نجاحات بالجملة تلك التي حققتها المقاومة العراقية في رحلة صمودها أمام الاحتلال الأمريكي والتي بدأتها منذ خمسة سنوات وما زالت مستمرة حتى الان إلا أنها في حاجة إلى مزيد من الدعم من شتى البلدان الإسلامية حتى تستطيع أن تكمل مسيرة النضال والواقع يؤكد بما لا يدع مجال للشك أن هناك حالة كبيرة التخاذل من قبل الحكومات العربية والإسلامية تجاه المقاومة وهو ما يلقي بالمسئولية على الشعوب والتي لا بد أن تقوم بدور كبير في دعم تلك المقاومة.. وهناك حالة كبيرة من اللبس لدى العديد من الأشخاص حول شرعية نصرة المقاومة وهل هي فرض عين على كل مسلم أم أنها فرض كفاية أذا قام بها البعض تسقط على البعض الآخر ...في السطور التالية حاولنا الوقوف على مدى شرعية المقاومة عبر استطلاع أراء مجموعة من علماء الأزهر الشريف:- بداية يقول الدكتور مصطفى الشكعة – الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة – أن دعم المقاومة التي تقف صامدة في مواجهة العدوان الصهيوني والأمريكي الذي احتل الأراضي المقدسة الفلسطينية والعراقية هي واجب على كل مسلم بالغ عاقل وقادر على هذا الأمر لا سيما إذا كانت الأمة الإسلامية غير قادرة على رد هذا الاحتلال وكذلك أصحاب الأرض غير قادرون على ذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه "" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ...والحديث الشريف هنا يوضح لنا أنه حرام على المسلم أن يترك أخاه المسلم وحده في مواجهة الأعداء . ويضيف أن هناك العديد من وسائل الدعم التي يمكن أن يقدمها كل مسلم في أي مكان لعناصر المقاومة بداية من التبرع بالمال ووصولا إلى الدعاء لهم في كل صلاة وفي كل وقت وحين حيث إننا في هذا الوقت لا نستطيع الوقوف في صفوف المجاهدين لظروف البلدان الإسلامية حيث يقوم الحكام بمنع أي فرد من الانضمام إلى صفوف المجاهدين سواء في العراق أو فلسطين. ويشير الدكتور الشكعة على أنه يجوز للمسلمين تخصيص الزكاة لصالح المقاومة و إرسال أموالها إلى المقاومين لتعضيد صمودهم في وجه المحتل الأمريكي الذي لا يخشى في الله لومة لائم والذي لا يتوانى لحظة واحدة في استخدام كافة الأسلحة المحرمة دوليا في قتل وتعذيب وتشريد المقاومين ، وكلنا يعلم ما قاله الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطابه في الكونجرس الأمريكي عندما قال أن الحرب على الإسلام حرب صليبية ولابد من استخدام كافة القوى في هذا الأمر ولذلك فإن علينا أن نستخدم كافة القوى التي نملكها نحن كمسلمين أيضا في مواجهة هذا العدو المحتل الغاشم، لا سيما أن أموال الزكاة تكفي لدعم المقاومة إذا ما خصصناها لهذا الأمر. ويتفق معه في الرأي الداعية الإسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين -عضو مجمع البحوث الإسلامية _ في أن نصرة المقاومة فرض عين على كل مسلم قادر بالغ وعاقل أيا كانت وسيلة النصرة في هذه سواء بالدعاء أو التبرع بالمال أو حتى المعنوي لأن هؤلاء المقاومين مسلمين والأراضي المحتلة هي جزء من أرض المسلمين التي لا يجوز لنا أن نتهاون لحظة واحدة في الدفاع عنها حتى نستردها من الأعداء الذين اغتصبوها . ويضيف أن البعض قد يذهب إلى القول بأن نصرة المقاومة فرض كفاية ويستشهد في ذلك بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان الجيش لا يحتوي على كافة المسلمين وهذا الأمر مردود عليه في أنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان