حذرت دراسة صهيونية من أن إعلان الرئيس المصري حسني مبارك مؤخرًا عن اختيار موقع "الضبعة" بالساحل الشمالي الغربي، لبناء أول محطة نووية مصرية للاستخدام السلمي سيوفر لمصر القاعدة العلمية والتكنولوجية الملائمة للبدء سريعًا في برنامج نووي عسكري، وتصنيع قنبلة نووية، بما يتناسب مع الظروف السياسية والإستراتيجية التي قد تشهدها المنطقة مستقبلاً. واعتبرت دراسة أعدها المركز "الأورشاليمى" للدراسات السياسية والإستراتيجية في الدولة الصهيونية، أن إعلان مصر أخيرًا عن اختيار موقع بناء المفاعل النووي الذي تقول مصر إنه سيكون للاستخدام السلمي وتوليد الطاقة الكهربائية، هي الخطوة الأخيرة التي تسبق دخول مصر النادي النووي.
وقال تسفى مزائيل، السفير الصهيوني الأسبق لدى مصر، كاتب الدراسة، إن قرار الرئيس مبارك لا يعني إلا أن القاهرة حسمت خيارها، وقررت أن تتحول لدولة نووية.
وأضاف إنه على الرغم من أن البرنامج النووي المصري حتى الآن يتخذ الشفافية والوضوح شعارًا له، ويسير تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة النووية، فإن مجرد بناء مفاعل نووي سلمى، وتشغيله يعد بمثابة قاعدة علمية وتكنولوجية، لتطوير هذا البرنامج بشكل يثير القلق في تل أبيب.
ومضت الدراسة إلى أنه وفي أعقاب إنشاء المفاعل النووي السلمي في الضبعة، سيكون طريق القاهرة نحو القنبلة النووية قصيرًا، ومفروشًا بالخبرات والوسائل والمعدات اللازمة للتحول لإنشاء مفاعل نووي لأغراض عسكرية، وسيكون الأمر حينئذ رهنًا بالرغبة السياسية لدى القيادة المصرية، وربما رهنًا بالظروف السياسية والعسكرية التي ستشهدها المنطقة في السنوات القليلة المقبلة.
وتبدي الدولة الصهيونية والتي يعتقد أنها تمتلك مئات الروس النووية، دومًا مخاوفها من أي نشاط ذات طابع نووي في أي من دول المنطقة، وقد لعبت دورًا كبيرًا وعبر حلفائها من أقطاب اليمين المحافظ بالولايات المتحدة دورًا كبيرًا في التحريض على غزو العراق في مارس 2003، بزعم امتلاكه أسلحة دمار شامل، وثبت لاحقًا عدم صدقية تلك الادعاءات.
وفي حين ترفض تل أبيب التوقيع على أية معاهدات دولية تتيح الرقابة على منشآتها النووية، فإن مصر وقعت على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية عام 1981، ومنذ ذلك العام، تدعو لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي، وإجبار الدولة الصهيونية على الانضمام لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وإخضاع مفاعل ديمونة لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأضافت الدراسة، إن مصر ترفض حتى اليوم التوقيع على البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي، الذي يتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن تقوم بجولات تفتيش مفاجئة في المنشآت النووية التابعة للدول الموقعة على المعاهدة، وهو ما اعتبرت الهدف منه كسب مساحة مناورة إذا دخلت المنطقة في سباق تسلح نووي، تحت أي ظرف من الظروف.
ولم تستبعد أن يكون وراء القرار المصري اتخاذ خطوات فعلية باتجاه تأسيس البرنامج النووي، رغبة القاهرة في الحفاظ على مكانتها وزعامتها في المنطقة، في ضوء النجاحات الإيرانية المتتالية في هذا المجال.
غير أن الأمر الذي يثير قلق الصهاينة تجاه مصر أكثر، وكما تقول الدراسة، إنه بمجرد إعلانها رغبها في دخول "النادي النووي" عام 2006، تشجعت بعض الدول العربية، وأعلنت عن رغبات مماثلة، وفى مقدمتها السعودية، والإمارات، والأردن، ومؤخرًا دعا زعيم "حزب الله" حسن نصر الله الحكومة اللبنانية لدراسة مشروع لإقامة مفاعل نووي سلمي، لمواجهة أزمة الكهرباء التي يعاني منها لبنان.