رفعت فياض يكتب: ثورة جديدة في تطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم.. الكتب الجديدة باسم الوزارة بعد الإطاحة بإمبراطورية المؤلفين الخارجيين    أقوى رسائل السيسي عن آخر تطورات أزمة سد النهضة وحرب غزة    موعد اكتساب الفائزين في انتخابات مجلس الشيوخ مهام العضوية    أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025    ارتفاع جديد في أسعار الدواجن اليوم الجمعة 15-8-2025 في محافظة الفيوم    6 قطاعات تتصدر قائمة الأسهم المقيدة الرئيسية من حيث قيم التداول بنهاية الأسبوع    بتوجيه من وزيرة التنمية المحلية، إزالة تراكمات القمامة بالخصوص والهرم    تفاصيل جولة محافظ الدقهلية المفاجئة على المخابز بمدينة المنصورة وشربين ورأس الخليج..صور    إعلام إسرائيلي: ترامب طلب من نتنياهو تسريع العمليات العسكرية في غزة    وزير الخارجية ل نظيره الفرنسى: توجهات إسرائيل تسهم فى تأجيج الكراهية وعدم الاستقرار بالمنطقة    ماريسكا: جاهزون للموسم الجديد.. وتشيلسي أقوى من العام الماضى    اتصال هاتفى بين وزير الخارجية ونظيره الفرنسى    إصابة مروان حمدي لاعب الإسماعيلي بكسرين في القدم.. ومدة غيابه    سلة - إبراهيم زهران: فخور بما قدمته ضد السنغال.. وأحب طريقة لعب إيهاب أمين    أمين عمر حكما لمواجهة كينيا وجامبيا في تصفيات كأس العالم    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    قرار هام لطلاب الصف الثالث الإعدادي حتى عام 2028    لجنة هندسية تفحص عقارات بالزقازيق بعد حريق مطعم مشويات وإصابة عامل    انكسار الموجة شديدة الحرارة غدا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 36 درجة    ضبط سائق توك توك ظهر في فيديو يعتدي على صاحب ورشة بالسلام    رفع أكثر من 88 ألف حالة إشغال طرق وغلق 456 منشأة مخالفة بالجيزة    شواطئ الإسكندرية تكتظ بالمصطافين في عطلة نهاية الأسبوع (صور)    ضبط مسؤول مخزن مستلزمات طبية دون ترخيص في القاهرة    تامر عاشور يحيي حفله الأول في ليبيا ضمن مهرجان صيف بنغازي 2025    تعرف على تفاصيل الحفل الغنائي ل تامر عاشور في ليبيا    ألمانيا تدعو إسرائيل إلى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية    فوائد البصل، يحارب العدوى والسرطان والفيروسات والشيخوخة    ترامب: أريد رؤية الصحفيين يحصلون على حق الوصول إلى غزة    جميلة عوض تعوض غيابها عن السينما ب4 أفلام دفعة واحدة    الإسكان توضح كيفية تلقى طلبات مستأجرى الإيجار القديم لحجز وحدات بديلة    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت 47 مليونا و230 ألف خدمة مجانية خلال 30 يوما    تامر حسني: «محمد منير ساعدني وقت ما كان فيه ناس بتحاربني»    «الصبر والمثابرة».. مفتاح تحقيق الأحلام وتجاوز العقبات    سلطة المانجو والأفوكادو بصوص الليمون.. مزيج صيفي منعش وصحي    حزب الله: قرار نزع سلاح المقاومة يجرد لبنان من السلاح الدفاعى    محمود فوزى: نستهدف تطوير القطاع الزراعى وقانون التعاونيات ينعكس على الاقتصاد    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    الأنبا إيلاريون يشارك في احتفالات نهضة العذراء بوادي النطرون    رئيس البحوث الزراعية يبحث مع مدير البحوث البستانية بالسودان التعاون المشترك    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    صباحك أوروبي.. مصير تمرد إيزاك.. تسجيل راشفورد.. واتفاق السيتي    لاعب الأهلي السابق يوضح سبب تراجع بيراميدز في بداية الدوري    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15- 8- 2025 والقنوات الناقلة    علاء زينهم: عادل إمام كان يفتخر بكفاحي وعملي سائق تاكسي قبل المسرح    مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ محمد عصر الكبير
شهادة
نشر في المساء يوم 28 - 04 - 2018

أدركت في سنوات الطفولة بعضاً من حياة جدتي لأبي. شامة محمد عصر. كانت شخصية قوية متفردة ذات مكانة خاصة في بيتنا. هي التي تأمر وتنهي وعلي الجميع أن يطيع. وفي المقدمة ابنها الوحيد الذي هو أبي بعد أن توفي زوجها وابنها الأكبر. وقد تفتحت عيني علي ضيوفها من الهوانم والباشاوات الذين يأتون لزيارتها. أركز في وجوههم البيضاء وملابسهم المهندمة. ويشدني منظر بعضهم بالبدلة العسكرية والطربوش والمنشة. كانوا جميعاً ينادونها ب "أختي". ورغم أن ليس لها أخ فيهم. كانوا أزواج أخواتها أو أزواج بنات أعمامها.
