قال الخبير القانوني عصام الإسلامبولي إن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هو أننا أمام شرعية ثورية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فالرئيس السابق مبارك لم يقم بالاستقالة مما لم يؤدي لانتقال السلطة لرئيس مجلس الشعب، ولم ينقل سلطاته لنائبه بسبب عائق ما يمنعه عن مزاولة مهامه، و قيام مبارك بنقل سلطاته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة هو اعتراف منه بالشرعية الثورية، إذن فنحن أمام ثورة لها شرعية أن تهدم نظاما سابقا وتبني نظاما آخر، ولهذا فنحن هنا بصدد ثورة لها كامل الحق في كتابة دستور جديد، ولا يجب هنا تعديل دستور1971 المهلهل بشكل كامل. وأضاف الاسلامبولي: نحن هنا أمام عدة اختيارات إما أن نختار نظاما برلمانيا أو رئاسيا أو مختلطا. وقال :لكي نختار علينا أن نعرف طبيعة النظام السابق، لافتاً الي ان النظام السابق كان نظاما مشخصاً في شخص الرئيس، لذا فلابد أن نرفض النظام الرئاسي والنظام المختلط، وأن نتمسك بالنظام البرلماني لتحطيم أسطورة الفرعون، ورفض الاسلامبولي العودة إلى مشاريع عمرها 57 عاما، مثل من ينادون بعودة دستور 1954، لافتاً إلي ان عظمة هذا الدستور كانت في وقته، أما الآن فهو غير مناسب لنا. وقال ان الدستور ليس مجرد نصوص محفوظة ولكنه معبرا عن آمال وطموحات القوى الاجتماعية لحظة صياغته، ودور المشرع هو صياغة هذه الآمال والطموحات، صياغة العقد الاجتماعي، وما نحتاجه هو دستور جديد وليس مجرد تعديل القديم، نظام حكم برلماني، وعدم تسلط النصوص القديمة على ما سنشرع في صياغته الآن . من جانبه أوضح حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن هناك من يريد تفتيت الثورة ويفرغها من مضمونها ، على الرغم من أنها ثورة طاهرة ولم تقم على كتاف قوى سياسية بعينها ، وقال انه يرحب بالنظام الذي يجمع بين الرئاسة والبرلمان ولكن مع تحديد السلطات الرئاسية ويكون على رئيس الجمهورية الحكم بين السلطات. وطالب سعدة بعمل قائمة من الحريات تدخل في الدستور المصري لافتا الي أن الحقوق الأساسية للمواطن هي حقوق فوق الدستور ، كما ان التظاهر هو من ابرز حقوق التعبير ولا يجوز ان نصادرها حتى في حالات الطوارئ ، لذا فان على السلطة التشريعية ان تصدر تشريعات لا تتناقض مع الحريات وقال سعدة: لو أن هناك مادة تلزم أفراد الحكومة من وزراء ألا يبيعوا ويشتروا من الحكومة ورغم هذا فنرى كل الوزراء في الحكومة المصرية يبيعون ويشترون، لست متحمسا لنظام برلماني، وأرى أننا في حاجة لنظام مختلط، دستور يقر مجموعة الحقوق والحريات السياسية كمواد أساسية لا تسقط ولا يجوز تعليقها، دون أن يسمح بإمكانية الالتفاف من حولها بإحالتها للقانون كما هو حادث في الدستور الحالي. وأضاف لست مع أن يحدد الدستور اتجاها اقتصاديا بعينه سواء كان اشتراكيا أو رأسماليا، ولكني مع أن ينص الدستور على مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي ينبغي أن يلتزم بها أي نظام اقتصادي سواء كان اشتراكي أو رأسمالي. وقال مايكل منير، رئيس منظمة أقباط الولاياتالمتحدةالأمريكية والمتحدث الرسمى باسم المجلس القبطي ، انه يؤمن بمفهوم الدولة المدنية، وهذا يعني فصل كامل للدين عن الدولة في القضايا السياسية والتشريعية، والقوانين تكون بكاملها وضعية، وأضاف أن هناك رؤية أخرى للدولة المدنية، وهي الدولة ذات المرجعية الدينية، وهذا