اليهود في غرب أوروبا أصبحوا يتعرضون للمزيد من الهجمات بعد ان بدأت اسرائيل في شن هجومها العسكري على قطاع غزة المحاصر الذي يعيش سكانه البؤس والشقاء تركزت هذه الهجمات على المعابد اليهودية في بريطانيا وبلجيكا وألمانيا. وقد اعتقلت الشرطة البلجيكية عددا من المتظاهرين الذين ارادوا دخول الحي اليهودي في مدينة انتويرب. وقد اعتذرت بعض المدارس الدنماركية عن تسجيل طلاب يهود قائلة إنها لا تضمن سلامتهم. وفي فرنسا هاجمت مجموعة من المراهقين فتاة يهودية تبلغ من العمر 15 عاما وأشبعوها ركلا ووصفوها بأنها «يهودية قذرة». وقد ارتفعت هتافات غير مألوفة في ألمانيا وهولندا مثل «حماس، حماس وليذهب اليهود إلى أفران الغاز». وفي امستردام شارك عضوان في البرلمان الهولندي منهما زوجة أول رئيس للبيت المركزي الأوروبي في تظاهرة كانت تهتف باسم الانتفاضة الفلسطينية و«لفلسطين الحرة». وتعد هذه التظاهرة هادئة إذا ما قورنت بتظاهرات أخرى ارتفعت فيها هتافات تدعو الى محرقة يهودية جديدة. العداء لليهود في أوروبا بدأ يلفت الأنظار حيث أعدت محطة «سي.إن.إن» تقريرا حول تنامي هذه الظاهرة في أوروبا وفي الدول العربية والإسلامية. فرنسا أيضا لم تنج من هذه الظاهرة حيث شهدت مدينة تولوز حرق سيارة امام معبد يهودي مما دعا الرئيس الفرنسي لإصدار بيان تطرق فيه للأوضاع المأساوية القائمة في قطاع غزة. وقد استنكر ساركوزي «الإرهاب» الذي تمارسه حماس والاستخدام المفرط للقوة الذي تقوم به إسرائيل ضد سكان القطاع. وأشار الرئيس الفرنسي الى أن العنف في فرنسا ليس سببه المسلمون فقط بل اليهود أيضا. من بيان ساركوزي يمكن الاستنتاج أن ينسب تنامي المشاعر المقاومة للسامية في أوروبا الى الصراع الدائر في الشرق الأوسط. وتفجرت مشاعر الكراهية لليهود في الشرق الأوسط مع قيام دولة إسرائيل وما صاحبه من تشريد وطرد للسكان الفلسطينيين. مع تنامي الوعي الإسلامي ظهر إلى الوجود الكثير من المنظمات والحركات الإسلامية مثل حماس وحزب الله وغيرهما الكثير وهي حركات تستخدم الخطاب الديني ولا تخفي كراهيتها لإسرائيل على اعتبار انها قامت على وطن لشعب عربي مسلم. الثورة الإعلامية ساهمت بدورها في توصيل الآراء المتعارفة الى عامة الشعب الفلسطيني الذين يعانون بدورهم مشاكل حياتية لا عد لها من غلاء للمعيشة وبطالة وتضييق على الحريات المدنية. أصبح البث التليفزيوني ذو الخطاب الإسلامي يصل إلى كافة أرجاء المعمورة وقد ردت بعض الدول الأوروبية بمنع بث قنوات مثل «المنار» التابعة لحزب الله وتلك التابعة لحماس على اعتبار انها تعمل على بث المشاعر المعادية لليهود. ولا يزال باستطاعة المشاهدين العرب والمسلمين متابعة برامج هذه القنوات التي تبث عبر أقمار صناعية لا يسيطر عليها الأوروبيون. أوردت دراسة نشرها معهد «بيو» في سبتمبر الماضي مجموعة مذهلة من الحقائق التي لم تكن معروفة للكثيرين، فحوالي 25% من الألمان و20% من الفرنسيين يكنون مشاعر الكراهية لليهود اما في اسبانيا فإن هذه النسبة تصل الى 46%. وهناك جماعات يهودية تتهم الإعلام الاسباني الخاص والحكومي على حد سواء بالعداء لليهود. وكانت اسبانيا قد شهدت اكبر تظاهرة في أوروبا الأسبوع الماضي للاحتجاج على الهجمات الاسرائيلية على غزة وشارك فيها ما يزيد على 100 ألف متظاهر. ومع استمرار حرب غزة وما يصاحبها من طوفان من المناظر المؤلمة لمعاناة المدنيين استمرت المشاعر المقاومة لإسرائيل واليهود في التنامي وسيواجه اليهود في أوروبا أوقاتا صعبة في المستقبل القريب. فهل تتعظ إسرائيل؟ دانيال شوفنتال