\r\n \r\n إن قائمة الصفات غير المستحبة بحق المالكي طويلة ومقنعة, ولكنها كلها ترتكز على هذا : أن رئيس الوزراء العراقي لم يفعل شيئا للمصالحة بين جموع العراقيين المتناحرين, وهو, على العكس, يبدو إما قانعا أو مذعنا لرئاسة حكومة تدعم صعود نجم الشيعة في العراق فوزاراته يتحكم فيها شيعة طائفيون ويخشى السنة من قوة الشرطة الحكومية, ويخافون من الذهاب إلى المستشفيات الحكومية ويتخلون حتى عن قيام الحكومة بجمع القمامة والمخلفات في أحيائهم السكنية أو توفير أي خدمات أو سبل راحة عادية توفرها الحكومة طبيعيا. \r\n \r\n وعلى مدى الشهور القليلة الماضية, ومما لا يدعو للدهشة, أن الأحزاب السنية وغير الطائفية قد انسحبت من وزارة المالكي وقاطعت البرلمان كما أن التنافسات والصراعات داخل طائفة المالكي نفسها قد أضعفته , وهو ( أي المالكي), على العكس من القادة الشيعة من أمثال عبد العزيز الحكيم أو مقتدى الصدر, تعوزه الفيالق العسكرية الطائفية كي يدعوها. \r\n هناك جيوب للسلام النسبي في العراق , ولكنها ليست في أماكن بارزة تسمح لها بالقيام بعميلة مصالحة. ففي المحافظات التي يحكم فيها الشيعة الشيعة أو يحكم فيها السنة السنة ( أو بالأخص التي يحكم فيها الأكراد الأكراد ), لا تكون التنافسات والصراعات فيما بين الطوائف عارمة صاخبة ولا تكون \" القاعدة \" في العراق متحاربة ضد الجميع, ولا يتخلل الحياة موت من جراء العنف وعلى العكس من القادة الأميركيين من كلا الحزبين ( الجمهوري والديمقراطي ), فإن عددا متزايدا من العراقيين يعادلون السلام ليس بالمصالحة ولكن بالانفصال والسيطرة المحلية الطائفية وفي مثل تلك المحافظات, يعد المالكي والحكومة في بغداد غير ذي صلة , وتبدو فكرة المصالحة نفسها مزعزعة للاستقرار أو خطرة أو مهلكة بكل معنى الكلمة. \r\n وأنا لا أؤيد أو أدافع عن المالكي , ولكن من العدل الإشارة إلى أننا نطلب منه مصالحة بلد لا يرغب - بأي مؤشر تقريبا - في المصالحة إن سوء فهمنا العميق والمستمر للطموحات الطائفية في العراق متجذرا في عدم قدرتنا على رؤية العراق كما هو. \r\n والأميركيون - ولنأخذ مثالا واحدا فحسب- احتفلوا بالانتخابات البرلمانية في ديسمبر عام 2005, مشيرين باستحسان إلى كم عدد العراقيين الذين صوتوا في منطقة لم ترسخ فيه الديمقراطية جذورا كثيرة لها وما فشلوا في ملاحظته هو أن عملية التصويت جرت بالكامل على انقسامات طائفية- أي أن السنة صوتوا لصالح الأحزاب السنية, والشيعة صوتوا لصالح الشيعة, والأكراد لصالح الأكراد. وقد فازت اللائحة غير الطائفية الوحيدة - بقيادة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي - بنسبة 8 % فقط من التصويت. \r\n وباختصار, نحن نطلب من المالكي تحويل العراق إلى دولة يريدها قليل من العراقيين فعليا : إنها مهمة يمكن أن ينجزها ديكتاتور لا يرحم باحتكار القوة المسلحة - ولنقل مثل صدام حسين - ولكن لا ينجزها قائد سياسي مقيد بالرأي العام. \r\n إن التخلص من المالكي والإطاحة به لن يفعل شيئا لتغيير الواقع الأساسي في العراق الجديد, وهو أن حربا أهلية بين الطوائف - انطلقت من عقالها ربما بفعل الغزو الأميركي للعراق وتدميره للمؤسسات الوطنية العراقية - قد حطمت العراق تحطيما. \r\n تخلصوا من المالكي وسينتهي بنا المطاف إلى أن يكون لدينا شخص ما مثله بشكل أساسي فطائفيته الشيعية هو ما تريده الأغلبية الشيعية المقموعة طويلا في العراق في رأس الحكومة فطائفيته هي طائفية خادم أمين مخلص لشعبه - أو على الأقل , لقاعدته السياسية . \r\n وفي الواقع, من الأسهل الدفاع عن طائفية المالكي والدفاع عن الزعيم الذي حطم بلد المالكي تحطيما وقسمه تقسيما: إنه جورج بوش. \r\n لقد ورث المالكي فصائل متحاربة؛ وهذا هو السبب في أن الأمر أخذ خمسة اشهر لتوحيد وجمع شتات حكومته معا قبل أن يتقلد حتى السلطة. \r\n على أن بوش - بدعمه لكارل روف - حكم بالنظرية الجديدة التي مفادها أن ما كانت تحتاجه أميركا هو الاستقطاب السياسي. فهو لم يتواصل مع الديمقراطيين في أعقاب أحداث 11/9 لترسيخ إجماع أمني وطني جديد؛ وفي الواقع, هو استخدم حرب العراق - بدءا من صيف عام 2002 فصاعدا - لتطليخ ووصم الديمقراطيين بأنهم متهاونون في أمر الأمن القومي. \r\n فلو لم يكن المالكي قد أصبح رئيسا للوزراء, فهل يعتقد أي امرئ حقيقةً أن انقسامات العراق الأساسية كان سيتم تقليلها والحد منها عمليا, وأن التطهير الطائفي كان سيتم وضع حد له وأن الحرب الأهلية كانت ستوضع لها نهاية ؟ إنه بوش, وليس المالكي, هو الذي يجب أن تنتهي ولايته قبل أن يمكننا أن نتخلص من بلوتنا ومحنتنا في العراق. \r\n \r\n هارولد ميرسون \r\n محرر حر في \" أميركان بروسبيكت \" و \" لوس أنجلوس ويكلي \" الأميركيتين \r\n خدمة \" واشنطن بوست \" - خاص ب\" الوطن \"