في سرية تامة وتكتم شديد بدأ قادة ثورة 23يوليو في تنفيذ مخططاتهم خطوة .. خطوة .. في البداية طلبت قيادة الثورة من علي ماهر باشا رئيس الوزراء إلغاء البوليس السياسي "مباحث أمن الدولة" .. وطالبت الثورة الأحزاب بضرورة تطهير أنفسهم وكان يعني ذلك خروج بعض الشخصيات التي اشتهر عنها بالفساد من الحزب ولم يكن هذا الكلام واضحاً .. وعندما اجتمعت الهيئة السعدية قال إبراهيم عبدالهادي رئيس الحزب السعدي .. هل المطلوب اختفاء الوجوه القديمة؟ وفي حركة اخري قدم فؤاد سراج الدين سكرتير عام الوفد استقالته وكان في ذلك الوقت معتقلاً. أما أعضاء مجلس قيادة الثورة فقد كانوا يتصرفون ونجحت الشرطة أيضاً في العثور علي الحرامية وقبض مأمور المركز علي اثنين من المواطنين من بلدة شبرا قاضي وتسلمتهما النيابة وأودعا السجن .. ولأن المتهمين رفضا الاعتراف بالسرقة فقام المأمور بأخذهما من السجن وذهب بهما إلي دار المنشاوي باشا في بلده القرشية .. لاجبارهما علي الاعتراف بالسرقة ثم اعيدا إلي السجن ثانية. عندما ذهب رئيس النيابة لاعادة سؤالهما قررا انهما تعرضا للتعذيب في دار المنشاوي باشا .. وأثبت الكشف الطبي آثار التعذيب وأخذت النيابة في تحقيق الواقعة من جديد وذهب النائب العام وبرفقته مفتش الداخلية الانجليزي إلي طنطا وتأكدا من أقوال المتهمين بأنهما خرجا من السجن .. إلي دار المنشاوي باشا وانتهي الأمر بصدور الأمر بالقبض علي المنشاوي باشا وعلي مأمور المركز لاخراجهما مسجونين من السجن بدون اذن النيابة والانتقال بهما إلي قرية أخري. كما تم ايقاف مدير المديرية لأنه سمح للمأمور بهذا العمل وتغاضيه عن هذا التصرف.. المهم أن محكمة الاستئناف أيدت الحكم وكتب مصطفي كامل في جريدة "اللواء" لا خلاف في أن حكم محكمة الاستئناف في قضية القرشية وقد دعم العدالة والقضاء ورفع شأن المحاكم الأهلية .. وهكذا لم تشفع صداقة الباشا مع الخديو في انقاذه هو ومأمور المركز من السجن.