استأنفت التلميذة الإسبانية من أصل مغربي نجوى الملهى دراستها بعدما عثرت على مدرسة تقبل الفتيات المحجبات في إقليممدريد، ولكن ملف الحجاب في اسبانيا لم يقفل بعد ويواصل اثارة جدل ونقاش من أبرز عناوينه مدى قبول الغرب للتقاليد الإسلامية، التي تدخل ضمن الحرية الفردية ولا تتنافى والقوانين والدساتير الأوروبية. وكانت ثانوية كاميلو خوسي سيلا في بلدة بوسويلو دي ألاركون في إقليممدريد قد منعت نجوى من الاستمرار في الدراسة بسبب ارتدائها الحجاب، وعندما كادت أن تلتحق بمؤسسة أخرى وهي خوان دي لكروث، قامت الأخيرة بتغيير قوانينها بمنع الحجاب، وبالتالي منع نجوى من الدراسة. ولكن منذ الثلاثاء الماضى أصبحت نجوى تدرس في مدرسة جديدة تسمى خيراردو دييغو. وصرح والد نجوى صباح أمس الأربعاء "نجوى الآن بخير، لقد تجاوزت مرحلة القلق، وهي مرتاحة لطريقة استقبالها من طرف المدرسة، لقد جرى استقبالها وكأنها ابنة لهم. فهذا الملف قد انتهى". وترك قبول مدرسة خيراردو دييجو لنجوى ارتياحا في أوساط الجالية الاسلامية التي تتمنى انتهاء هذا الملف. وإذا كان الملف قد انتهى بالنسبة لعائلة نجوى التي تمكنت في آخر المطاف من متابعة دراستها، فالجدل المترتب عن الحجاب يستمر بقوة وسط المجتمع الإسباني بسياسييه ومثقفيه والمواطنين العاديين. في هذا الصدد، كشف استطلاع للرأي العام حول الحجاب من إنجاز أوربيان ميدنست، لكنه يعود لشهور مضت وإن كان قد جرى تقديم نتائجه هذا الأسبوع، أن 49 % من الإسبان ضد ارتداء التلميذات الحجاب في المدارس، في حين أن 28 % يرحب بالحجاب ولا يرى فيه مانعا بينما 21 % لا موقف لهم. وشمل هذا الاستطلاع دولا أوروبية أخرى، وإن كانت نسبة منع الحجاب مرتفعة مثل فرنسا والمانيا. وفي تصريحات صحفية قال عزيز ديش، وهو باحث في علم الاجتماع من جامعة غرناطة، انه لو كان هذا الاستطلاع قد جرى خلال الأيام الحالية لكانت النتيجة مختلفة بسبب الضجة الإعلامية التي رافقت حالة التلميذة نجوى ومدى تأثير الصحافة على تشكيل الرأي العام، خاصة في وقت الأزمات الاجتماعية، حيث تكون نسبة المترددين ونسبة الذين لا موقف لهم محدودة للغاية. وكشفت حالة نجوى عن معطيات مهمة للغاية، فالكنيسة الإسبانية تبنت موقفا دفاعيا عن حق التمدرس ولو بالحجاب، كما دافعت الحكومة عن الحجاب واعتبرت منعه بمثابة مخالفة للدستور. ويبقى الأساسي هو أن الحجاب في اسبانيا وباقي الدول الأوروبية يطرح الجدل القوي حول مدى تقبل الأوروبيين لتقاليد المهاجرين المسلمين مثل الحجاب، وهي تقاليد لا تخالف القوانين ولا تخالف الدستور المعمول به. ويجري طرحه على ضوء مفاهيم تعارضه مع الديمقراطية ومدى تعبيره عن دنيوية المرأة، لكن تبقى الملاحظة الكبرى هو غياب صوت المهاجرين المسلمين الذين لا يستطيعون التعبير عن مواقفهم بسبب تهميش وسائل الاعلام لهم.