أصبحت الحرب مسألة بقاء لنظام بشار الأسد، وهي تقترب من الحد الأعلى للعنف الذي تستطيع توظيفه، هذا وإن لم تكن قد أصبحت بعد "حرباً شاملة" إلا أنها ربما تصير كذلك قريباً، مما قد تترك تداعيات مدمرة على السكان. وفي الوقت الذي يواصل النظام السوري هجومه الأخير ينبغي على المجتمع الدولي أن يستغل نقاط الضعف العسكرية لهذا النظام من خلال اتخاذ إجراءات تساعد على تمهيد ساحة المعركة وتغيير البيئة النفسية وزيادة الضغط على الأسد وقواته. فما بدأ في مارس 2011 كمحاولة لقمع مظاهرات سلمية مناهضة للحكومة قد تحول إلى حرب يشنها الآن بشار الأسد ضد جماعات مسلحة والشعب السوري بعزم تام وعنف مفرط. وعند النظر إلى الصراع بوصفه قضية حياة أو موت يقوم النظام بتصعيد استخدامه للقوة العسكرية مع استخفاف شبه تام بآراء العالم الخارجي. ومنذ أواخر الشهر الماضي يستخدم النظام مزيجاً من التدابير الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية للقيام بهجوم كبير ضد "الجيش السوري الحر" والمعارضة الشعبية والمناطق التي يسيطرون عليها، وبفعله ذلك فقد أبان عن نقاط قوته ونقاط ضعفه مشيراً بذلك إلى مجالات التركيز لأي تدخل دولي عسكري محتمل. وفي النهاية فإنه بدون التدخل العسكري أو المساعدات العسكرية الكبيرة ل "الجيش السوري الحر" أو كليهما فإن أفضل السيناريوهات التي يمكن تأملها هو حرب استنزاف طويلة ودموية تكون نتائجها غير مؤكدة. وأما مفاتيح عمليات النظام العسكرية المستمرة فواضحة وهي: القدرة على شن عمليات منسقة على نطاق واسع والقدرة على تحريك القوات كيفما يشاء والقدرة على استخدام نيران ثقيلة، علاوة على ذلك فإن الجيش يبدي علامات الإجهاد، كما أن الاستخدام المتزايد لمدفعية الميدان يشير إلى أن الغرض هو قتال "الجيش السوري الحر" على مسافات قريبة في بيئات حضرية صعبة. ويبدو أيضاً أن هناك قلقاً من قدرات "الجيش السوري الحر" المضادة للدبابات، وبالإضافة إلى ذلك فإن القوات البرية قد أظهرت ما يدل على انحدار الروح القتالية مع ورود تقارير عن وجود وحدات مشاة غير راغبة في التقدم أو التراجع عن الاحتكاك ما لم ترافقها المدرعات. وفي الوقت نفسه فإن لدى قوات نظام بشار نقاط ضعف حقيقية في القتال في المناطق الحضرية القريبة وفي عجزها عن تدمير عناصر "الجيش السوري الحر" وفي حاجتها إلى القتال في العديد من المواقع في وقت واحد. ولو لم يكن التدخل العسكري المباشر خياراً، فإن هذه العوامل تُوحي بالعديد من طرق تقديم مساعدات عسكرية ل "الجيش السوري الحر"، فعلى سبيل المثال يمكن للولايات المتحدة وعناصر دولية أخرى أن تعطي "الجيش السوري الحر" الوسائل لتعطيل منظومة الاتصالات العسكرية للنظام مثل استهداف المعلومات أو الوسائل المادية لقطع خطوط الاتصالات. ويمكن أيضاً أن توفر تقنيات وأسلحة (مثل الألغام وأجهزة التفجير الأخرى) لتعطيل الحركة عبر الطرق. وللتعامل مع مدرعات النظام ومدفعيته يمكنهم كذلك توفير قذائف هاون وأسلحة مضادة للدبابات، كما أن المزيد من الذخيرة والأسلحة الصغيرة يمكن أن يساعد على تحقيق التوازن أمام الميزة العددية لدى النظام. وتلك قائمة ليست شاملة بأية حال بل إن هذه الإجراءات بالذات سوف تساعد على تمهيد ساحة القتال وتغيير البيئة النفسية وزيادة الضغط على الأسد وقواته. وفي النهاية فإنها يمكن أيضاً أن تنقذ الأرواح من خلال كبح عمليات النظام وربما تقصير أمد الصراع.