رفض أساتذة الشريعة الإسلامية الفتوي التي أثارها القيادي في حزب النور السلفي عبدالمنعم الشحات وتم نشرها علي بعض المواقع الالكترونية وأكد فيها أن ضحايا بورسعيد ليسوا شهداء لأنهم لم ينطبق عليهم مصطلح الشهيد في الوقت الذي أيده فيه د.محمود مهنا عضو مجمع البحوث الإسلامية كما نشر أيضا. أكد العلماء أن ضحايا مجزرة بورسعيد شهداء.. وكذلك كل من لقي مصرعه دفاعا عن الحق في التحرير أو محمد محمود أو الشيخ ريحان.. أما من لقي مصرعه في قطع طريق أو استخدام أي نوع من أنواع البلطجة فهو في النار ويجب أن يطبق عليهم جزاء المفسدين في الأرض. قال د.نصر فريد واصل - مفتي الجمهورية الأسبق - في تصريحات صحفية إن المشجع الذي كان يجلس في المدرجات ومسالما وفوجئ بمن ينقض عليه ويقتله هو شهيد.. وكذلك من دافع عن نفسه ضد من يحاول قتله دون أن يبادر هو بالاعتداء عليه وهو ما حدث مع قتلي النادي الأهلي في مذبحة بورسعيد. أشار المفتي الأسبق إلي أن الرياضة أخلاق فكيف يحدث ذلك.. واصفا ما حدث بالانفلات الأخلاقي لأن الجريمة مقصودة ارتكبها أناس ليس عندهم وازع ديني ونفوسهم ضعيفة ولا يوجد عندهم دين ولا أخلاق وهذا بسبب تهميشهم ثقافيا ودينيا.. ولذلك فإن الذي قتل بهذه الطريقة فهو بلا شك شهيد. يقول الدكتور صبري عبدالرءوف - أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر - من المتفق عليه شرعاً أن كلمة شهيد لا تطلق إلا علي انسان قاتل من أجل حق وقتل في سبيله.. ولهذا فإن الشهداء أنواع ثلاثة.. شهيد الدنيا.. وشهيد الآخرة.. وشهيد الدنيا والآخرة.. فأما شهيد الدنيا فهو الذي قاتل رياءً وسمعة وهذا أمره إلي الله عز وجل.. أما شهيد الآخرة فهو الذي قتل رغم أنفه ولا دخل له في سبب الموت.. كما جاء في قول رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "الشهداء خمسة.. المبطون والمطعون والحريق والغريق والهدم" فهؤلاء الخمسة ومن في حكمهم كمن قتل في حادث سيارة مثلا أو للتفريق بين المتشاجرين كأمثال هؤلاء شهداء الآخرة. أما شهيد الدنيا والآخرة فهو الذي قتل لإعلاء كلمة الله عز وجل. ومن هنا فإن الشهيد الحق هو الذي قتل في سبيل الحق أما من قتل بسبب باطل أو كان قد اتخذ من الحياة نوعا من الفساد أو البلطجة أو قطع الطريق أو لارهاب الآمنين أو للسرقة والنهب أو التخريب والتدمير فهؤلاء جماعة من البلطجية لا يعرفون دينا ولا خلقا ولا يعرفون وطنية. وهؤلاء جميعا مفسدون في الأرض.. وينبغي أن نطبق في شأنهم قول الله عز وجل: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم". أضاف د.صبري ان معني الذي سبق أن كل من قاتل من أجل حق وقتل في سبيله فهو شهيد.. فحينما جاء الرجل إلي سيدنا رسول الله وقال له يا رسول الله أرأيت إن جاءني رجل يريد أخذ مالي أفأعطيه مالي قال لا.. قال: أرأيت ان قاتلني قال: قاتله.. قال: أرأيت إن قتلني قال: فأنت شهيد.. قال: أرأيت إن قتلته قال: هو في النار. وهذا الحديث النبوي الشريف بين لنا الفرق بين الشهيد وبين البلطجي.. فالشهيد يقاتل من أجل مال.. أما البلطجي فانه يقاتل من أجل الافساد في الأرض.. فالشهيد في الجنة والبلطجي في النار. ومن هنا كما يقول د.صبري فإن هؤلاء الذين قتلوا حتف أنفهم كالذين ألقوا من الأماكن العلوية نقول انهم شهداء الآخرة.. ولهذا نفوض أمرهم إلي الله عز وجل خاصة أنهم الآن بين يدي الله عز وجل.. والفرق شاسع بين من قتل في سبيل الحق وبين غيره الذي قتل لأنه أراد أن يعتدي علي غيره لأن الرسول - صلي الله عليه وسلم - يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل لإعلاء كلمة الله فهو شهيد". ولابد أن نفرق في كل أمر من أمور حياتنا بين الحق والباطل لأن الله تعالي قال: "جاء الحق وذهق الباطل إن الباطل كان ذهوقا". أما من يدعون أن ضحايا بورسعيد قد ذهبوا لمشاهدة المباريات فإنهم في الحقيقة قد ذهبوا إلي هناك ليروحوا عن أنفسهم بسبب الرياضة.. والرياضة في الإسلام مشروعة. وفي الأثر علموا أولادكم السباحة والرماية ومروهم أن يثبوا علي الخيل وثبا.. وقال الحجاج بن يوسف الثقفي ليعلم ولده: علم ولدي السباحة قبل الكتابة فانه يجد من يكتب له ولا يجد من يسبح عنه.. فاذا كانت الرياضة تعتبر نوعا من أنواع اللهو المباح فهي نوع من أنواع الترويح عن النفس.. وسيدنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - هو الذي قال: "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة إن القلوب إذا كلت تعبت". ولهذا كما يقول د.