نشاط دبلوماسى مكثف تقوم به أطراف إقليمية ودولية من أجل حل الأزمة السورية التى دخلت عامها الخامس مخلفة آثارا كارثية مع تدهور الأوضاع الإنسانية على الساحة السورية. ويتوقع مراقبون أن تحدث الجهود التى تقوم بها روسيا من جهة وكذلك الدور المتوقع من سلطنة عمان التى زارها وليد المعلم، وزير خارجية سوريا، مؤخرا كأول دولة خليجية منذ 4 سنوات- العمل على تقريب وجهات النظر السورية السعودية والعمل على حشد الجهود من أجل مواجهة تنظيم داعش الذى استشرى فى الأراضى السورية وأصبح مهددا كبيرا لاستقرار دول الجوار بل المنطقة بأسرها. كانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت أن وزير الخارجية سيرجى لافروف ونظيره السعودى عادل الجبير سيناقشان خلال لقائهما فى موسكو سبل حل الأزمة فى سوريا واليمن ومكافحة الإرهاب فى المنطقة. وذكرت الخارجية أن المناقشات ستتواصل بشأن كيفية حل الأزمة فى سوريا، وسيتم تعزيز تبادل وجهات النظر حول موضوع المبادرة الروسية بشأن إنشاء تحالف دولى واسع النطاق لمحاربة تنظيم داعش على الأراضى السورية. ومن المقرر مناقشة الوضع فى الشرق الأوسط، وتنامى قوة الجماعات المتطرفة المختلفة، وبشكل خاص تنظيم داعش. وأوضحت الخارجية الروسية أنه سيتم إيلاء اهتمام كبير بالأزمة اليمنية، بما فى ذلك المشاركة السعودية لإرساء الاستقرار الأمنى فى اليمن. وأضافت وزارة الخارجية الروسية أنه من المتوقع بحث الوضع فى منطقة الخليج، على ضوء الاتفاق الأخير الذى تم التوصل إليه بشأن البرنامج النووى الإيراني. كما يبحث الجبير ولافروف الوضع فى العراق وليبيا، فضلا عن الوضع الصعب الذى تمر به عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة فى الشرق الأوسط، وسيتطرق الوزيران أيضاً إلى مواضيع الاقتصاد، ومناقشة سبل التعاون بين البلدين. كان وزير الخارجية الروسي، سيرجى لافروف، قد أشاد بدور السعودية فى دعم جهود تسوية الأزمة السورية، مؤكدا أن تنظيم داعش هو "الخطر الأكبر" فى منطقة الشرق الأوسط، حيث هيمنت الأزمة السورية الأسبوع الماضى على اللقاء الثلاثى الذى جمع وزير الخارجية السعودى عادل الجبير، ووزير الخارجية الأمريكى جون كيري، ووزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف فى العاصمة القطرية الدوحة. وأكد لافروف أن تسوية الحرب فى سوريا تحتاج لمحادثات تشمل جميع الأطراف. وقال "مازلنا نختلف مع واشنطن بشأن دعم المعارضة المسلحة". وتلمح موسكو إلى أنها تسعى لإقناع الدول ذات العلاقة بالأزمة السورية، لتبنى العمل بآلية تعطى الأولوية فى الحرب على تنظيم داعش والمنظمات الإرهابية الناشطة فى سوريا. واعتبر وزير الخارجية الروسى تنظيم "داعش" أكبر تهديد للمنطقة، مؤكدا أن الأوضاع الأمنية فى المنطقة مستمرة فى التدهور، الأمر الذى يخدم مصلحة الإرهابيين. وقال لافروف إن السعودية وأمريكا دعمتا الجهود المبذولة من قبل مبعوث الأممالمتحدة، ستيفان دى ميستورا، من أجل تسوية الأزمة السورية، معربا عن أمله فى إمكانية إحراز تقدم فى العملية السياسية، وكذلك فى مجال تشكيل "جبهة قوية لمواجهة الخطر الإرهابى فى الشرق الأوسط". وفى غضون ذلك، أكد خبراء سياسيون أهمية زيارة وليد المعلم سلطنة عمان والتى دخلت على خط الوساطة للوصول إلى حلّ سياسى للأزمة السورية المندلعة منذ أكثر من أربعة أعوام، حيث التقى الوزير العُمانى المسئول