تسبب تصريحات طارق عامر -محافظ البنك المركزى- بنتائج عكسية على الأسواق من جديد، وكأنه يخرج ليختلق الأزمة، فعند طرح أحد الحلول الوهمية أو المسكنات كما يسميها الخبراء، لا يراه احد عبر شاشات الفضائيات، لكن قبل تلك الفترة، لا يخرج ولا يتحدث ويظل الوضع ثابت، على الرغم من تصاعد الخطورة. فحديثه الأخير، عن أن انخفاض سعر الدولار هو مجرد نكته، اعتبره البعض تأكيد وضوء أخضر على رفع سعره مرة آخرى. واشتعلت بالسوق الموازية للعملة أسعار صرف الدولار، رغم ثباتها بالبنوك عند 15.90 جنيهًا للشراء كأعلى سعر، و16 جنيهًا للبيع، وعادت "السوداء" لسابق عهدها، وعرضت أسعارًا حققت فارقًا كبيرًا جدًا مرتفعًا مقارنة بأسعار البنوك، وصل إلى 3 جنيهات لكل دولار، حيث عرضت السوق الموازية في بداية تعاملات اليوم، الأحد، أسعار صرف تراوحت ما بين 18.35 و18.50 جنيهًا كحد أدنى للشراء، فيما وصل السعر بأماكن أخرى إلى 19 جنيهًا، وفقًا لما أكده متعاملون دائمون بها لمواقع إخبارية اقتصادية متخصصة في نقل أخبار "العملة" وأسواق المال. كما أكد متعاملون ب"الموازي" إلى أن أسعار الصرف ستشهد ارتفاعات مفاجئة وكبيرة غدًا، الاثنين، حيث ستصل الطلبات على العملة الصعبة إلى ذروتها، وسيرتفع الطلب "جدًا" مقابل ندرة المعروض؛ استعدادًا لموسم الاستيراد، الأمر الذي سيدفع بالأسعار إلى "الاشتعال" على حد وصفهم. وأثار تصريح لمحافظ البنك المركزي "طارق عامر"، بأن سعر الدولار سيصل إلى أربعة جنيهات، سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكد إنه كان يمزح حين صرح مسبقًا. وقال "عامر"، خلال لقائه مع الإعلامي "أسامة كمال"، الجمعة، في برنامج "مساء dmc": "حديثي عن الدولار ب 4 جنيهات كان نكتة، والشعب المصري بيحب النكتة، لكن المرة دي بيحبوا ياخدوا اللي على كيفهم ويحولوه ل.. ما يصحش". واستقبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي تصريح طارق عامر بالسخرية والنقد اللاذع على هاشتاج باسمه أصبح "تريند" في وقت قياسي، وألصقوا تصريحه بمقولة لعمه عبد الحكيم عامر، عندما قال "ممكن ندخل اسرائيل في نكسة 1967" حيث وصفوه بأنه صاحب النكسة والمسؤول عنها، ووصفوا طارق عامر بأنه صاحب "نكسة تعويم الجنيه" على حد تعبيرهم. وتعليقًا على هذا الوضع، قال "زهدي الشامي" - الخبير الاقتصادي المعروف - إن عودة السوق الموازية للدولار في مصر بعد فترة قصيرة من حالة الكمون التي عاشتها ليست أمرًا مستغربًا، ففي بداية تعويم الجنيه المصري في شهر نوفمبر الماضي، ارتفع سعر الدولار في البنوك الرسمية حتى وصل إلى 19 جنيهًا، وبالتالي لم تكن هناك مبررات قوية لاستمرار تعامل المواطنين مع السوق السوداء. وأضاف "الشامي" أن هبوط البنوك بسعر الدولار في الأسابيع الثلاثة الأخيرة إلى ما يقرب من 15.70 جنيهًا أدى لتنشيط السوق السوداء من جديد، ويعد هذا مؤشرًا على أن سعر البنوك سيعود للارتفاع. وأرجع "عودة" سعر الدولار للارتفاع من جديد لعدم ارتباط الانخفاض السابق بتحسن ملموس في النشاط الاقتصادي، كانتعاش الصادرات والسياحة، وارتباطه فقط بحصول الحكومة على بعض التدفقات الدولارية من خلال الاستدانة بأسعار فائدة مرتفعة، سواء من السندات الدولارية، أو أذون الخزانة بالعملة المصرية، بفائدة مرتفعة وصلت إلى 16%، دفعت المضاربين الأجانب لشرائها، مما ضخ دولارات إضافية للحكومة. وأكد الخبير الاقتصادي أن هذا الأسلوب لا يمكن أن يوفر أساسًا مستقرًّا لإدارة سوق الصرف، التي تظهر بشكل تحكمى للغاية، وبعيد عن أن يكون سوقًا حرة بالمعنى المفهوم، فمن الملاحظ أن البنوك لا توفر الدولارات اللازمة للمستوردين والعملاء، و أن لديها طوابير انتظار على العملة، وعاد بعض المستوردين لتدبير احتياجاتهم من السوق السوداء، خاصة المستوردين من الصين، بعد انتهاء فترة الإجازات هناك. واختتم بأن الشكوك تحيط بقدرة السلطات المصرية على تنفيذ كل التزاماتها مع صندوق النقد الدولي، وفي هذا السياق يمكن فهم إعلان صندوق النقد الدولي عن تأجيل زيارة بعثته لمصر إلى أبريل القادم.