تناولت صحيفة لوموند من خلال تقرير لها الانتهاكات التي يتعرض لها مسلمو أفريقيا الوسطى على يد ميليشيات أنتي بالاكا المسيحية، جاء فيه أن هذه المجموعات المسلحة تستهدف النساء بشكل خاص، وتمارس كل أنواع الانتهاكات؛ دون أن تخضع لأية محاسبة أو تتبع. ونقلت التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، شهادة "مريم" التي ظهرت على وجهها علامات الحزن، وهي تضع يدها على بطنها وتقول: "كنت محتجزة لعدة أشهر من قبل الأنتي بالاكا، في قرية بوسط الغابة، لقد أجبرونا على العمل في الحقول، وقاموا بضربنا، كما قاموا بالاعتداء علينا". وأضافت الضحية: "قاموا باغتصابي، وأنا اليوم حامل في الشهر الخامس، سيكون هذا طفلي الأول، لا أتمنى أن يتعرض أي إنسان في العالم إلى هذه المعاناة، فالجنين الذي في بطني مصيره غامض، وأنا لا ذنب لي". ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، داليا العشي، قولها إن "مأساة مريم تعكس الحالة التي تمر بها دولة أفريقيا الوسطى اليوم، فقد تمت السيطرة على الوضع في المدن الكبرى، ولكن الانتهاكات تحدث بشكل يومي في القرى الصغيرة، وتمر دون أن يلاحظها أحد". وأوضح التقرير أن معاناة مريم استمرت قرابة السنة، إلى أن تمكنت بعثة مشتركة من القبعات الزرقاء ومفوضية شؤون اللاجئين، في الرابع من إبريل الماضي، من تحريرها و20 رهينة كانوا محتجزين. وقالت العشي إنه "من بين ستة نساء تم تحريرهن؛ تعرضت ثلاثة للاغتصاب، وهن يعانين اليوم من صدمة نفسية بسبب تلك التجربة القاسية، كما أن جميع الرهائن تم إجبارهم على العمل، وتعرضوا للتعذيب". ونقل التقرير عن المنظمة الدولية لحقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" قولها إن "مريم ليست الوحيدة التي تتعرض لهذه الانتهاكات، فالعديد من النساء تم الاعتداء عليهن من قبل زعماء الأنتي بالاكا. أما الرجال فتتم تصفيتهم؛ لأن هذه الميليشيات تقول إنها لا تريد رؤية الرجال المسلمين، وتريد فقط رؤية النساء". وبحسب الصحيفة؛ تمارس ميلشيات الأنتي بالاكا، المتكونة في أغلبها من مقاتلين مسيحيين، كل أنواع الجرائم في القرى المنتشرة بشمال أفريقيا الوسطى، على بعد 300 كيلومتر من العاصمة بانغي، ضد المسلمين الرحّل الذين يتم استعبادهم بشكل متواصل، "ففي سنة 2014 استعادت أنتي بالاكا السيطرة على بانغي، واضطر المدنيون المسلمون للهروب، وحاول أغلبهم العبور نحو الكاميرون والتشاد، ولكن بعضهم فشل في ذلك". وأضافت أن الفترة الأخيرة شهدت تزايدا في عدد البعثات التي تذهب للغابة على أمل تحرير الرهائن، وقد نجحت مؤخرا في تحرير 30 قرويا من قبضة الميليشيات. ولكن تقديرات "هيومن رايتس ووتش" والأمم المتحدة؛ تشير إلى بقاء العشرات رهن الاختطاف في مناطق أخرى. واعتبرت الصحيفة أن هذا النجاح الجزئي في تحرير المختطفين هو ثمرة يقظة لجان الحماية المحلية، التي تقوم بإشعار القوات الأممية والمنظمات الحقوقية، عندما تحصل على معلومات حول وجود انتهاكات. ثم تقوم قوات القبعات الزرقاء بالتفاوض مع زعماء الميليشيات حول ضرورة الإفراج عن المختطفين. وأوضحت أنه عندما يتم تسليم المختطفين للقوات الدولية، تقوم هذه الأخيرة باصطحاب المحررين نحو منطقة يالوكي التي يعيش فيها المسلمون. وتقول أوجيني يارافا، وزيرة الشؤون الاجتماعية في أفريقيا الوسطى، إن "الحكومة تبذل جهدا كبيرا لإثناء مواطنيها المسلمين عن مغادرة البلاد؛ لأن تحركهم على الطرقات ينطوي على مخاطر عديدة، فقادة الميليشيات موجودون في كل مكان، وهم معروفون لدى الجميع، وتتم الإشارة إليهم بالإصبع من قبل المنظمات الدولية". وأشارت الصحيفة إلى تقرير صدر مؤخرا عن "هيومن رايتس ووتش" ندد "بجرائم الحرب التي ترتكب في أفريقيا الوسطى"، مبينة أن "الإفلات من العقاب، وعجز الدولة عن محاسبة الميليشيات؛ لا تزال تمثل العقبة الأبرز أمام إيقاف دوامة العنف، رغم أن مجلس النواب صادق مؤخرا على مشروع إنشاء محكمة جنائية خاصة للنظر في هذه الانتهاكات".