أميرة أبو زهرة تعزف مع لانج لانج والأوركسترا الملكي البريطاني في مهرجان صدى الأهرامات    المخرج عمر زهران: السينما مقصّرة في حق آثارنا.. ما زلنا نعيش على أغنية «الأقصر بلدنا»    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    وزارة الصحة تحذر من إساءة استخدام المضادات الحيوية لهذا السبب    إدارة ترامب تعتزم مراجعة ملفات اللاجئين الذين دخلوا خلال عهد بايدن    أكسيوس: ترامب يخطط للتفاوض مباشرة مع مادورو رغم اعتباره زعيم منظمة إرهابية    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    البيت الأبيض يطلب تقريرًا خلال 30 يومًا لتحديد فروع الإخوان في الدول العربية    ترامب يبدي استعداده للتحدث مباشرة مع مادورو رغم تصنيفه ك"رئيس منظمة إرهابية"    مركز محزن ل ليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد نهاية الجولة ال 12    طقس الثلاثاء.. انخفاض في درجات الحرارة وأمطار محتملة على البحر الأحمر    الأمن يكشف ملابسات اقتحام أحد المرشحين وأنصاره لمركز شرطة فارسكور بدمياط    تعرف على موارد صندوق إعانات الطوارئ للعاملين    كان من قادة ميلشيا البلاك لوك الداعمة للانقلاب .. إعتقال شريف الصيرفي بعد تشبيه تزوير الانتخابات بالديناصورات    وصول يسرا و إلهام شاهين وصابرين إلى شرم الشيخ للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي| صور    بالهداوة كده | حكاية كوب شاي.. وحكمة صغيرة    ياسر جلال يثني على أداء سمر متولي في "كلهم بيحبوا مودي": "بتعملي لايت كوميدي حلو جدًا"    بمحفظة أراضٍ ضخمة.. خبيران: عرض الاستحواذ على أسهم زهراء المعادي للاستثمار أقل من القيمة العادلة    بعد واقعة مدرسة السلام، الطفولة والأمومة يعتزم وضع تشريعات جديدة لمنع الاعتداء على الأطفال    نعمل 24 ساعة ولا يمكن إخفاء أي حالة، أول رد من الصحة على شائعات وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    التنظيم الإرهابي يحتضر.. هل أطلق ترامب الرصاصة الأخيرة في نعش الإخوان؟    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    اتحاد السلة يصدر بيانًا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري المرتبط    ترامب يوجه ببدء عملية تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    وكيل الجزار يكشف حقيقة انتقاله إلى الأهلي وموقف الأندية الكبرى    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    عمرو أديب يعلق على بيان النيابة العامة حول واقعة مدرسة سيدز: التفاصيل مرعبة.. دي كانت خرابة    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    ألمانيا تنصح رعاياها بشدة بعدم السفر إلى فنزويلا بسبب توتر الوضع بالبلاد    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    مفتي الجمهورية: التعليم الصحيح يعزز الوازع الديني ويصون المجتمع من التطرف    أيمن العشري: المُنتدى المصري الصيني خطوة مهمة وجديدة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    إطلاق أكبر شراكة تعليمية بين مصر وإيطاليا تضم 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية.. غدًا    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    رئيس الطائفة الإنجيلية يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب ويؤكد : المشاركة مسؤولية وطنية    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلسطينيون.. خلاف حاضر وشرعية غائبة!
نشر في الشعب يوم 18 - 11 - 2006


بقلم: جواد البشيتي

الصراع السياسي المحتد بين "حماس" و"فتح"، أو بين "الحكومة" و"الرئاسة"، وفي بعض من جوانبه وأوجهه، يمكن تفسيره، وفهمه، وقبوله، على أنه مظهر خلاف واختلاف في وجهات النظر والتصورات والبرامج السياسية، أكان الموضع، أو المدار، شأنا فلسطينيا آنيا طارئا أم شأنا فلسطينيا إستراتيجيا بعيد المدى.

وحتى يُفهم الخلاف في وجهات النظر بين قوى سياسية بأهمية ووزن "حماس" و"فتح" على حقيقته ينبغي لنا أن نرى، في الوقت نفسه، ما يكمن في مفرداته وعباراته من مصالح فئوية، ليست دائما على وفاق مع ما يُعَدُّ مصالح فلسطينية عامة، فخلاف كذاك لديه من الدوافع والأسباب ما يضيق به ميزان الصواب والخطأ بمعاييرهما في المنطق.

لسنا ضد الخلاف والاختلاف في وجهات النظر، ولا ضد أن يُعبِّرا، علانية أو سرا، عن تلك المصالح الفئوية الضيقة، ولو كانت، كليا أو جزئيا، غير متصالحة مع ما ينظر إليه الفلسطينيون، في غالبيتهم، على أنه مصالح فلسطينية عامة، لا بد لكل قيادة فلسطينية من أن تشتق منها، ومنها فحسب، سياسة توافقها قدر المستطاع.

