ليست اثيوبيا وحدها التى تحتاج للكهرباء فكل دول حوض النيل فى حاجة للكهرباء حتى مصر تعيش الان جوع كهربائى حاد يهدد مصانعها وورشها وحقولها. حاجة اثيوبيا الى الكهرباء امر طبيعى من اجل التنمية ولكن هل يمكن توليد الكهرباء بدون تخزين المياه وهل فكرنا فى امكانية عمل سدود تولد الكهرباء بدون تخزين المياه خلفها تكون قادرة على التحرك بشكل ديناميكى للأعلى وللأسفل من اجل الوصول الى مستوى المياه فى وقت الفيضان والجفاف من اجل توليد كهرباء بشكل ثابت فالامور الهندسية دائماً يمكن ايجاد حل لها. هل لو تبوأت مصر مكانها الطبيعى كدول كألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية فهل كان باستطاعتها بناء مفاعلات نووية وعمل ربط كهربائى مع كل دول الحوض الاحدى عشر وتوفير الكهرباء لتلك الدول بثمنها واستغلال المياه واراض تلك الدول فى الانتاج الزراعى و الحيوانى وتوليد الكهرباء من المصادر المتجدده كالرياح والشمس والطاقة الحيوية حتى تكتفى تلك الدول وتدفع عجلة التنمية بها. المانيا تتنتج سنوياً حوالى 600 مليار كيلو وات ساعه اما فى مصر فمتوسط الانتاج هو 25 مليار كيلو وات ساعه فقط ولذلك فالكهرباء تقطع فى اوقات الذروه حيث يصل الاستهلاك الى 27.5 مليار كيلووات ساعه من اجل تخفيف الاحمال والوصول الى المتوسط وهو 25 ملياركيلووات ساعه. وهنا يتضح الفارق الهائل فى الانتاج بين دولة صناعية كبرى كألمانيا ومصروالتى تستهلك كمدينه المانية واحده وعلى الرغم من ذلك فمصر غير قادرة على توفير احتياجاتها من الكهرباء ولنعلم ان المنتج من السد العالى لا يساهم الا ب 8% فقط من كهرباء مصر. على العكس من ذلك ففى المانيا تساهم مصادر الطاقه المتجددة ب 25% من اجمالى الكهرباء المنتجه موزعه كالتالى 20% من ال 25% تلك هيدروليك اى منتجه من السدود والباقى (80%) موزعه 40% من طاقة الرياح وحوالى 7% من الطاقه الشمسية و حوالى 30% من الطاقه الحيوية وهى المولدة من مخلفات المنتجات الزراعية ومخلفات الحيوانات. اذن بالقياس يمكن القول بان توليد الكهرباء من السدود فى المانيا يساهم ب 5% فقط من اجمالى الكهرباء المنتجه وفى مصر 8% فسد النهضة الان والذى تبنية اثيوبيا لا يستحق كل تلك الاستثمارات والديون التى ستثقل كاهل المواطن الاثيوبى فبالاضافه الى الاثر البيئى والذى سيؤدى الى تهجير قبائل وقرى من اراض ستغمرها المياه بعد اكتمال السد سيتضائل انتاج السد من الكهرباء بعد عدة سنوات بالمقارنه بالاستهلاك الذى سيبدأ فى النمو من بدء تشغيل السد وسيصل الحال باثيوبيا للبحث عن مصادر اخرى لزيادة الانتاج الكهربائى كما هو الحال الان فى كل من مصر والمانيا. فالواقع الان يشير الى عدم جدوى الاستثمارات الكبيرة فى انشاء سدود كبيرة كالسد العالى او كسد النهضة الاثيوبى وعند تحويل تلك الاستثمارات الى المصادر الاخرى ستكون النتائج مبهرة دون الاثر البيئى الكارثى للسدود. فبناء السدود كان طفرة فى بدايات القرن العشرين لكن الان وبعد اكتشاف الاثر البيئى السيئ للسدود اصبح التفكير هو كيفية هدم تلك السدود والتفكير فى وسائل اخرى لتخزين المياه وتوليد الكهرباء. فالدلتا فى مصر انخفضت انتاجيتها كثيراً لان التربة استنذفت بعد حرمانها من طمى النيل بعد بناء السد. ربما يجب تذكير اثيوبيا ايضاً بان الحروب التى خاضتها مصر فى النصف الثانى من القرن العشرين مرتبطه بشكل او بأخر بخطة بناء السد العالى وامتناع البنك الدولى عن تمويله ثم قرار تأميم قناة السويس كرد على تعنت الدول الكبرى ومن ثم العدوان الثلاثى بمشاركه اسرائيل والذي تسبب فى جرح الكرامه الوطنية والاصرار على مواجهة اسرائيل وازالتها من على الوجود ثم حرب 1967 ثم 1973. كل تلك الحروب اخرت التنمية فى مصر سنوات طوال واعتقد ان اثيوبيا معرضة لذلك