دأت خطوات هيلاري كلينتون السريعة بالتثاقل، فقد أسفرت رحلتها الأخيرة إلى لوس أنجلوس عن تعهد بالود والولاء والدعم المالي من النخبة في هوليود حال ترشحها للرئاسة في عام 2016. والمواقع الإلكترونية تترقب ترشحها، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يصدر الإعلان الرسمي قبل عام على الأقل. هذا الإجماع المشروط لكلينتون هو أمر لافت للنظر، ليس فقط بسبب شعبيتها، ولكن أيضاً بسبب شبه الإجماع غير المعهود في الحزب "الديمقراطي"، فهذا الحزب، بعد كل شيء، شهد انقساماً ذات يوم حول الحقوق المدنية، وكذلك فيما يتعلق بحرب فيتنام وغزو العراق في 2002. واليوم، لم يعد لهذه الانقسامات أي مكان، فالعملية التي بدأت بتوقيع ليندون جونسون على قانون الحقوق المدنية، قد انتهت بتحرك الجنوب الأبيض بشكل شبه كامل إلى الطابور "الجمهوري"، بينما أيد سائر "الديمقراطيين" بصورة شبه موحدة حقوق الأقليات. أما بشأن الأمور التي تتعلق بالتدخل العسكري، فلا يوجد سوى "الديمقراطيين" التابعين لجو ليبرمان: فالحروب العراقية والأفغانية دمرت كل من تبقى من حماس لدى "الديمقراطيين" للتدخل في النزاعات المشابهة. وقد ساهمت فترة عمل كلينتون كوزيرة للخارجية في إدارة أوباما في إبعاد دعمها الأول لحرب العراق وبدد إلى حد كبير التوترات التي نتجت عن هذا الدعم. أما المسألة التي تسبب الانقسامات بين "الديمقراطيين" حالياً فهي الاقتصاد. كما أن انقساماتهم أكثر وضوحاً على مستوى الدولة والمحليات: فقد حشد عدد كبير من المحافظين والعمد "الديمقراطيين" أنفسهم ضد اتحادات نقابات الموظفين الحكوميين، والتي ظلت لفترة طويلة القوة الرئيسية في انتخابات "الديمقراطيين"، وعلى الصعيد الوطني، كانت أبرز علامات الانقسام تتمثل في الحملة التي شنها العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الليبراليين، لإقناع أوباما بترشيح "جانيت يلين"، بدلًا من "لاري سامرز" في منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي. بالنسبة لليبراليين كانت خطيئة "سامرز" عندما كان يشغل منصب وزير الخزانة أثناء إدارة بيل كلينتون، حيث دعم إلغاء قانون يسمح للبنوك التي كانت فيما قبل مكان آمن للمودعين باستخدام هذه الأموال في استثمارات تتسم بالمضاربة. وبمعنى أوضح، فإن معارضي "سامرز" لوحوا بمعارضة "الديمقراطيين" المتزايدة لليبرالية ممثلة في شارع المال "وول ستريت" – التجارة الحرة، ووجهات النظر التحررية التي سادت السياسة الاقتصادية للحزب الديمقراطي خلال رئاسة كلينتون وفترة عمل "روبرت روبين" كوزير للخزانة، والتي تأرجحت بما يكفي خلال فترة الرئاسة الأولى لأوباما، وذلك جزئياً من خلال تأثير بعض الأشخاص التابعين لروبين مثل سامرز ووزير الخزانة تيم جيثنر، لمنع القيام بحملة خطيرة في وول ستريت. هنا يكمن التحدي الذي يواجه هيلاري كلينتون: كيف ستقدم نفسها على صعيد القضايا الاقتصادية؟ أكثر الطرق ضماناً لإبعاد قطاعات كبيرة من حزبها - ربما بهدف تمكين بعض أعضاء مجلس الشيوخ أمثال اليزابيث وارين، النائبة الديمقراطية عن ولاية ماساتشوستس من دخول السباق – هي أن تحيط نفسها بنفس الطاقم الاقتصادي الذي قاد زوجها لتحرير "وول ستريت"، والذي أقنع أوباما، على الأقل خلال فترة ولايته الأولى، أن يتساهل مع البنوك. ومن غير المرجح أن يشهد الاقتصاد تحسناً كبيراً في 2016 أكثر منه الآن، وسيتطلع الناخبون "الديمقراطيون" إلى مرشح ناشط وأقل تأثراً بشارع المال. خلال النقاش الدائر بخصوص "سامرز" و"الاحتياطي الفيدرالي"، حافظت كلينتون على صمت مناسب، إنْ لم يكن استراتيجياً، كان "بيل" يشعر أنه مضطر للدفاع عن وزير خزانته السابق - ولكن فقط بعد انسحاب "سامرز" من أمام الأنظار. إذا كان هذا الافتقار إلى الدعم ينذر بإدراك كلينتون بأنهم سيضطرون إلى الخروج بأسلوب اقتصادي أكثر شعبية من ذلك الخاص بروبين والذي تمت إعادة تدويره، فمن المرجح إذن أن يصمد الإجماع الخاص بكلينتون. لقد تغيرت التحديات التي تواجه كل من "الديمقراطيين" والدوائر الانتخابية للحزب بشكل كبير عما كانت عليه أثناء رئاسة كلينتون. فالقاعدة "الديمقراطية" لديها المزيد من الناخبين من الأقليات والشباب المضغوط اقتصادياً، أكثر مما كان عليه الحال منذ 20 عاما ماضية. نوع المقال: الولاياتالمتحدة الامريكية