الأزمة التي تعصف بالفلسطينيين جميعا لا تستمد معناها، أو أيَّا من معانيها، من هذا الذي أتينا على ذكره، فالخلاف والاختلاف في وجهات النظر، ومهما حكمتهما وتحكَّمت فيهما المصالح الفئوية الضيقة، ليسا هما، في حد ذاتهما، الأزمة، وليسا هما، أيضا، بالمكروه الذي ينبغي للفلسطينيين اجتنابه، فخيرهما يفوق، ويجب أن يفوق، شرهما إذا ما..

إنَّ عبارة "إذا ما" هي بيت القصيد.. هي الأزمة في وجهها الحقيقي، وهي الحل لها، والمخرج منها، في الوقت عينه.

لا مرجعية شرعية فلسطينية وعربية ودولية يمكن أن يرجع ويحتكم إليها المختلفون في وجهات النظر والبرامج السياسية، ويمكنها أن تبقي خلافهم، أو أن تديره، أو أن تحله وتُسوِّيه، بمنأى عن الحديد والنار، ومخاطر الاقتتال والحرب الأهلية.

المرجعية الشرعية تلك، وفي وجهها الفلسطيني، إنما هي حال من العدم السياسي، فلا وجود لها لا في المجلس التشريعي، ولا في تلك الهيئة القيادية التي تتمثَّل فيها القوى السياسية الفلسطينية على اختلافها، ولا في الهيئات القيادية العليا الثلاث لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ليس من هيئة قيادية فلسطينية في مقدورها الآن أن تخاطب العالم قائلة: هذا هو رأي الشعب الفلسطيني، وإرادته، وقراره، وموقفه. هذا هو قوله الذي لا بد لكل من يدَّعي شرعية تمثيله، والتحدث باسمه، أن يلتزمه.

الاجتماعات والمفاوضات، أكانت بين "حماس" و"فتح"، أم بين المنظمات الفلسطينية جميعا، لم تثمر إلا لجهة تضييق الفجوة بين الصراع السياسي والاقتتال. وكذلك جهود ومساعي الوسطاء من مصريين وقطريين وعرب آخرين.

أما الولايات المتحدة وإسرائيل فلا تملكان من مصالح وأهداف ودوافع إلا ما يغريهما بصب مزيد من الزيت على نار الخلاف السياسي بين "حماس" و"فتح"، فكل ما تستمسكان به من شروط ومطالب، تلبسانها اللبوس الدولي، لا هدف لها سوى جعل هذا الخلاف يحبل بالاقتتال والحرب الأهلية.

والمجلس التشريعي لا يملك من مقومات، أو خواص، تسمح له بأن يكون تلك المرجعية الشرعية الفلسطينية، فقراره في حسم الخلاف، وإذا ما اتخذه، لن يكون إلا لمصلحة "حماس". أما الهيئات القيادية الثلاث (اللجنة التنفيذية، والمجلس المركزي، والمجلس الوطني) لمنظمة التحرير الفلسطينية فهي أشبه بظل فقد جسمه، أو ميِّت ترك "وصية سياسية"، تُسْتَثمر، ليس في حل النزاع، وإنما في تنميته وتوسيعه.

لقد أبقى الفلسطينيون على كل خلاف من غير أن يُبْقوا له ما يحتاج إليه كل خلاف مثمر وحيوي كمثل هيئة تُنظِّمه، وتديره، وتكبحه، وكأنهم في سيارة مزودة وقودا، وتملك كل ما تحتاج إليه من أجهزة باستثناء جهاز واحد هو "الكابح"!

مياههم عكَّروها، وعكَّرها معهم، وضدهم، آخرون. ثمَّ سمحوا لذوي المصالح الفئوية الضيقة من أبناء جلدتهم، ولقوى خارجية لها مصلحة في إظهار مزيد من العداء للحقوق القومية للشعب الفلسطيني، بالاصطياد فيها.

أما الشعب الفلسطيني، فلا يملك، ولم يُملَّك، من القوى والوسائل إلا ما يبقيه في حال من الاغتراب السياسي، وكأن حقوقه القومية، ومصالحه، ومآسيه، ليست بالأمر الذي يعنيه، أو يجب أن يعنيه، وكأن إرادته مشتقة من إرادة هذا التنظيم أو ذاك، أو امتداد لها.

الخلاف بيِّن وواضح وجلي، ليس في عيون القيادات فحسب، وإنما في عيون الفلسطينيين جميعا، أكانوا "مواطنين" أم لاجئين. وقد حان للمختلفين أن يتخذوا "الاستفتاء الشعبي الفلسطيني العام" مرجعية يرجعون إليها ويحتكمون، ولا تعلوها مرجعية أخرى.