حدثتنا جدتي كثيراً عن هؤلاء الضيوف. وفي كل مرة كان لابد أن يأخذها الحديث إلي أبيها الشيخ محمد عصر كبير العائلة. هذا الجد الأعلي الذي تعلقت به باعتباره أسطورة زمانه. أحياناً كنت أذهب مع أختي لنبيت مع آخر زوجاته التي تعيش وحيدة في بيته فأتحسس فراشه مهابة. وأحدق في زوايا الحجرات التي كان يسكنها.
كانت أحاديث جدتي عن أبيها متفرقة إلي أن أوصلها وأتمها حفيده الشيخ مصطفي عصر. كان من أكبر الحكائين الذين قابلتهم في حياتي. أدركته صبياً يجمعنا حوله في العصاري ليقص علينا حكايات تسحر الألباب. ومن هذه الحكايات سيرة جده الشيخ محمد عصر الكبير.
كان الشيخ محمد وجيهاً مليح الوجه. بدت عليه امارات النجابة مبكراً. حفظ القرآن الكريم وأرسله أبوه إلي الأزهر طلباً للعلم. وهناك تعرف علي زميل من عائلة الشواربي. إحدي أعرق وأغني عائلات مدينة قليوب. وفي كل عام عندما تنتهي الدراسة يعودان معاً. ويمكث الشيخ محمد في ضيافة زميله بقليوب بضعة أيام قبل أن يستكمل طريق عودته إلي قريته مشتهر. وكان زميله يحكي لأسرته عن أدبه وأخلاقه وعزة نفسه.
وفي آخر سنة دراسية عاد الشيخ وزميله بالشهادة الأزهرية العالية. ومكث عند مضيفيه فترة أطول. فعرض عليه والد الزميل أن يزوجه ابنة له. وذهب الشيخ الشاب لبضعة أسابيع ثم عاد بأهله ليتموا الزواج. ورجعوا بالعروس وبكثير من الهدايا. البقر والجاموس والجمال والعبيد. وتم تعيين الشيخ محمد ناظراً للخاصة الخديوية. أرض الخديو عباس حلمي الثاني التي صارت فيما بعد معهداً زراعياً عالياً. ثم هي الآن مقر لكليتين في مشتهر. إحداهما كلية الزراعة والأخري كلية الطب البيطري. كان راتبه من الوظيفة جنيه من الذهب يومياً. وجرايته "طعامه" خروفاً كل ثلاثة أيام. وبعد فترة وجيزة أسند إليه منصب العمدة.
كان الشيخ محمد الأخ الأكبر لشقيقين عبدالله وعبدالحميد هما اللذان يقومان علي رعاية أرض العائلة ورعاية شئونه الشخصية. كانا يشتريان الملابس والمراكيب "الأحذية" الجديدة لأخيهم ويأخذان ما يخلع عنه لاستعمالهما. وهكذا ظلت أرضهم تتسع ببركة ما بينهم من مودة وإخلاص.
أنجب الشيخ محمد من زوجته الأولي "محمود". ثم تزوج أربع زوجات آخريات أنجب منهم ست بنات. أو لعله أنجب صبياً وبنات آخرين ماتوا صغاراً. أما محمود ابنه الوحيد فقد مات شاباً بعد أن تزوج بشهور قلائل تاركاً جنيناً في بطن زوجته. هذا الجنين هو "مصطفي" الحفيد الذكر الوحيد للشيخ محمد الذي يروي لنا السيرة. وقد اتخذه جده ابناً له وجعل منه أخاً لعماته. كان ينادينه ب "أخي مصطفي". وأعطاه من المال والأرض ما يكفل له أن يرث الجاه ومنصب العمدة.
كان مصطفي في الواقع وريثاً للثلاثة الكبار. فهو ابن الشيخ محمد وأمه ابنة عبدالله وزوجته ابنة عبدالحميد. ولم تخرج أرض عماته من حوزته كما تقضي الأعراف. فهو رجلهن الذي يدير شئونهن ويرعي أملاكهن. وقد ظلت الأمور هكذا حتي كبر أبناء العمات وأخذ كل ذي حق حقه. وعندما وزعت التركات كانت قمة فرحتي لا تقدر بما حمل إلينا أبي من نصيبه في مكتبة جده من كتب فاخرة الطباعة والتجليد مازالت تزين مكتبتي إلي الآن.
رحم الله الجميع. فقد تركوا لنا حكايات تعيش معنا إلي اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.