النموذج لا يصلح من وجهة نظري في دولة بها تعددية دينية، لأنها تعني تسلط أصحاب ديانة الأكثرية على ديانة الأقلية، وهذا ما نعيشه منذ 30 سنة، دولة لا هي مدنية ولا هي دينية، ووارد أن تأتي بعض الفتاوى لتحول الدولة إلى دينية بالكامل، وأشار إلي أننا نبني الآن دولة حديثة بدماء شهداء الثورة، وعلينا أن نبني دولة مدنية ولا نعطي الفرصة لبناء دولة دينية تبث الفرقة بين المصريين، أو حتى دولة مدنية ذات مرجعية دينية لأنها ستؤدي للنتيجة ذاتها وقالت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية ورئيس الجلسة في المؤتمر انه ينبغي ألا نخلط بين أخطاء في تطبيق القانون أو أخطاء لها علاقة بعدم دستورية القوانين وتصححها المحكمة الدستورية، وبين الأخطاء الدستورية أو الخلل في المبادئ الدستورية، وعلينا ألا نخلط بين مصادر الثقافة وبين الأحكام وأوضح وائل نوارة سكرتير عام حزب الغد ان الدستور القادم يجب أن يستند إلى شرعية ثورة 25 يناير، الثورة التي أسقطت الدساتير القديمة، وأن الدستور لا يجب أن يكتبه القانونيون، بل هو نتاج لحوار مجتمعي يحدد الخطوط العريضة للدستور، ثم يأتي دور القانونيين والمتخصصين لصياغته، ولفت نوارة إلي ان الدستور القادم يجب أن يحدد بشكل قاطع الطابع المدني للدولة، وأن يحدد طبيعة النظام إن كان رئاسيا أو برلمانيا. وأوضح ان كان هناك توافق داخل حزب الغد الذي أنتمي له وكذلك الجمعية الوطنية من أجل التغيير على احتياجنا لنظام برلماني، إلا أنني لا أتفق مع هذه الفكرة خاصة مع حالة الضعف التي تعاني منها الحياة الحزبية في مصر. وفيما يخص الأمور الأساسية في الدستور الجديد قال نواره: من الضروري أن يحافظ الدستور بشكل واضح على مدنية الدولة، ومن الهام جدا أن يحمي الدستور مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها. وشدد على ضرورة دعم اللامركزية، انتخاب المحافظين والقيادات المحلية، حتى لا نرى مشاهد مبايعات الرئيس تأتي من المحافظين والقيادات المحلية. وكذلك على ضرورة لإعطاء السلطة المحلية استقلالية أكبر في اتخاذ القرار وصلاحيات أكثر اتساعا، واللامركزية هنا لا تعني تفكيك البلاد، ولكنها تدعم الديمقراطية في عمق المجتمع. من جانبه قال أحمد الصاوي سكرتير تحرير المصري اليوم انه يتفق مع الفكرة التي تطالب بإطالة الفترة الانتقالية لتضم صياغة دستور جديد وليس فقط تعديل الدستور القديم ، ولا أن يحدث هذا بإطالة فترة حكم العسكر، ولكن عن طريق تقسيم هذه الفترة بين 6 أشهر يبقي فيها المجلس العسكري ليشرف على تعديل مواد الدستور التي تسمح بانتخاب سلطة مدنية مؤقتة أيضا تكون مهمتها هي إدارة عملية صياغة دستور جديد، لا تستفيد منه وترحل بعد إنجاز مهمتها، تكون تلك المهمة ملزمة لها، وإلا سنجد أنفسنا أمام نموذج "بوتينى" جديد، مكون من شخصين يتبادلا المسؤولية بروح ديكتاتورية تأتى عبر صناديق الاقتراع. ولفت الصاوى إلى أهمية "العدالة" أولاً بإعادة هيكلة مؤسسة القضاء ودفعها نحو مزيد من الاستقلال، عبر تغيير طريقة اختيار النائب العام، ليكون بالأقدمية مثل رؤساء الاستئناف، ووضع سقف زمنى لأصحاب المواقع التنفيذية داخل مؤسسة القضاء، إلى جانب إعادة نظام الأرقام فى توزيع القضايا، بما يحد من سلطة الحكومة فى توجيه قضايا بعينها إلى قضاة بعينهم، مشيراً إلى أن نظام الأرقام يمثل العشوائية الإيجابية العادلة. وأكد جورج إسحاق احد مؤسسي