هناك جيش يسعى لاسترداد أراضي المسلمين وفتح بلدان جديدة ونشر الإسلام فيها، بينما نحن الآن لا نجد من يدافع عن العراق ولا عن فلسطين سوى أبناء البلدين فقط ولذلك وجب على الجميع دعمهم كما أننا هنا نتحدث عن العديد من وسائل الدعم سواء كان دعم مادي أو دعم معنوي ولا نشترط الوقوف في صفوف المجاهدين طالما أن هناك موانع تحول بيننا وبين هذا الأمر ، بالإضافة إلى ذلك فإن هذا الدعم سيقوي ظهر عناصر المقاومة والذين أبلو بلاءا حسنا خلال السنوات الماضية لا سيما المقاومة العراقية التي جعلت العدو الأمريكي يعترف بأنه أخطأ عندما خاض حرب العراق و أن هيبة أمريكا ضاعت بسبب هذه الحرب. ومن جهته يرى الدكتور أنور دبور _ أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة _ أن فقهاء الإسلام قالو أن الجهاد يكون فرض عين على أبناء البلدان التي وقعت تحت أيدي الاحتلال وفرض كفاية على بقية المسلمين، ولكن إذا كان المحتل قوته كبيرة وله جولة عظيمة من الأسلحة فإن الجهاد في هذه الحالة يصبح فرض عين على كافة أبناء الأمة الإسلامية حتى يتم رد هذا المحتل وتحرير أرض المسلمين من تحت وطأته ومن هنا فإن دعم المقاومة العراقية تعتبر في هذه الأيام فرض عين على كل مسلم. ويضيف أن نصرة المقاومة ودعمها يمكن أن يحدث بالعديد من الطرق ومنها تقديم الدعم المادي من أموال و أسلحة وغيرها وتقديم الدعم المعنوي وله وسائل عديدة أيضا وعلى رأسها الدعاء بالإضافة إلى الأشياء الهامة الأخرى مثل الدعم المعنوي في وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية وذلك بالحديث عن بطولات المقاومين بإيجابية والانتصارات التي أحرزوها في هذا الإطار وترويج ذلك في شتى الأبواق الإعلامية وهو الأمر الذي سيكون له مردود على رفعة همة المقاومين من جهة ، وكسر شوكة العدو من جهة أخرى. وكان مجمع فقهاء الشريعة الإسلامية قد على أنه "لا يجوز التعاون مع المعتدين على الأراضي الإسلامية، وأن من يفعل ذلك يكون خائنا لدينه وأمته وعقيدته، ويكون محل احتقار وسخرية لأنه صادق من عادى الإسلام والمسلمين" وهو الأمر الذي ذهب إليه العديد من العلماء ومن بينهم الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر والدكتور أحمد طه ريان أستاذ الفقه المقارن وعضو مجمع فقهاء الشريعة الإسلامية والذي أشار إلى "أن القاعدة الشرعية تقول إنه إذا داهم العدو بلدا من بلاد المسلمين يجب وجوبا عينيا على كل فرد في هذا البلد أن يخرج للدفاع عن البلد، كما يجب على المسلمين معاونته. واعتبر أن "إثارة هذه القضية الآن يمكن أن تفت في عضد المسلمين المدافعين عن البلاد المعتدى عليها، وعليه فيجب التأكيد على أنه يجب شرعا على كل من يستطيع أن يساعد المقاومة بالسلاح والمال والدعاء أن يفعل ذلك وعلى الفور". المفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا كان له أيضا رأي واضح في دعم المقاومة العراقية فور الاحتلال مباشرة حيث قال أن على الدعاة أن يعدوا الناس ويهيئوهم لمقاومة طويلة المدى، مشيرًا إلى أن "التاريخ يدلنا على أن هناك دورًا واجبًا على الدعاة المخلصين تجاه قضايا أمتهم". وضرب العوا مثلاً بعز الدين بن عبد السلام -سلطان العلماء- الذي أفتى بعدم جواز أخذ المماليك لأموال المسلمين بهدف تجييش الجيوش لحرب التتار إلا إذا خلت من المال خزائنهم الشخصية وأنفقوا في سبيل تجهيز الجيش من رواتبهم، ومن قبلهم سار الصحابة، ومنهم من قادوا الغزوات.