هذه الأمور تبين لماذا أصر البيت الأبيض ومسؤولو وزارة الأمن الداخلي مبدئيا على انهم قاموا بفعل كل مايمكنهم فعله ,وبأسرع ما يمكنهم لمساعدة هؤلاء المحتاجين في نيو اورليانز وعبر ساحل خليج المكسيك. ولكن المصلحة الوطنية تتطلب من الرئيس أن يسمو فوق هذه الاتهامات والانتقادات. وبعد أسبوع من الإحباط والمعاناة والرعب وحالة العدم في مناطق نيواورليانز المنكوبة ,فإن اللحظة قد جاءت للرئيس لكي يرد على كل التساؤلات وان يفرض التغيير في الحكومة الفيدرالية. لقد كانت بداية مشجعة حينما اعترف الرئيس يوم الجمعة الماضية بأن نتائج جهود الإغاثة ليست مقبولة. ولكن الرئيس دحض هذه الرسالة بقوله انه راض ومقتنع بالاستجابة التي تمت للتصدي لهذه الكارثة. وفضلا عن ذكر الكلمات المتكلفة في حق الحكومة الفيدرالية وادائها, كان يجب على الرئيس أن يكون أول من يطرح التساؤلات أمام الجمهور أو من ورائه. إذا لم يكن الوضع مأساويا, فقد يكون من السخرية أن نيو اورليانز قد غرقت في التعاسة والشقاء, في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لاحياء الذكرى الرابعة لأحداث 11/9. إن الحكومة على كل المستويات أنفقت مليارات الدولارات منذ عام 2001 من اجل الاستعداد لكارثة أخرى. بالإضافة إلى أن البيروقراطية في إدارة الأمن القومي قد خضعت لأكبر عملية تغيير واعادة تنظيم منذ الحرب العالمية الثانية من خلال إنشاء وزارة الأمن الداخلي. وقد صرح الرئيس مرارا وتكرارا أن الدولة على شفير الحرب. وبعد أيام من انفجار السدود حول نيو اورليانز, كان الناجون يقفون بين جثث الأموات في الشوارع والمسؤولون في إحدى المستشفيات كانوا يعيدون توزيع المرضى على الأدوار العلوية لأن الطوابق السفلية قد تعرضت للنهب من قبل اللصوص. إن الدمار قد حل بكل شيئ لدرجة انه من المحتمل أن أي جهود وأي ردود أفعال من الحكومة , سواء كانت كبيرة أو مخطط لها بشكل جيد, لن تلبي كل الاحتياجات. ولا يمكن لأحد أن يرى ما حدث من خراب ودمار الأسبوع الماضي ويشعر بالثقة بأن الدولة قد حسنت, منذ أحداث11/9 بشكل كاف, من قدراتها واستعداداتها للتعامل بشكل جيد مع الكوارث الكبرى ,سواء الطبيعية أو التي من صنع البشر.إن هذا فشل ذريع في الاستعدادات,والإدارة العامة ,ويبدو أن الاستراتيجية التي ننتهجها (فيما يتعلق بالأمن الداخلي) بها خروقات كبرى, حسب قول دونالد كيتل أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنسلفانيا ومؤلف كتاب: النظام تحت الضغط, الأمن الداخلي والسياسة الأميركية. والشيئ المخيف حقا هو وجود بعض المجاري المائية الهزيلة كما كنا نتوقع, والتي دمرت عن أخرها جراء هذا الإعصار. وفي حديثه, الأسبوع الماضي قال بوش : أنا لا اعتقد أن أحدا توقع بأي حال سرعة تدمير هذه السدود.ولكن منذ أربع سنوات, حذر عدد من الخبراء من أن موجة من العواصف بعد الإعصار قد تطيح بكل السدود الكائنة حاليا, وهو ما قد ينتج عنه نفس النتيجة: فيضان مدمر في المدينة. في عام 2001 أشارت الوكالة الفيدرالية لادارة الطوارئ إلى احتمال حدوث فيضان في نيو اورليانز وهو واحد من اكثر ثلاثة فيضانات مدمرة تهدد المدينة. وقد نشرت صحيفة نيو اورليانز تايمز بالتفصيل المخاطر المحتملة في سلسلة من التحقيقات الشاملة عام 2002. وفي الصيف الماضي أعلن مركز الأعاصير في جامعة لويزيانا, أن اكثر من مليون شخص لابد من إجلائهم بعيدا عن منطقة الأعاصير وان اكثر من 300.000 آخرين سوف يتم احتجازهم داخل المدينة. ورغم الجهود البطولية التي يقوم بها الكثير من الأفراد ,بداية من رجال الشرطة وحراس السواحل, والغواصين, إلا أن رد الفعل الحكومي تجاه الفيضان لم يكن مجديا ولم يكن يرقى للمستوى تماما مثل السدود في نيو اورليانز ذاتها. في الحقيقة ليس لدي أي إجابة عن سبب عدم استعدادنا لمواجهة الكارثة بشكل افضل مما نحن فيه الآن. \r\n \r\n رونالد براونستاين \r\n مراسل سياسي لصحيفة لوس أنجلوس تايمز \r\n خدمة لوس أنجلوس تايمز خاص بالوطن