حركة كفاية، على فكرة أنه لا توجد في مصر مؤسسة نحتمي بها ونعتمد عليها سوى المؤسسة العسكرية في الوقت الحالي، ولكن هذا لا يتعارض مع مطالبتنا بمجلس رئاسي مكون من شخصين مدنيين وشخص عسكري، وقال ان مطالبتنا هنا بهذا المجلس الرئاسي مبعثها احتياجنا لإطالة الفترة الانتقالية لنتمكن من خلق دولتنا ومجتمعنا الجديد، وهذا أمر يحتاج لوقت. و فيما يخص الانتخابات المقبلة قال نستطيع أن نعد انتخابات بالرقم القومي وأن يكون التصويت إلكتروني، وأن يشارك المصريون بالخارج وهذه المطالب أقرها أحمد درويش الوزير السابق للتنمية الإدارية في لقاء معه من قبل وأكد على استطاعتنا أن نقوم بها. وقال إسحاق ان ما نحتاجه فقط هو الإرادة السياسية للقيام بانتخابات بهذه الطريقة، وهو نفس الرأي الذي طرحه أحمد درويش الوزير بالنظام السابق، وأضاف إسحاق: أظن أننا الآن نمتلك الإرادة السياسية لفعل ذلك. وفيما يخص قانون الأحزاب. وأضاف: أنا مع تأسيس الأحزاب بالإخطار ولكن مع ضرورة وجود ضوابط، فلا يجوز لحزب أن يخلط بين العمل السياسي والعمل الدعوي، العمل الدعوي له جمعياته، ويجب ألا يجمع الفرد بين الانتماء لحزبين أو تنظيمين. ولا يجوز للحزب أن يميز بين المواطنين على أساس الدين أو الجنس أو العقيدة أو الجهة، وألا يملك أي من الأحزاب ميليشيات عسكرية أو مسلحة، كما لا يجب للأحزاب أن تشارك في عمليات عسكرية أو مسلحة خارج البلاد.ولا يجوز كذلك لأي حزب أن ينتمي بصلات تنظيمية بأي جهة خارجية، وألا يتلق هذا الحزب أموالا توضع في أي حساب غير الحسابات البنكية الرسمية للحزب واكد أحمد بهاء الدين شعبان الناشط السياسي ، ان دستور 1971 جاء عقب انقلاب مايو 1971 الذي قام به الرئيس السادات، وبالتالي فقد جاء معبرا عن توازنات تلك اللحظة، وهذا يفسر تركيزه لنحو ثلثي السلطات السيادية في يد رئيس الجمهورية، ولكن اللحظة الحالية تعكس توازنات مختلفة تماما، فقد نزل للشارع نحو 20 مليون في جمعة الغضب وهو يتجاوز أي استفتاء حدث بمصر أو بأي دولة أخرى بالمنطقة، وهذا يغير موازين القوى تماما مما يلزمنا بصياغة دستور جديد يعبر عن هذه التوازنات. وأضاف شعبان أن ما يدفعنا للتأكيد على ضرورة صياغة دستور جديد ولا نكتفي فقط بتعديل مواد بدستور 1971، وقال : علينا ألا نغرق التوترات الواقعة الآن حول المادة الثانية للدستور، وكما قرأت عن مؤتمرات لمجموعات تهدد من يقترب من هذه المادة، وأوضح انه لا يجب أن نقع في ورطة الاختيار بين إما أن نغير هذه المادة الآن ونتحمل التبعات بما فيها من تفجير للموقف، أو أن نترك الدستور القديم كله بما فيه من عوار حتى نطمئن الأطراف المتمسكة بهذه المادة، واقترح شعبان أن نترك هذه المادة ولكن مع إضافة كل الضمانات الدستورية التي تكفل المساواة والمواطنة وأوضح سيف الله الخوانج احد شباب ثورة 25 يناير،فيما يخص الدراسة الخاصة للعلاقات بين السلطات في الدستور أن الخطوة الأولى هي الاتفاق على شكل الدولة وهويتها ومرجعيتها وفي ضوء ما تم تحديده من خلال الحوار المجتمعي تحدد العلاقات بين السلطات بما يضمن استقلاليتها والتوازن بينها الرقابة وبينها وعدم هيمنة قوى سياسية واحدة على كل السلطات. وقال انه يجب على الحكومة الانتقالية ادارة عملية تغيير الدستور والحوار المجتمعي وعدم الترشح في الانتخابات المقبلة، وضمان حرية تكوين الأحزاب ، واستحداث آلية مستقلة لتنسيق الدعم والمعونات الخارجية .