اعتبر مراقبون أن نتائج الانتخابات البرلمانية في تركيا شكلت لطمة قوية للرئيس رجب طيب اردوغان الذي سيكون من شبه المستحيل له أن يمرر مشروع تغيير الدستور ليعطي صلاحيات أوسع لرئيس الجمهورية. فيما جاء تعليق اردوغان على هذه النتائج بأنها تعني أنه لا حزب يستطيع تولي الحكم منفردا. ومن المقرر ان تعقد قيادة حزب العدالة والتنمية التركي اجتماعا لبلورة خطة عمل بعد الهزيمة التي مني بها الحزب بفقدانه الأغلبية لأول مرة منذ 13 عاما في الانتخابات التركية التي جرت الأحد الماضي . وقد حصل الحزب على نسبة 41 % من أصوات الناخبين، في هبوط حاد مقارنة بالنتائج التي حققها في انتخابات 2011. ووفق مراقبين يواجه الحزب التركي الحاكم تحديا حقيقا في تشكيل حكومة ائتلافية، مع رفض الأحزاب المنافسة الأخرى الدخول في تحالف مع حزب الرئيس اردوغان لتشكيل الحكومة الجديدة . وقد دعا الرئيس التركي إردوغان كل الاحزاب السياسية التركية إلى أن تقوم بتقييم "واقعي وصحي" لنتائج الانتخابات وإلى العمل على حفظ مناخ الثقة والأستقرار في البلاد. وتأثرا بهذه النتائج تراجع سعر صرف الليرة التركية وافتُتحت تداولات منتصف الاسبوع في البورصة التركية على انخفاض حاد بلغت نسبته 8 في المائة وسط تقارير عن اعتزام البنك المركزي التركي التدخل للحيلولة دون حدوث المزيد من التراجع في سعر صرف الليرة. وبحسب مصادر قد يلجأ حزب اردوغان الى تشكيل حكومة أقلية، على الرغم من أن ذلك قد يكون حلا غير مستقر. وإذا لم تتشكل حكومة في البلاد خلال مدة 45 يوميا، فسيُدعى إلى انتخابات جديدة وفق الدستور التركي. وفي غضون ذلك تحدى نائب رئيس الوزراء التركي بلند أرينك أحزاب المعارضة الثلاثة في أن تحاول تشكيل حكومة ائتلافية. وقال أرينك للصحفيين في أنقره إذا كانت ثمة محاولة لتشكيل ائتلاف من الأحزاب المنافسة الثلاثة "دعهم يحاولون ذلك أولا، وحزب العدالة والتنمية جاهز لأخذ دوره إذا فشلوا في ذلك". وأوضح نائب ثان لرئيس الوزراء التركي، نعمان كورتولموش، أنه يعتقد أن الحكومة ستتشكل ضمن الفترة المقررة لها، مستبعدا امكانية تشكيل أي ائتلاف آخر من دون مشاركة حزب الحرية والعدالة، لكنه لم يستبعد احتمال اللجوء إلى انتخابات مبكرة أيضا. ومن جانبه، وصف رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو حزب العدالة والتنمية الحاكم بأنه الفائز الواضح في الانتخابات البرلمانية لكنه أضاف " القرار النهائي لشعبنا. إنه فوق كل شيء، ونحن سنعمل وفقا لقراره". الفائز الأبرز وُصف حزب الشعوب الديمقراطية الكردي بأنه الفائز الأكبر في الانتخابات التركية على الرغم من مجيئة رابعا في تسلسل الأحزاب الفائزة. وطالب دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية بإجراء انتخابات جديدة إذا لم يستطع حزب العدالة والتنمية الحاكم الاتفاق على ائتلاف مع حزبين معارضين آخرين في البرلمان. بينما استبعد صلاح الدين دمرداش رئيس حزب الشعوب الديمقراطية الكردي الدخول في ائتلاف مع حزب العدالة والتنمية. وقال الدمرداش في مؤتمر صحفي إن "نتائج الانتخابات البرلمانية وضعت نهاية للنقاش حول نظام رئاسي". ووصف مراقبون حزب الشعوب الديمقراطية الكردي بأنه الفائز الأكبر في الانتخابات التركية على الرغم من مجيئة رابعا في تسلسل الأحزاب الفائزة، إذ سيكون ممثلا للمرة الأولى في البرلمان بعد تجاوزه عتبة دخول البرلمان بحصوله على 12 في المائة، مما سيعطي للأكراد صوتا قويا في البرلمان التركي. ويشكل الأكراد، الذين يقدر تعدادهم بنحو 15 مليون نسمة، نسبة 20 في المئة من مجمل سكان تركيا. وكان اردوغان، الذي وصل للسلطة أول مرة كرئيس للوزراء في عام 2003، يرغب في تأمين حزبه أغلبية الثلثين في البرلمان كي يكون بوسعه تغيير نظام الحكم في تركيا إلى جمهورية رئاسية.