\r\n وبالنظر إلى العنف الدائر الآن في العراق، يبدو من المستبعد أن يكون يوم 30 يونيو المقبل موعداً آمناً لنقل زمام السلطة من الأميركيين إلى أيدي العراقيين. ففي الحقيقة أن نقل السلطة إلى العراقيين ما زال يُشكل واحدة من أضخم المسائل التي لم يتم حلّها حتى الآن في هذا الاحتلال المتواصل: فمتى نقوم نحن الأميركيين بإعادة السلطة إلى الشعب العراقي، ومَن هي الجهة التي سنعيد إليها تلك السلطة؟ \r\n \r\n وبغض النظر عن ماهية الجواب على هذا السؤال، أعاق البيت الأبيض مسيرة التقدم في العراق. لقد قامت أميركا بخلع طاغية اعتمد على الترويع والتخويف والسيطرة، وكان لا يصغي إلاّ إلى أولئك الذين يوافقونه الرأي. لكن أميركا اليوم باتت في عيون العراقيين ترتكب ما ارتكبه الطاغية، حيث تعتمد على التخويف والسيطرة، وهما العنصران اللذان تستمدهما من الجيش الأميركي، كما تعتمد على نبذ الأشخاص الذين يرون الأحداث من زاوية مختلفة. ويبدو أن إغلاق الصحف، بما فيها تلك العنيفة والمعارضة للاحتلال، أمرٌ يؤكّد كذب مزاعمنا وادعائنا حب الحرية. فربما لا يكون العراق اليوم جاهزاً لتولي الحكم الذاتي، لكن من المؤكّد أن شعب العراق لا يتعلم الآن من الاحتلال الأميركي متعة الديمقراطية. \r\n \r\n ولذا ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تنسحب من إدارة العراق. أمّا تخفيف حدة التوتر في مرحلة الانتقال إلى عراق ما بعد صدّام، فلن يكون بالاستعانة بالمزيد من القوة العسكرية التي يراها الكثيرون من أبناء المنطقة أداةً للتخويف الدولي. ولذلك فإن هناك حاجة ملحّة لاتباع منهج جديد، إذ ينبغي أن نعمل بالتعاون مع الأمم الأخرى في المجتمع الدولي. لقد آن أوان تسليم السلطة الكاملة إلى الأممالمتحدة. \r\n \r\n وهنا أردّد كلام جورج دبليو بوش المرشح الرئاسي في عام 2000 حين قال إن جنودنا ليسوا بناة أمم. ذلك أنه لا ينبغي أن يكون وجه الاحتلال مؤلفاً من دبابات وعربات مدرّعة. بل ينبغي علينا أن نعتمد على خدمة تقدّمها هيئة دولية حيادية وتحظى بالاحترام، وذلك بغية إخماد الاضطرابات التي تستنفد طاقة جنودنا وأبناء شعب العراق. \r\n \r\n ومن الواضح أن البيت الأبيض فقد زمام السيطرة في العراق. فالأوضاع تسير هناك من سيئ إلى أسوأ مع مضي كل يوم. ولذلك آن أوان قيام الكونغرس الآن بالتأكيد على حضوره في السياسة الخارجية، وبالعثور على السبل الكفيلة بالحيلولة دون الانخراط في مغامرات كهذه محفوفة بالمخاطر في المستقبل. \r\n \r\n لقد أخفقت العقيدة الخطيرة المعنية بالحرب الاستباقية، والتي كشف الرئيس بوش النقاب عنها في شهر سبتمبر 2002. فالرئيس بوش يزعم أنه يتمتع بصلاحية إرسال بلدنا أميركا إلى ساحة الحرب في كل الأحوال حتى وإن كنا لا نواجه تهديداً وشيكاً ومباشراً. لكن من شأن سياسة خارجية كهذه، تستند إلى توجيه الضربات الاستباقية ثم طرح الأسئلة فيما بعد، أن تمزّق الشرط الدستوري الذي يقتضي أن يكون الكونغرس، وليس الرئيس، هو صاحب القول الفصل والقرار الأخير في مسائل الحرب والسلام. وعلى رغم ذلك، وفي شهر أكتوبر من عام 2002، أقرّ الكونغرس الأميركي تفويضاً للرئيس الأميركي يتصف بقصر النظر بل وبالعمى ليجيز به للرئيس شن الحرب، وهو ما يعني موافقة الكونغرس على عقيدة الحرب الاستباقية ويعبّر عن إيمانه بها. \r\n \r\n قبل 40 عاماً من الآن، قمت أنا شخصياً بالتصويت لصالح القرار المعني بمسألة خليج تونكن، وهو القرار الذي أدى آنذاك إلى نشوب الحرب في فيتنام، وإلى موت 58 ألف أميركي وانطلاق مظاهرات حاشدة ضخمة، وبالتالي إلى إحداث الانقسامات العميقة في بلادنا. وبعد كل المذابح التي وقعت آنذاك، نمى إلى علمنا أننا كنا نستند في تصويتنا لصالح القرار على مزاعم أطلقتها الإدارة الأميركية آنذاك، وهي مزاعم كانت كاذبة وغير صحيحة. لكن السيف سبق العذل وفات أوان التراجع بعد أن تم الإدلاء بالأصوات، وبعد أن دارت المعارك وزُهقت الأرواح. \r\n \r\n ومن الواضح للعيان أن حرب العراق ما كان ينبغي على الإطلاق أن يتم شنّها. فمزاعم الإدارة التي ذهبنا إلى الحرب استناداً إليها لم تكن صحيحة. وفي سياق سعينا إلى كبح صدّام حسين، قمنا بخلق دوامة من العنف. وفي سياق اندفاعنا واستعجالنا إلى التصرّف والعمل دون الاستعانة بالتأييد من الأمم الأخرى في المجتمع الدولي، انعزلت أميركا وصار حلفاؤنا القلّة مستهدفين. وبدلاً من إعادة بناء العراق، يجب علينا أن نقوم بإعادة بناء استراتيجيتنا. \r\n \r\n وليس هذا هو الوقت الملائم لتوسيع الوجود الأميركي في العراق، بل هو الوقت الملائم لتقليص ذلك الوجود. فمنذ أربعين سنة خَلَت، أغرقت الولاياتالمتحدة أدغال فيتنام بالجنود الأميركيين، فكانت عائدات ذلك علينا 58 ألف قبّعة عسكرية مات أصحابها. \r\n \r\n لابد لإدارة بوش من أن تتراجع قبل فوات الأوان عن منهجها الأحادي في العراق، ولابد لها من أن تضع حدّاً للخطأ الكارثي الذي ارتكبَتْه بهذا الاحتلال الواضح الذي تنطبق عليه دلالة عبارة \"صُنع في أميركا\". \r\n روبرت بيرد \r\n \r\n سيناتور ديمقراطي يمثل ولاية وست فرجينيا في مجلس الشيوخ \r\n \r\n يُنشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواسنطن بوست\" \r\n