” الدول الديكتاتورية تريد مجالس شعب صورية لا تراقب ولا تشرع، إنما فقط لاستكمال ديكور مظهري” ف السيسي يريد برلمانًا وهميًا لا قيمة له”، “السيسي أصدر أعدادًا هائلة من القوانين بعضها غير دستورى، وبعضها يؤسس لدولة بوليسية”،، لم تكن هذه تصريحات للمجلس الثوري المصري، ولا لقيادة إخوانية، أو رمز من رموز تحالف عودة الشرعية؛ بل تصريحات مكتوبة لسياسي شارك في الانقلاب العسكري 3 يوليو، وتظاهرات 30 يونيو، وممن نظروا للانقلاب ودافعوا عنه، ووصفوه بالثورة، فهل استفاق الآن وأدرك خطورة الانقلاب على الديمقراطية؟ الكلام جاء في مقال للدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي، أبرز الأحزاب التي شاركت في الانقلاب العسكري وأيدته وساندته، فقد أكد “أبو الغار” أن عبدالفتاح السيسي لا يريد برلمانًا يؤدي وظيفته الحقيقية؛ بل برلمانًا وهميًا لا قيمة له، مشيرًا إلى أن هذا ما اتجهت إليه الدولة منذ لجنة الخمسين لوضع الدستور، التي كان عضوًا بها، من خلال تقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية. وقال “أبوالغار”، في مقال له، بإحدى الصحف الخاصة جاء بعنوان “البرلمان الوهمي”، إن “السيسي” أصدر خلال غياب البرلمان أعدادًا هائلة من القوانين بعضها غير دستورى، وبعضها قد يؤسس لدولة بوليسية وبعضها عاجل وضرورى، مؤكدًا أن هذا ما ترغب فيه الدول الديكتاتورية، بأن يكون مجلس الشعب صوريًا لا يراقب ولا يشرع، وإنما هو فقط لاستكمال ديكور مظهري، على حد قوله. وجاء في مقال “أبوالغار” أنه “أثناء كتابة لجنة الخمسين للدستور، طلب عمرو موسى من مجموعة صغيرة، في اجتماع تشاوري، رأينا في تغيير خارطة الطريق بتقديم الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، وسألته بوضوح: هل طلب الرئيس المؤقت ذلك؟ فنفى، ولكن (الفار لعب في عبي)، وبعد أيام قامت مجموعة من أعضاء لجنة الخمسين بتقديم هذا الطلب رسميًا للجنة، وتمت الموافقة عليه بأغلبية كبيرة، ولا أدري إذا كان تقديم الطلب تلقائيًا، ومجرد توارد خواطر، أم أنه قد أوحي للبعض بطلب ذلك، وكانت هذه أول خطوة في تأخير البرلمان”. ويضيف “أبو الغار” قائلًا: “كانت الخطوة الثانية، وهي بدء مناقشة تفسيرات مختلفة للنص الواضح بميعاد محدد للانتخابات البرلمانية، بعد انتهاء التصويت على الدستور، وتفنن بعض ترزية القوانين في إيجاد مخرج لتأجيل الانتخابات، وذلك بالطبع تلبية لرغبة النظام، وكانت الخطوة الثالثة هي قانون الانتخابات، وقد راعى النظام أن تكون الداخلية هي القول الفاصل في القانون، وتم تطعيمهم ببعض رجال القانون الذين كان دورهم ثانويًا، وفي مقابلة مع وزير العدالة الانتقالية الأسبق لمناقشة بعض مشاكل القانون المقترح، قيل لنا بوضوح إن الأمر ليس بين يدي اللجنة القانونية، وتمت صياغة قانون الانتخاب، وأهم ما فيه أن يكون هذا البرلمان ضعيفًا ومفتتًا ويغلب عليه المستقلون ليصعب عليهم التوحد، في إصدار قانون أو عمل رقابة جادة على الدولة، ثم ركزت الدولة على أهمية دخول عدد كبير من الأعضاء من برلمان مبارك الذين تعرف الداخلية كيف توجههم وتتحكم