيحة فى توجيه الرصاص لمعارضة سلمية أرضاً وجواً وبحراً؟ وهل تخوف هؤلاء من إمكانية الأصوليين الإسلاميين الوصول إلى الحكم؟.. والعكس صحيح.. فنحن نرى أن المشهد فى مصر يوضح موقف الحركات الإسلامية فى التحالف مع الأحزاب الأخرى بما فيها الليبرالية واليسارية وأنها باتت تغير مواقفها المتشددة لتواكب عصر جديد استطاعت فيها الشعوب تجديد مصريها بكامل إرادتها ولن تعطى الفرصة لأى فريق يملى عليها قرارته. --------------------- مدير تحرير مجلة أكتوبر