حان لهم أن ينشروا غسيلهم على مرأى من الشعب، ليقرِّر في حرية تامة موقفه المُلْزِم ل "حماس" و"فتح"، ولغيرهما من المنظمات الفلسطينية. ليتَّفق المختلفون بعيدا عن الشعب وإرادته، وضد الشعب ومصالحه وحقوقه بحسب النتائج والعواقب الموضوعية لخلافهم واختلافهم، على شيء واحد فحسب، هو أن يذهب كل فريق بوجهة نظره في الأزمة وأسبابها وسبل حلها إلى تلك المرجعية الفلسطينية الشرعية وهي الاستفتاء الشعبي الحر الديمقراطي، فالفريق الذي يفوز هو الذي يحق له عندئذٍ أن يجيء، عبر انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة مبكرة، بسلطة فلسطينية جديدة تمثِّل وجهة نظره التي فازت في الاستفتاء الشعبي.

على أن هذا الاستفتاء الشعبي لن يحظى بأهميته الشرعية الفلسطينية المطلقة إلا إذا نُظِّم في طريقة تسمح بالقول إنَّ نتائجه تُعبِّر، أيضا، عن رأي وإرادة اللاجئين الفلسطينيين على ما يكتنف ذلك من صعوبة، بعضها موضوعي وبعضها ذاتي، لم نرَ حتى الآن جهدا فلسطينيا حقيقيا يبذل في سبيل تذليلها قدر المستطاع. إنَّ مجالس منتخَبة للاجئين هي من أهم الأدوات والقوى التي تحتاج إليها كل سياسة فلسطينية عامة، حيوية وقوية.

أما في شأن "الشرعية العربية والدولية" فأقول إنها شرعية قوَّضت نفسها بنفسها حتى أن البحث عن معانيها السياسية العملية فقد جدواه وأهميته.

على العرب أن يجتمعوا، وأن يعقدوا قمة عربية جديدة، يقرِّرون عبرها، وفي وضوح وتفصيل، موقفهم من "عملية السلام" التي قالوا بموتها. عليهم أن يقولوا، بما يشبه "رسالة الضمانات" التي سلَّمها بوش إلى شارون، هذا هو السلام الذي نريد، وهذه هي تنازلاتنا من أجله.. من أجل أن يبدأ، ومن أجل أن يدوم ويستمر.

وعندئذٍ، ستنتفي الحاجة إلى أن يُدعى الفلسطينيون إلى سياسة مستمدة من الشرعية العربية أيضا، فهذه الشرعية هي الآن كمثل الشرعية الفلسطينية، أي أن كلتاهما في حال من العدم السياسي، فالمهزلة بعينها أن نقول: "عملية السلام" ماتت؛ ولكن "مبادرة السلام العربية" ما زالت حيَّة تُرزق!

و"العدم السياسي" هو، أيضا، حال "الشرعية الدولية"، التي يناقض بعضها بعضا، ويلغي بعضها بعضا، فأين هي الشرعية الدولية التي تجرؤ على مخاطبة الإسرائيليين والفلسطينيين قائلة: هذا هو أنا، نصا وروحا، مبدأ وتفاصيل، فَمَن قبلني قبلته، ومَن رفضني رفضته!

ليخرج المنادون بالشرعية الدولية من جحورهم، وليقرِّروا، من حيث المبدأ والجوهر والأساس، الحل النهائي الذي يريدون، وليتركوا، من ثم، للتفاوض السياسي أمر الاتفاق على تفاصيله. وليُضمِّنوا قرارهم هذا المعنى الشرعي الدولي ل "الاعتراف المتبادل"، ول "الإنهاء المتبادل لأعمال العنف".

إذا كان الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل جزءا لا يتجزأ من الحل الذي تقرِّه الشرعية الدولية، فأين نراه في فضاء الشرعية الدولية؟ لن نراه أمرا ملزما للفلسطينيين إلا في قرار الأمم المتحدة الرقم 189، فهل اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل، في سياق ذلك القرار الدولي فحسب، يتَّفق أم يتعارض مع الشرعية الدولية؟!

أين هو الحل الدولي المبدئي لمشكلتي "الاعتراف المتبادل" و"الإنهاء المتبادل لأعمال العنف" حتى يصبح ممكنا، وجائزا، حثُّ المجتمع الدولي للفلسطينيين على انتهاج سياسة تستوفي شروط ومطالب الشرعية الدولية؟!

لستُ مع "حماس" في رفضها أن تبدي استعدادا للاعتراف بإسرائيل؛ ولكنني لستُ مع أي اعتراف فلسطيني بإسرائيل لا يقترن باعتراف إسرائيلي بفلسطين، شعبا ووطنا ودولة وحقوقا.

وغني عن البيان أن المهمة التي لم تُنجز بعد، والتي لا بد من إنجازها، هي تمكين ظل الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية من استعادة جسمه، على أن يبدأ إنجاز تلك المهمة بالشرعية الفلسطينية، التي في غيابها، أو ضعفها، يختلف الفلسطينيون في كل ما يجب أن يتفقوا عليه، ويتفقوا في كل ما يجب أن يختلفوا فيه. وليكن "الاستفتاء الشعبي الفلسطيني العام" هو الأداة التي بها يبتني الفلسطينيون لخلافهم واتفاقهم كل شرعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.