تستحوذ سلطنة عمان على أهمية متزايدة في منطقة الخليج، في الوقت الذي تفقد فيه المملكة العربية السعودية دورها الخليجي وأهميتها تدريجياً، في تبدل واضح للأدوار بالمنطقة، حيث بدا الأمر واضحاً جلياً عندما اضطرت الرياض إلى حذف ملف “الاتحاد الخليجي” من جدول أعمال قمة الكويت قبل أسابيع استجابة لمعارضة مسقط لهذا الملف. لكن اللافت في الدور الصاعد للسلطنة خليجياً هو أن الإمارات بدأت بالسعي قدماً نحو تحسين علاقاتها مع عُمان، وكذلك مع إيران، وذلك بعد أن كانت العلاقات الإماراتيةالعمانية في حالة توتر شديد طوال الشهور الماضية، وتحديداً منذ ضبطت أجهزة الأمن العُمانية خلية تجسس تعمل لحساب ابوظبي، وتم اعتقال أفرادها من الإماراتيين، قبل أن يذهب محمد بن زايد على عجل لإنقاذ الموقف وتهدئة النفوس في مسقط. وفي إطار محاولة الإمارات تحسين علاقاتها مع سلطنة عُمان مؤخراً قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي بزيارة مفاجئة إلى مسقط يوم الرابع والعشرين من / ديسمبر 2013، وهي الزيارة التي التقى خلالها السلطان قابوس بن سعيد، وبحث خلالها العديد من الملفات الإقليمية التي يبدو أن الطرفين اتفقا بشأنها. وتأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد لسلطنة عُمان بعد أقل من شهر واحد على الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى إيران، وهي الزيارة التي تمت تحديداً في يوم الخميس 28-11-2013، وجاءت تلك الزيارة في إطار تقارب إماراتي مع إيران تبع إبرام الاتفاق الغربي مع طهران والتقارب الأمريكي مع الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني. وبعد توقيع الاتفاق الإيراني الغربي في جنيف بأيام تبين بأن الاتفاق ليس سوى نتاج لمباحثات سرية تمت طوال الشهور الماضية في العاصمة العُمانية مسقط بين الجانبين، وهي المباحثات التي أغضبت السعودية بسبب أنها تمت دون علم الرياض ودون استشارتها. وقال مصدر مطلع في أبوظبي إن دوائر صنع القرار في الإمارات بدأت تشعر بأن موازين القوى في المنطقة تتغير، وان يعني الرهان على السعودية الرهان على حصان خاسر، خاصة بعد أن فشلت المملكة، وفشل مدير مخابراتها الأمير بندر بن سلطان في إقناع الأمريكيين بأن يضربوا إيران، ثم فشلت المملكة في إقناعهم بضرب سوريا، ثم فشل الأمير بندر في إقناع الصهاينة أيضاً في القيام بهذه المهمة، وهو ما أدى إلى تراجع كبير للمملكة. كما أن الشعور العام لدى أبوظبي أيضاً أن السعودية بدأت تفقد أيضاً خيوط المعركة في سوريا، رغم أنها تهيمن على الائتلاف، الا أنها لا وجود لها على الأرض، ولم تعد قادرة لا على إسقاط الأسد، ولا على كسب ولاء المعارضة المسلحة على الأرض. ويقول المصدر إن فكرة “الاتحاد الخليجي” التي طرحتها السعودية كانت محاولة جديدة من الرياض لإعادة الإمساك بأوراق اللعبة في المنطقة، وإعادة السيطرة على دول الخليج التي بدأت تفلت واحدة تلو الأخرى، حيث لدى دولة قطر سياسة مستقلة عن السعودية، بل متعارضة معها، ولدى عُمان مؤخراً سياستها المستقلة والمتقاربة مع ايران والمتعارضة مع السعودية، وتدريجياً تفقد السعودية أهم حلفائها في المنطقة وهو الإمارات التي لم يعد يجمعها مع المملكة سوى دعم الانقلاب العسكري في مصر.