ايضاً لان موضوع المياه هو حياة او موت بالنسبة لدولتى المصب مصر والسودان وان المنطق السليم يحتم الجلوس مع دولتى المصب والتفكير فى وسائل اخرى. ملفات المياه ملفات امن قومى واللعب فيها يعتبر بمثابة اعلان حرب على الدول المتضررة والمستفيد فى النهاية من تحريك تلك النزاعات هى الدول الكبرى وشركات السلاح التى تعتاش على تلك النزاعات. احد الحلول تكمن فى ربط دول الحوض كهربائياً والاستثمار فى الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والتى تساهم الان بضعف مساهمة الطاقه الهيدروليكية المولدة فى المانيا. ثم استغلال مصادر الطاقه الحيوية والتى ستكون متاحه باالاستغلال الامثل للارض الزراعية فى تلك الدول فى انتاج محاصيل لانتاج الطاقة واستغلال مخلفات الانتاج الزراعى والحيوانى فى انتاج الطاقة الكهربائية والتى تساهم بمره ونصف من حجم الطاقه المولدة من السدود فى المانيا. كذلك لابد من انشاء عدد من المفاعلات النووية فى تلك الدول من اجل المساهمه فى انتاج الكهرباء وكذلك استغلال المياه الاقليمية لدول الحوض والبحث عن البترول والتوقف عن تصديره كمادة خام الا بعد اكتفاء كل دول الحوض منه وتطبيق المبدأ الذى يقول ان الدول المصدرة للطاقة هى دول متخلفة لا تحسن استغلال المتوفر لديها من الطاقة فى التصنيع. ان الهوان الذى تعيشه مصر الان ما هو الا نتاج طبيعى الى انسحاب مصر من اراضيها بعد تخليها عن السودان بعد ثورة 23 يوليو 1952 حيث كان بامكان قوات الجيش المصرى الوصول الى منابع النيل وتأمينها ولذلك فيجب عودة مصر الى حدود ما قبل 23 يوليو 1952 من خلال اتحاد مصر والسودان وعودة دولة جنوب السودان مرة اخرى الى الوطن الام من خلال حكم ذاتى للاقليم. الخطوة التالية هى تحويل مفوضية دول حوض النيل الى اتحاد على غرار الاتحاد الاوربى. فمساحة دول حوض النيل تبلغ 3.4 مليون كيلو متر مربع بينما مساحة دول الاتحاد الاوربى السبع والعشرون هو 4.3 مليون كيلو متر مربع. فبإضافة كل من الصومال وجيبوتى الى الاتحاد الجديد ستفوق مساحته مساحة الاتحاد الاوربى وسيصبح للاتحاد حدود بحرية على كل من البحرين المتوسط والاحمر والمحيطين الهندى و الاطلسى. الاتحاد يجب ان يكون اتحاد شامل يعطى مواطنى دوله حرية التنقل فى كل دول الاتحاد وبدون الحصول على تأشيرة دخول وكذلك يؤمن لرجال الاعمال التنقل باستثمراتهم بامان كامل للاستثمار فى اى من دول الاتحاد بسهولة ويسر ثم يأتى التكامل العسكرى بانشاء قوة عسكرية على غرار حلف الناتو يكون دورها هو حماية حدود الدول الاعضاء ثم تبدأ تلك الدول بالتكامل الاقتصادى الكامل واستبدال عملتها المحلية بعملة مشتركه على غرار اليورو وتبدأ نهضة مستدامة تعليمية وصناعية فى كل دول الحوض واصلاحات حكومية وقانونية وديمقراطية كاملة. فلا مكان فى هذا العصر للكيانات الصغيرة فكوريا الجنوبية تحاول بكل ما تستطيع من قوة التصالح مع كوريا الشمالية من اجل اتحاد الكوريتين مرة اخرى رغم الاثر الوقتى الحاد الذى سيحدثه الاتحاد فى رفاهية الجنوبيين لانه سيتحتم عليهم القطع من قوتهم من اجل بناء الشمال الفقير وانشاء بنية تحتية متطورة غير موجودة من الاساس وانشاء مدارس وجامعات واعادة تعليم وتدريب المواطن الشمالى حتى يستطيع الاندماج فى المنظومة الصناعية الجنوبية المتطورة ولكن النتائج على المدى الطويل ستكون مبهرة حيث سينخفض الانفاق العسكرى وسيتوقف التجنيد الاجبارى وتتجه تلك السواعد مبكراً الى سوق العمل من اجل صناعة امبراطورية كبرى ...هكذا يفكر الكوريويون الجنوبيون فأين نحن من هذا. لا مكان فى هذا العالم للكيانات الصغيرة الا ان تكون سوقا للسلاح والبضائع الرديئة ومدفن للنفايات الكيماوية والنووية للدول الصناعية الكبرى. *امين عام حزب العمل الجديد بدمياط