لم يكن يتوقع محمد على باشا عندما أمر بحفر ترعة المحمودية عام 1807 لتنقل مياه النيل للإسكندرية مرورا بمحافظة البحيرة، أن يتحول ذلك الشريان المائى لمستنقع يحوى بداخله وعلى جانبيه كل أنواع القاذورات. فالترعة التى تم حفرها قبل نحو 208 أعوام، واستخدمت كممر مائي للمراكب التجارية بين الإسكندرية ونهر النيل، باتت مصدرا للتلوث داخل أحياء الإسكندرية، وسط تجاهل دام لسنوات من مسئولى المحافظة والرى. ومنذ قرابة 8 سنوات، قام اللواء عبد السلام المحجوب، محافظ الإسكندرية وقتها، بعمل تطوير يضمن إعادة تطهير وتعميق المجرى المائى للترعة وعمل كورنيش على جانبيها لتصبح متنفسا لأهالى الأحياء المجاورة له، إلا أن هذا التطوير لم يتبق منه شيء الآن. وقبل أيام قليلة، تذكرت وزارة الرى الترعة وأهميتها لكونها المصدر الرئيسى للحصول على مياه الشرب لنحو 4.3 مليون مواطن بالإسكندرية، وقاد الدكتور حسام المغازى، وزير الرى، يرافقه هانى المسيرى، محافظ الإسكندرية، حملة مكبرة لتطهير الترعة وإزالة التعديات عليها. "مصر العربية" رصدت فى جولة ميدانية، على ضفاف الترعة، عودة تلال القمامة على جانبى الترعة، وتزايد ورد النيل والحشائش بمجراها المائى، بعد أقل من أسبوع على حملة الرى التى بدأت من مدخل كوبري الطريق الساحلى الدولى بمنطقة خورشيد إلى منطقة العوايد. أحمد عجيمى، أحد سكان منطقة راغب بالإسكندرية المجاورة للترعة، قال: "الأسبوع إلى فات جت حملة كبيرة من الجيش والشرطة وأزالت مخازن السيراميك وورش تصليح ومغاسل سيارات، والمحلات والكافيتيريات، من على جانب الترعة.. علشان هيعيدوا رصف الطريق". اللواء طارق مهدي، محافظ الإسكندرية السابق، أصدر قرارا بتشكيل قوة ثابتة من إدارات المرور والبحث الجنائي وشرطة المرافق وعدد من العاملين بمجال البيئة بالمحافظة، لضبط سيارات النقل التى تقوم بإلقاء مخلفات البناء على ترعة المحمودية. وكان مقررًا أن تقوم القوة الأمنية بعملها من الساعة الثامنة مساء وحتى الثامنة من صباح اليوم التالى، ليتم تسليم السيارات التى يتم ضبطها إلى وحدة التحفظ بالمحافظة ومعاقبة المخالفين، إلا أنه لم يتم تفعيل هذا القرار حتى الآن بعد تعيين هانى المسيرى محافظا بدلا منه. ومن جانبه، أكد المهندس أحمد جابر، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب بالإسكندرية، أن مياه الشرب التي تؤخذ من الترعة آمنة وتمر بمراحل عديدة للتنقية قبل وصولها إلى المواطنين، ويتم تنقيتها بالكلور والشبه، قائلاً: "يتم سحب أكثر من 25 ألف عينة من المياه شهريا للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات.. وترعة المحمودية تعتمد عليها المحطات كمصدر للمياه بدءًا من منطقة المعمورة وحتى السيوف فقط.. وهى منطقة مياهها نظيفة.. أما باقى الترعة فلا يتم سحب المياه منها". وأضاف رئيس شركة المياه بالإسكندرية ل"مصر العربية" أن باقى محطات مياه الشرب بالمحافظة وهى "المنشية، وباب شرقى، والنزهة، وفرن الجراية، والمنشية 2"، يتم إمدادها بالمياه عن طريق ترعة تم حفرها لتوصيل المياه من ترعة المحمودية من كفر الدوار بشكل مباشر، لافتا إلى اعتماد محطتي غرب الإسكندرية على ترعة النوبارية.