\r\n \r\n \r\n \r\n والحال أن إغلاق الحدود في حد ذاته لن يؤدي إلى تقليص عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعيشون في هذا البلد. بل إن البحوث تشير إلى أنه من شأن هذه المقاربة أن تفرز آثاراً عكسية. فصحيح أن الخبراء لا يُجمعون على ذلك، إذ أن ثمة من الباحثين من خلص إلى أن تعزيز أمن الحدود لن يُحدث تحسناً كبيراً في ما يخص الحد من الهجرة غير الشرعية؛ في حين وجد آخرون أنه يساعد. أما آخرون، فيقولون إن من شأنه أن يفاقم المشكلة. \r\n \r\n غير أن قراءة في جميع البحوث المتوفرة تشير إلى أن تعزيز أمن الحدود لن يجدي نفعاً كبيراً، في أحسن الأحوال، في ما يخص تقليص عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعيشون في الولاياتالمتحدة. لماذا؟ لأنه حتى وإن أدى إلى تقليص عمليات دخول المهاجرين غير الشرعيين، فإنه يبطئ تدفق أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين يغادرون الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n ولعل أكثر بحث شمولية حول هذه الظاهرة هو ذاك الذي قامت به \"مانويلا أنجيلوتشي\"، الأستاذة بجامعة أريزونا، حيث توصلت خلال بحثها إلى أن كل موظف جديد يتم توظيفه في أمن الحدود ومراقبتها: \r\n \r\n -يمنع ما بين 771 و1621 شخصاً من دخول البلاد، ويشجع ما بين 831 و1966 مهاجراً غير شرعي ممن يعيشون في الولاياتالمتحدة على تمديد فترة مقامهم خشية أن يُقبض عليهم أثناء محاولة الخروج أو الدخول مرة ثانية إلى البلاد. \r\n \r\n وبالتالي، فإن القصد من وراء تسخير المزيد من الموظفين على الحدود يصبح في هذه الحالة غير واضح. هذا ويمكن القول إن ثلاثة عوامل تساهم في التقليل من فعالية دوريات مراقبة الحدود: \r\n \r\n أولاً، يمثل التفاوت في الرواتب بين الولاياتالمتحدة وبلدان أميركا اللاتينية حافزاً قوياً لعبور الحدود. إذ يبلغ الحد الأدنى للأجور في الولاياتالمتحدة 5.15 دولار للساعة، في حين أن الحد الأدنى للأجور في المكسيك يساوي 4.50 دولار يومياً. أما في هندوراس، فيتراوح الحد الأدنى للأجور ما بين 3.24 دولار و5.17 دولار يوميا، حسب وظيفة العامل. وبالنظر إلى هذا الواقع الاقتصادي، فإن المكافأة المحتملة لكسب مرتفع في هذا البلد تفوق في أهميتها خطر الاعتقال على يد أفراد أمن الحدود الذين يتم تعزيز صفوفهم. كما تشير البحوث المختصة إلى أنه من المرجح أن يستمر أولئك المصممون على دخول الولاياتالمتحدة بشكل غير شرعي بحثا عن حياة أفضل، في محاولة عبور الحدود إلى أن ينجحوا. \r\n \r\n ثانياً، سيتقلص الأثر الردعي لتوسيع وتعزيز دوريات الحدود في حال لم ينل الأشخاص الذين يتم القبض عليهم العقاب. فحالياً، لا تفرض الحكومة الفدرالية نظرياً أي عقوبات (مثل الغرامات أو السجن) على المهاجرين غير الشرعيين الذين توقفهم. وبدلاً من ذلك، يقوم جميع المهاجرين غير الشرعيين الذين يتم توقيفهم تقريباً بتوقيع استمارة مغادرة طوعية يتعهدون فيها بالعودة إلى أوطانهم. ففي 1998 مثلاً، لم تتابع السلطات الفدرالية قضائياً سوى 1.25 في المئة من ال1.6 مليون مهاجر غير شرعي الذين أوقفتهم. وبالنسبة للأغلبية الساحقة من المهاجرين غير الشرعيين، فإن كلفة أن يقبض عليهم تعادل فقدان أجر يوم. \r\n \r\n ثالثاً، يبدو أن الحزم والصرامة اللذين تفرض بهما دوريات الحدود احترام القانون يختلفان حسب متطلبات سوق العمل الداخلية. فلئن كان دور وكالة مراقبة الحدود هو حراسة الحدود وحمايتها، فإن البحوث تشير إلى أنها تخفف من فرض احترام القانون عندما يكون الطلب على العمال المهاجرين مرتفعاً. \r\n \r\n وعليه، فمن الواضح أن المزيد من التشدد والصرامة في فرض احترام القانون على الحدود ليس كافياً لحل مشكلة الهجرة غير الشرعية؛ ذلك أن إصلاح قانون الهجرة يجب أيضا أن يتضمن التالي:- معالجة جانب \"الطلب\" من المعادلة، عبر التعامل بصرامة مع المشغلين الذين يقومون بتوظيف مهاجرين غير شرعيين. \r\n \r\n - تبسيط الإجراءات والعمل على أن تشمل تمديد برنامج العامل-الضيف، حتى يمكن للمهاجرين أن يشغلوا بشكل قانوني وظائف مؤقتة ويعودوا بسهولة إلى بلدانهم الأصلية. \r\n \r\n - وتشجيع الإصلاحات الاقتصادية في البلدان الأصلية. \r\n \r\n باختصار، يتعين علينا أن نفكر في أكثر من الإجراء الرمزي جداً والمتمثل في توظيف الآلاف من موظفي مراقبة الحدود الجدد وإقامة \"السياجات\". فإذا كانت الولاياتالمتحدة ترغب في تقليص عدد الأشخاص الذين يعيشون هنا بشكل غير قانوني، فيجب علينا أن نتبنى استراتيجية حول الهجرة تقوم على أمن الحدود، وفرض احترام القانون داخلياً، وبرنامج عمل مؤقت قانوني. غير أن الكونغرس يبدو معجبا للأسف بمقاربة \"الحدود أولا\" التي تبدو قاسية وصارمة، غير أنه يُرجح ألا تحقق الكثير على مستوى تقليص الهجرة غير القانونية. \r\n \r\n ديفيد مولهوسن \r\n \r\n محلل بمركز تحليل المعطيات بمؤسسة \"هيرتج فاونديشين\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n