قالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية في تقرير لها إن الديمقراطية الحقيقة لا تزال نادرة في العالم العربي، على الرغم من عدم وجود سبب حاسم لعرقلة ممارسة الديمقراطية هناك. وأرجعت المجلة البريطانية غياب الديمقراطية في العالم العربي إلى مهارة الحكام العرب المستبدين في القبض على سلطة الحكم لدرجة جعلت مواطنيهم يشعرون أن "الحكم الديكتاتوري" أحد ثوابت الحياة.
وأوضحت المجلة أن نتائج جميع الانتخابات التي أجريت مؤخرا في شتي أنحاء العالم العربي تشير إلى استمرار الحكم الديكتاتوري، وشعور قوى المعارضة بالاحباط في معظم الأحيان، إضافة إلى فقدان كلمة الديمقراطية لمعناها الحقيقي ،فلا فارق بين الدول التي تزعم بأنها جمهورية تتبني الديمقراطية، وغيرها من الدول الملكية.
وتابع تقرير "الإيكونوميست" بالقول إنه على الرغم من أن معظم الدول العربية لديها شكل من أشكال السلطة التشريعية إلا أن سلطتها محدودة، مشيرة إلى أن السلطة التشريعة في المملكة العربية السعودية يقوم بتشكيلها الملك بنفسه.
وتضيف أن الأنظمة الاستبدادية تشعر بالخطر إذا تواجدت التعددية الحزبية بشكل حقيقي، خشية أن تطيح بهم شعوبهم في يوم من الأيام إذا اتيحت لهم الفرصة.
وتنقل المجلة عن لاري دياموند، الأستاذ بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، والخبير في شئون الديموقراطية قوله إن الجامعة العربية ماهي إلا نادي للحاكم العرب المستبدين، متابعا أن الاصلاحات الاقتصادية التي فرضتها قد انحرفت عن مسارها، فالمشاركة في العملية السياسية تتم بشكل صوري.
وأوضحت "الإيكونوميست" أن الانتخابات المصرية التي أجريت مؤخرا والتي شابها الكثير من الانتهاكات خير مثال على ذلك، فخلال الجولة الأولى من التصويت استطاع الحزب الوطني الحاكم أن يزيد من هيمنته علي مقاعد البرلمان من 75% إلى 95% .
وتنقل المجلة عن جريدة الأخبار اللبنانية أن التقدم الوحيد الذي أحرزته العملية الانتخابية المصرية هو ارتفاع قيمة صوت الناخب المصري من 20 جنيهاً إلى مئات الجنيهات.
وتحاول "الإيكونوميست" البحث عن الأسباب التي أدت إلى غياب الديموقراطية في العالم العربي، فتقول إن البعض يرجع ذلك إلى كون هذه الدول تدين بالإسلام. ولكن الإيكونوميست ترد علي هذا الزعم بأن التيار السلفي الإسلامي ينادي بالحكم القائم علي "الشورى" ولا يقبل بنظام الحكم الفردي، إضافة إلى أن دول إسلامية غير عربية كماليزيا تمارس فيها الديموقراطية إلى حد كبير.
وتتابع أن الكثير من العرب أصحاب التوجه الليبرالى، يميلون إلى الحكم الاستبدادي، في المقابل الديمقراطية الإسلامية غير واضحة المعالم وفقا لديامون.
كما يرجع آخرون عدم تبني الديمقراطية للطبيعة العشائرية والأبوية للمجتمعات العربية أو إلى العامل التاريخي حيث أن أغلبية السياسات العربية الزائفة قد أوجدتها الإمبريالية الأوروبية التي جعلت الحكام يركزون هدفهم على بناء الدولة أكثر من تبني الديموقراطية مع شعوبهم. مشيرة إلى استخدام الحكام العرب ل"نضالهم" ضد الصهاينة لتبرير القمع الداخلي الذي يمارسونه بحقهم.
واعتبرت المجلة البريطانية أن البترول والمساعدات الخارجية أشياء ذات تأثير ضار على الديمقراطية، وتقول إن الدول البترولية غير العربية مثل أنجولا وفينزويلا وروسيا عرضة للخضوع للنظم الحكم الاستبدادية، فتمسك الحكام بالسلطة يضمن لهم الاستيلاء علي ثروات تلك البلدان.