استطاع تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق , من تطوير أساليب جديدة لتصفية عناصر وحدة مكافحة المتفجرات التي دربتهم الولاياتالمتحدة خلال هذا العام , حسبما كشفت مصادر عسكرية عراقية لجريدة"العربي الجديد" أن هناك 11 خبير متفجرات قتلوا من أصل 20 دربتهم الولاياتالمتحدة خلال هذا العام أثناء عمليات إبطال مفعول عبوات ناسفة زرعها تنظيم الدولة. وأشار مراقبون إلى أن ذالك يثبت فشل أحد برامج التدريب الأميركية التي أطلقتها لمساعدة القوات العراقية في الحرب على الجماعات المتشددة ، وفي المقدّمة تنظيم "الدولة الإسلامية" . وقال مسؤول عراقي بارز في وزارة الدفاع إن 20 خبير متفجرات تلقوا تدريبات في العراق والأردن على يد خبراء ومستشارين أميركيين في التعامل مع العبوات الناسفة محلية الصنع والألغام الأرضية والسيارات المفخخة على جوانب الطرقات وجرى تجهيزهم بمعدات متطورة لذلك". وأضاف المسؤول العسكري العراقي، وهو ضابط برتبة عقيد ركن في اللواء الهندسي الأول بوزارة الدفاع، أن "الخبراء العراقيين تمكنوا من إحداث تغيير وإنقاذ أرواح عشرات المواطنين ورجال الأمن، لكن سرعان ما سقط أكثر من نصفهم بفعل عبوات وسيارات مفخخة كانت عبارة عن كمائن لهم أعدّها تنظيم الدولة ". وأكّد المصدر نفسه أنّ "11 منهم قتلوا وتسعة لا يزالون يعملون في بغداد وجنوبها فضلاً عن محافظتي صلاح الدين وديالى". ويطلق على تلك المتفجرات الذي يصنعها تنظيم الدولة الإسلامية مصطلح "الشياطين"، وفي أحيان أخرى العبوات الخبيثة. وقُتل أخيراً على طريق غرب بغداد واحد من أشهر خبراء المتفجرات العراقيين بعد انفجار عبوة ناسفة كان من المفترض أنه تمكن من إبطالها. وتسعى الحكومة العراقية للإبقاء على من تبقى من خبراء المتفجرات في وزارتي الداخلية والدفاع في بغدادوالمحافظات المستقرة، في الوقت الذي أصدرت فيه خلية الأزمة الأمنية برئاسة رئيس الحكومة حيدر العبادي توجيهات بعدم المخاطرة في تفكيك العبوات والسيارات المفخخة والاكتفاء بتفجيرها عن بعد لتجنب فخاخ "داعش"، وفقاً للضابط العراقي نفسه. وتمكّن تنظيم الدولة من ابتكار أساليب جديدة في صناعة العبوات الناسفة المزدوجة التي باتت شبحاً يطارد أرواح خبراء المتفجرات الذين يتعاملون معها، إذ تجري زراعة عبوات كهذه في الأحياء السكنية والطرق العامة. وعادة ما تكون مزدوجة من عبوتين؛ واحدة فوق الأخرى، في جسم معدني واحد، بحيث تنفجر العبوة الصغيرة الثانية بعد تفكيك الأولى من خلال قطع أسلاكها أو إيقاف جهاز التوقيت الظاهر أعلاها. هذا ما أكّده ضابط برتبة نقيب يشرف على سرية عسكرية لخبراء تفكيك وإبطال الألغام والمتفجرات، تابعة لقيادة عمليات الجزيرة في محافظة الأنبار. وأشار النقيب إلى أن مجموعته استطاعت إبطال مفعول المئات من العبوات الناسفة في عدة أقضية ونواحٍ غرب الرمادي مركز محافظة الأنبار. وبين المصدر نفسه أن غالبية تلك العبوات الناسفة