عن الشئون الخارجية، يوسف بن علوى عبدالله. والزيارة هى الأولى لوزير الخارجية السورى إلى دولة خليجية منذ بدء الأزمة فى سوريا، فى شهر مارس 2011، فى ظل تصاعد الحديث عن مساع إقليمية ودولية ل"إنضاج" تسوية سياسية تنهى أربع سنوات من الصراع السياسى المحتدم هناك. وقد اتفق المعلم ووزير الخارجية العمانى يوسف بن علوى على أن الوقت حان لتضافر الجهود البناءة لإنهاء الأزمة الراهنة. وأكد الجانبان أن أى حل ينبغى أن يكون على أساس تلبية تطلعات الشعب السورى لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة أراضى الجمهورية العربية السورية. ووفق مراقبين فإنه ليس من الواضح حتى الآن صورة الدور الذى من الممكن أن تلعبه مسقط التى نأت بنفسها عن الصراع السورى طيلة أربعة أعوام من عمر الأزمة، إلا أنها تحتفظ بسجل وافر من الجهود الدبلوماسية السرية لحل الأزمات. ولم تقطع سلطنة عُمان علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق أسوة بشركائها الخليجيين. فيما تحدثت أنباء عن جهود تبذلها السلطنة من أجل استضافة محادثات إقليمية تضم إيران ودولا خليجية نافذة، وجرى تحديد السعودية للانخراط فى محادثات تستهدف تقريب وجهات النظر بالنسبة لإيجاد حلول لأزمات المنطقة، وبينها الأزمة السورية، وسبق للمسئولين العمانيين السعى لتنظيم جولات مباحثات بين الرياض وطهران. فيما ترددت أنباء عن إمكانية عقد لقاء ثلاثى بين وزراء خارجية سوريا والسعودية وإيران فى مسقط. كان المعلم قد استبق زيارته لمسقط بزيارة لطهران التى تحدثت عن مبادرة «معدّلة» طرحتها الحكومة الإيرانية لحلّ الأزمة السورية، وقالت إنها ناقشتها مع روسيا ودول عربية، وإنها ستقدم هذه المبادرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون. ولم تفصح الحكومة الإيرانية عن خطتها المعدّلة لإحلال السلام فى سوريا، لكنّ مصادر كشفت أن هذه الخطة تقترح «وقفًا فوريًا لإطلاق النار فى سوريا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعديل الدستور بهدف ضمان حقوق الأقليات الإثنية والدينية، وإجراء انتخابات يشرف عليها مراقبون دوليون». وأكد الممعلم أن بلاده تدعم أى جهود للتصدى لتنظيم داعش إذا جرت بالتنسيق مع دمشق، لكنه حذر من خرق السيادة السورية، فى إشارة لمشاركة القوات التركية فى الحرب ضد «داعش» فى سوريا، وضد قوات حزب العمال الكردستاني. وفى سياق متصل، يزور المبعوث الأممى إلى سوريا ستيفان دى ميستورا دمشق فى زيارة يلتقى خلالها عدداً من المسئولين السوريين فى محاولة للتوصل إلى أرضية مشتركة بين جميع الأطراف بهدف إنهاء الأزمة. وبدأ دى ميستورا محادثات الشهر الماضى قائلاً: إنه يتوقع أن يلتقى بأربعين وفداً أو أكثر فى مناقشات تجرى مع كل طرف على حدة فى جنيف وبينهم مسئولون سوريون ومعارضون وممثلون عن هيئات المجتمع المدنى وممثلون لحكومات فى المنطقة لها نفوذ فى الحرب. وقال دبلوماسيون إنه بلقاء شخصيات فى جنيف سيكون دى ميستورا مسيطراً على العملية وستجرى المحادثات على أرض محايدة، ولكن «الائتلاف» المعارض رفض لقاءه ودعاه للاجتماع به بدلاً من ذلك فى إسطنبول. وتابع: «خلال مباحثاته يعتزم المبعوث الخاص من جديد أن ينقل للمسئولين السوريين قناعته التامة بأنه ليس هناك حل للصراع السورى يمكن فرضه بالقوة وأن هناك حاجة ملحة إلى تسوية سياسية تشمل كل الأطراف وبقيادة وإدارة سورية».