د.مازن النجار \n\n تمكن فريق بحث دولي للمرة الأولى من تحوير فيروس الحصبة، ليستطيع استهداف وتدمير الخلايا السرطانية. ورد ذلك في العدد الأخير من مجلة \"نيتشر بيوتكنولوجي\" العلمية.\n \nفقد نجح الدكتور ستيفن راسل من مستشفى \"مايو كلينيك\" الأميركي، وفريق البحث الدولي من تسخير إحدى القدرات الطبيعية للفيروسات وإعادة توجيهها لتصبح ذات فائدة علاجية في مقاومة السرطان.\n \nفالفيروسات تتميز بقدرتها على استهداف ومهاجمة الخلايا السليمة والسيطرة عليها. ومن ثم، إذا ما أعيدت \"برمجة رادار\" الفيروسات ليهاجم الخلايا السرطانية، دون السليمة، سيفتح ذلك أفقا علاجيا جديدا تماما لعلاج السرطان، وهذا ما أنجزه الدكتور راسل وفريقه.\n \nأجرى فريق البحث تجاربه على فئران مختبرات محقونة بخلايا سرطانية بشرية (مأخوذة من سرطان مبيض وسرطان ليمفاوي). واستخدم الباحثون تقنيات الهندسة الوراثية لإعادة \"برمجة\" فيروسات الحصبة بحيث تتوجه للبحث عن الخلايا السرطانية المصابة وتلتصق بها دون غيرها.\n \nوالمقصود بإعادة البرمجة شل قدرة الفيروس على التعرف على جزيئات الاستقبال على أغشية الخلايا السليمة (والتي تمكنه من الالتصاق وإحداث العدوى)، وتزويده بدلا من ذلك بالقدرة على التعرف على جزيء استقبال آخر؛ وهو ذلك الذي يوجد على أغشية الخلايا السرطانية. \n \nولعل أهم العناصر التي ساعدت على تحقيق النجاح في هذا المنحى الجديد ابتكار فريق البحث لتقنية \"الشارة الجزيئية\"، وهي التي تتيح \"إنتاج\" المزيد من فيروسات الحصبة الجديدة (التي أعيد توجيهها لمهاجمة خلايا الأورام السرطانية) مع الاحتفاظ بميزة التخصص لدى هذه الفيروسات؛ أي عدم قدرتها على مهاجمة الخلايا السليمة.\n \nولم يكن إنتاج كم كاف من فيروسات الحصبة المحورة القادرة على تثبيط ملموس للأورام السرطانية ممكنا بدون تقنية \"الشارة الجزيئية\" التي استغرق تطويرها حوالي 15 عاما.\n \nورغم ثبوت نجاح منحى تسخير الفيروسات لمهاجمة الخلايا السرطانية البشرية، فإنه لا يزال ثمة الكثير من الوقت والبحث – ربما لعدة سنوات – قبل أن تتوج هذه الأبحاث في صورة دواء للسرطان متاح تجاريا.\n \nوكانت أنظار الباحثين قد توجهت منذ بضع سنوات إلى فيروس الحصبة بصورة خاصة، حيث ثبت أن سلالة فيروسات الحصبة التي تُستخدم جرعات ضئيلة منها عالميا كأمصال للتحصين ضد المرض لديها نزوع طبيعي لمهاجمة خلايا الأورام السرطانية.