هي محلية الصنع وتعتمد في صناعتها على مواد شديدة الانفجار منها TNT وال C4 وتضاف إليها قطع الحديد الصغيرة، وأحياناً المسامير، لتكون أكثر ضرراً عند الانفجار. وأضاف الضابط "خسرنا في الآونة الأخيرة خيرة الرجال من خبراء إبطال المتفجرات بسبب ابتكار تنظيم الدولة أساليب جديدة في صناعة العبوات المزدوجة، والتي يتم ربطها بعدة طرق مختلفة وأعداد قد تصل إلى ست عبوات مربوطة مع بعضها إذا تم التعامل مع إحداها انفجرت جميع العبوات في ذلك المكان، وقد واجهتنا عدة حوادث من هذا النوع في دوائر حكومية ومدارس وبيوت المواطنين، ما دفعنا إلى تفجير تلك الأماكن عن بعد من دون الدخول إليها وتقديم المزيد من الخسائر في الأرواح بين أفراد سرية خبراء المتفجرات". من جهته، أشاد قائد عمليات الجزيرة والبادية اللواء الركن علي إبراهيم، بدور خبراء المتفجرات البطولي والمتمثل بتفكيك العبوات الناسفة التي يزرعها تنظيم الدولة بطرق مختلفة داخل الأسواق والمنازل بل وحتى الجوامع. وأكّد إبراهيم أنّ "سرية تفكيك المتفجرات استطاعت خلال الأيام القليلة الماضية أن تفكك 675 عبوة ناسفة مختلفة الأنواع والأحجام، فضلاً عن تفجير عشرات العبوات المزدوجة، والتي لم يستطع الخبراء التعامل معها، ما أثر سلباً في تقدّم القطعات العسكرية بسبب المصائد والفخاخ التي وضعها التنظيم لعرقلة تقدّمنا". وأضاف إبراهيم أنّ عشرات المنتسبين من ضباط ومراتب سرية تفكيك المتفجرات قضوا بين قتيل وجريح بسبب العبوات الناسفة المزدوجة التي تختلف في طريقة ربطها من مكان لآخر وبأساليب متعددة لاستهداف أكبر عدد ممكن من قواتنا الأمنية والإيقاع بهم. وتشهد غالبية المدن العراقية عمليات تفجير بأساليب مختلفة سواء بالعبوات أو الأحزمة الناسفة أو السيارات المفخخة، والتي أخذت منها طريقة التفجير المزدوج؛ إذ إنّ غالبية التفجيرات التي استهدفت بغداد وبقية المحافظات الساخنة، كانت بواسطة سيارتين مفخختين تنفجر الأولى وعند هروع الناس وفرق الإنقاذ إلى مكان الحادث تنفجر الثانية لإلحاق أكبر الخسائر بين صفوف المدنيين. وبحسب إحصائية أجرتها بعثة الأممالمتحدة في العراق "يونامي" منذ بداية يناير وحتى يوني 2015، أي بحدود ستة أشهر، أعلنت عن سقوط 6784 قتيلاً نتيجة التفجيرات، أي بمعدل 37 شخصاً يموت في اليوم الواحد. ويرى الخبير بشؤون الجماعات المسلحة في العراق فؤاد علي، في حديث ل"العربي الجديد"، أن "الكشف عن مقتل نصف الخبراء الذين دربهم الأميركيون على التعامل مع المتفجرات يثبت من جديد فشل استراتيجية واشنطن في عمليات دعم غير مباشر للقوات العراقية على الأرض. كما فشلت عمليات تدريب عناصر سورية معارضة معتدلة خلال الشهرين الماضيين". ويضيف أن "إعادة النظر بتلك العمليات من الدعم بات ضرورياً"، معرباً عن اعتقاده أنه "في نهاية المطاف ستجد واشنطن نفسها مضطرة للبحث عن خيار آخر مع هدر وقت وأرواح حلفائها في الحرب على تنظيم الدولة ".