صبري لا يجوز لمسلم أن يحرم ما أحل الإسلام. الموت في الميدان يقول د.عبدالفتاح إدريس - أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر - لقد سأل رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أصحابه عن الشهيد فقالوا: هو من يموت في ميدان القتال فقال - صلي الله عليه سلم - إن شهداء الأمة إذن لقليل" ثم ذكر رسول الله - صلي الله عليه وسلم - الشهداء فعد من بينهم غير من يموت في ميدان القتال المرأة تموت وهي تضع مولودها والمريض بداء البطن "المبطون" وذكر أيضا المريض بذات الجنب "مرض في جنبه" وذكر أيضا من يموت تحت الهدم أو يموت محترقا أو غريقاً أو نحو ذلك ثم عمم فقال ومن خرج في سبيل الله فمات فهو شهيد. وإذا ذكرنا معني سبيل الله في عرف أهل اللغة فانها تطلق عندهم علي كل فريق يبتغي بها وجه الله سبحانه وتعالي وإعلاء كلمته.. سواء كان يقصد من ذلك نفعا عاما أو خاصا. ومن ثم فإذا طبق هذا المصطلح علي من يقتلون الآن ممن ينادون بالعدالة في توزيع الثروة والمطالبين بحقوقهم وحقوق غيرهم ورد المظالم إلي أهلها واستئصال شأفة المفسدين والظالمين. والتسريع بمحاكمة الظلمة والمجرمين والمطالبة برد الأموال المنهوبة والمطالبة بتحقيق الأمن السكني والغذائي والمعاملات في المجتمع والمطالبين بدماء ذويهم وعوض جروحهم فإن هؤلاء إذا أصيبوا حال مطالبتهم بهذه الأمور فانهم في سبيل الله ويطلق عليهم وفقا لحديث رسول الله - صلي الله عليه وسلم - انهم شهداء. ومعني هذا كما يري د.إدريس انهم وهم يمارسون حقهم في هذه المطالبات لا يعتدون علي غيرهم ولا يمنعون حقا لغيرهم ولا يخربون ولا يتلفون مالا عاما أو خاصا ولا يعطلون مرافق المجتمع عن الاستفادة منها فهذا شرط أن يكونوا شهداء كما ورد في الحديث. أما المخربون الذين لا يختلفون علي سوء مقصدهم أحد من الذين يقتلون ويسفكون الدماء والذين يمارسون البلطجة علي الناس في البيوت أو في الطرقات أو الميادين فإن دم هؤلاء هدر يحل قتلهم إذا لم تتول السلطات القبض عليهم ومحاكمتهم لينالوا جزاءهم وذلك الحكم الذي ذكرته ليس مبعثه العاطفة وإنما هو مستمد من شرع الله تعالي وذلك لأنهم صائلون. أكد د.إدريس ان مشاهدة المباريات وتشجيع المتبارين مشروع في الإسلام وإيذاء من يشجع المتبارين حرام والاعتداء عليهم إثم ومعصية ومن ثم فإن هؤلاء الذين قتلوا وهم يشجعون المتبارين فهم شهداء عند الله تعالي لأن الله تعالي أمر بإعداد العدة للكفار فقال تعالي: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" وممارسة الرياضات هو من الإعداد لهذه القوة.. فالذين يمارسون هذه الرياضات ممتثلون لأمر الله ومن يشجعونهم مثلهم في ذلك لانهم يتغوين نفس الغية وهو إعداد القوة لردع الكفار وأعداء الإسلام فمن المتيقن انهم خرجوا في سبيل الله.. فإذا قصدوا في القتل فهم شهداء بنص حديث رسول الله - صلي الله عليه سلم - وقاتلوهم ارتكبوا معصية معدودة من أكبر الكبائر عند الله سبحانه وتعالي فقد ذكر رسول الله - صلي الله عليه وسلم - حديثا لأصحابه فقال: "ألا أخبركم بأكبر الكبائر عند الله قالوا بلي يا رسول الله قال: الاشراك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق" إلي آخر الحديث. وهذا دليل علي أن الذين قتلوا مشجعي الرياضيين ارتكبوا معصية من أكبر الكبائر وحسبهم هذه المعصية في حياتهم ليهووا بها في الدرك الأسفل من النار ولا يمكن أن نبرر ما فعلوه هذا بأي تبرير لأن ارتكاب المعاصي لا يجدوا له مبررا من شرع الله تعالي.