رفع حقوقيون وقانونيون من بلدان عدة، دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ضد الحكومة الصهيونية وكبار قادتها السياسيين والعسكريين، بتهمة "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب والإبادة الجماعية الناجمة عن استمرار الحصار والحصار المفروض على قطاع غزة". وتمثل هذه الدعوى المتعلقة بالحصار المشدّد المفروض على قطاع غزة، والتي حصلت "قدس برس" على وثيقتها، أول ملاحقة قانونية لدى المحكمة الجنائية الدولية لكبار القادة الصهاينة. وفي صدارة المُدَعَى عليهم رئيس الوزراء الصهيوني إيهود أولمرت، ووزير حربه إيهود باراك، ونائب وزير الحرب ماتان فلنائي، ووزير "الأمن الداخلي" آفي ديختر، ورئيس الأركان غابي أشكنازي. وتقوم بهذا التحرك الجديد "منظمة التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب"، المسجلة دولياً والعضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، بالتعاون مع حقوقيين ومحامين من دول عدّة، من بينهم ثلاثة محامين إسبان، ومع وفد يمثل أمريكا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية. وفي هذه الأثناء أوضحت رئيسة المنظمة، المحامية مي الخنساء، وهي لبنانية ناشطة في مجال حقوق الإنسان، أنّ الوفد اجتمع مع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، للمطالبة بإصدار مذكرات توقيف بحق المدعى عليهم و"وقف حمام الدم في غزة". ولفتت رئيسة المنظمة لوكالة "قدس برس"، الانتباه إلى أنّ "نظام روما الأساسي العائد للمحكمة الجنائية الدولية يتيح للمنظمات غير الحكومية تقديم مثل هذه الشكوى، وأنّ للمنظمات غير الحكومية حق الطلب إلى المحكمة الجنائية الدولية الشروع في التحقيق". وتهدف الدعوى المقدمة من "منظمة التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب"، إلى إلزام مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "بالتحقيق بالجرائم التي تُرتكب في غزة، وفقاً لنصوص المحكمة وما ورد في نظام روما الأساسي". وأضافت المحامية مي الخنساء قائلة "تقدّمنا بهذه الدعوى لأنّ الجرائم البشعة التي يجري ارتكابها بحق أهل غزة لا يمكن السكوت عليها وهي لا تُطاق، ولم أجد في التاريخ جريمة يجري ارتكابها بهذه البشاعة"، على حد تعبيرها. وقالت رئيسة المنظمة "يجب أن نلجأ للقضاء لتحصيل الحقوق، وأن نمارس الضغط على دولة الاحتلال كي يعلم العالم أنّها كيان إرهابي"، وفق ما شدّدت عليه. وأكدت رئيسة "منظمة التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب"، أنّ الدعوى تمت دراستها بشكل دقيق من الناحية القانونية، معربة عن ثقتها بأنها ستفضي إلى إدانة القيادة الصهيونية. ويرأس لجنة صياغة الدعوى، عضو مجلس إدارة المنظمة، الدكتور فرانكلين لامب من العاصمة الأمريكيةواشنطن، الذي أوضح من جانبه أنّ "النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ينصّ صراحة على أنه يجوز للمحكمة الانتقال إلى قطاع غزة من أجل إجراء التحقيق في هذه الحالة، وعقد محاكمة بالقرب من الموقع الذي ارتُكبت فيه الجرائم"، كما قال. وتتواجد في قطاع غزة حالياً عضو مجلس إدارة المنظمة، كوبفا بترلي، التي تعمل من هناك على جمع الشهادات للمحكمة الجنائية الدولية في ظلّ الحصار المشدّد. ومن جانبه؛ قال أمين أبو راشد، عضو الوفد الذي تقدّم بالدعوى، والذي كان من بين فريق "الحملة الأوروبية لرفع الحصار" الذين أبحروا من لارنكا إلى غزة على متن سفينة صغيرة قبل شهرين لكسر الحصار، إنّ "حصار غزة سيدخل التاريخ كسياسة بشعة ومنهجية، وما هذه الدعوى سوى مسمار آخر في نعش الحصار الذي ينبغي أن يدفع الاحتلال الإسرائيلي والمتواطئون معه ثمنه الكامل". وشدّد أمين أبو راشد، في تصريحه لوكالة "قدس برس"، على أنّ "استمرار حصار غزة الخانق يفرض التزامات ملحّة على كل المدافعين عن حقوق الإنسان والعدالة"، مطالباً بتكثيف "جهود الجميع حتى نكسر الحصار، ونضمن عدم إفلات المتورِّطين في هذه الجريمة المنهجية البشعة من العقاب"، كما قال. وعقّبت المحامية مي الخنساء، قائلة إنّ "استمرار دول عربية في المشاركة بحصار غزة استجابة للضغوط الأمريكية سيدفعنا إلى التقدم بدعاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية، تلزمها بفتح المعابر المغلقة"، في إشارة ضمنية إلى معبر رفح.