ليس تعميمًا: هناك فئة من مشايخ التيار السلفي المدجن نقمت على الثورة لأسباب كثيرة سبق ذكرها , ولكن أهمها في وجهة نظري : أن الثورة كسرت كثيرا من التابوهات ( المحرمات ) كنتيجة طبيعية لانتشار ثقافة النقد الموضوعي وانحسار هالة القداسة عن القيادات والرموز التاريخية . فبعد أن كان الشيخ بمثابة الأب الروحي والآمر الناهي , الذي لا يرد له طلب ولا يناقش له رأي , الذي يحيط بكل القضايا الشرعية والسياسية والاجتماعية , أصبح بمقدور أي شاب حديث العهد بالالتزام , قليل البضاعة من العلم , أن يعترض ويناقش , بل ويرفض وينسحب أحيانا !! إن هؤلاء المشايخ يعلمون أن فتح باب النقاش والحوار , سيؤدي إلى انفجار الفقاعة الوهمية الضخمة المحيطة بهم , وإلى كشف الحقيقة عن حصيلتهم العلمية والإدارية المتواضعة , وربما نواياهم الشخصية الدنيئة . فكان الحل الوحيد لاستمرار هذه الكيانات المتكلسة , أن يستمر نظامها الإداري على نفس طريقة المؤسسات العسكرية والأمنية الصارمة : احترام الهرم السلطوي , تقديس الأوامر مهما خالفت قناعات الأفراد , حرمة الاعتراض والنقاش ............. إلخ , وأوهموا أتباعهم أن هذا هو مقتضي قواعد العمل المؤسسي الجماعي , فاستبدلوا أصنام القبوريين بأصنام الكيان.