فيهم”. ويقول “أبو الغار”: “الخطوة الرابعة كانت عمل نظام القوائم المطلقة مخالفة لجميع الأعراف، تمهيدًا لعمل قائمة باسم الدولة، وهو ما حدث بالفعل في قائمة حب مصر، وبهذه الطريقة ضمنت الدولة عمل برلمان ضعيف، لتبقى كل السلطة في يد الرئيس، وضمنت أيضًا إضعاف الأحزاب والتجمعات، وصدرت التعليمات لرجال الأمن بإعطاء النصائح للمرشحين بأن فرصتهم أكبر إذا ترشحوا مستقلين، وضغطت على المرشحين في القوائم المنافسة لحب مصر للخروج منها، والخطوة الخامسة كانت ترغيب مرشحي الأحزاب بالانضمام لحزب جديد يُقال إنه ممول من جهة سيادية، ثم تعمدت الدولة تأجيل الانتخابات وأصبح الوضع محرجًا داخليًا ودوليًا، وأخيرًا خلال غياب البرلمان أصدر الرئيس أعدادًا هائلة من القوانين بعضها غير دستوري، وبعضها قد يؤسس لدولة بوليسية، وبعضها عاجل وضروري، والجزء الأخير ليس عاجلًا، وعلى البرلمان مناقشة كل هذه القوانين في أسبوعين وهذا مستحيل”. وتابع قائلًا: “في النظم الديمقراطية يكون لمجلس الشعب دور تشريعي ورقابي قوي على السلطة التنفيذية، والدول الديكتاتورية ترغب في مجلس شعب صوري لا يراقب ولا يشرع، وإنما هو فقط لاستكمال ديكور مظهري، وهذا ما يبدو أن مصر تريده، وبغض النظر عن حكم الدستورية، فإن الملخص المفيد هو أن الرئيس والدولة لا يريدان برلمانًا يؤدي وظيفته الحقيقية، وإذا اضطرا إلى ذلك فليكن برلمانًا وهميًا لا قيمة له، قوم يا مصري.. مصر دايمًا بتناديك”. سلطات الانقلاب لم تتحمل كلمات “أبو الغار”؛ فأصدرت بيانًا قالت فيه إن الدولة لا تدعم أي قائمة انتخابية، وأنها لا تسعى لإنشاء “برلمان وهمي”، وتضمن الرد 3 عناصر، أولها أنها تدخلت في عمل إحدى القوائم الانتخابية، والثاني أن السيسي أصدر أعدادًا هائلة من القوانين بعضها غير دستوري والبعض الآخر يؤسس لدولة بوليسية، والثالث أنه لا يريد برلمانًا يؤدي وظيفته الحقيقية. وزعمت رئاسة النظام أن السيسي أكد في أكثر من مناسبة وقوفه على الحياد من كل القوائم وكل المرشحين، وأنه لن يؤيد قائمة بعينها، إلا في حالة واحدة فقط، وهي اجتماع القوى السياسية واصطفافها في قائمة واحدة، وقالت إن إصدار القوانين يتم بالتنسيق بين مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء ووزارة العدل ومجلس الدولة. وأصدرت المحكمة الدستورية العليا الأحد الماضي حكمًا ببطلان قانون تقسيم الدوائر، الأمر الذي ترتب عليه صدور حكم من محكمة القضاء الإداري يوم الثلاثاء الماضي بوقف إجراء الانتخابات البرلمانية، وقال أحمد فوزي، الأمين العام للحزب المصري الديمقراطي، إنهم ساندوا الدولة المصرية بعد 30 يونيو 2013 لتقديرهم لخطورة اللحظة وقتها في مواجهة المخاطر التي تتعرض لها مصر، ولكن هذا لا يعني تبرير تصرفات السلطة حتى لو كان بها أخطاء نرفضها. وأوضح فوزي أن الحزب يعد مذكرة تفصيلية في الوقت الحالي، يشرف على إعدادها الفقيه الدستوري والقيادي بالحزب، نور فرحات، سيجمع فيها كل القوانين التي تحمل شبهة عدم دستورية وكذلك ما يثبت من وجهة نظرهم أن السلطة التنفيذية انحازت بشكل صارخ لقائمة “في حب مصر” دون غيرها.