اسعار الفاكهة فى أسيوط اليوم الثلاثاء 9122025    محافظ الجيزة يتفقد محطتي مياه الشرب ورفع الصرف الصحي بقري الفهميين والمشتل بالصف    البنك الأهلي يوقع اتفاقية تمويل مع "الأوروبي لإعادة الإعمار" ب100 مليون دولار    الضرائب: الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية تتضمن العديد من الحوافز والمزايا    مدير مركز تغير المناخ يوضح أسباب التقلبات الجوية التي تشهدها البلاد حاليا    «وزير الري»: مشروع «ضبط النيل» رؤية الدولة لحماية الموارد المائية واستدامتها    الدورة السابعة من جائزة زايد للأخوَّة الإنسانية تتلقى طلبات الترشيح من 75 دولة    أيمن محسب: لقاء الرئيس السيسى وحفتر محطة جديدة فى مسار دعم استقرار ليبيا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم حرم جامعة القدس    روسيا تسيطر على مدينة بوكروفسك .. واسقاط 121 مسيرة أوكرانية    مواعيد مباريات الثلاثاء 9 ديسمبر - مصر ضد الأردن.. وكأس عاصمة مصر ودوري أبطال أوروبا    مصدر بالأهلي يكشف تطورات صفقة حامد حمدان    الشربيني يُهنئ أشرف صبحي لاختياره رئيسًا للجنة الحكومية الدولية للتربية البدنية باليونسكو    مباريات اليوم.. إنتر يواجه ليفربول في قمة دوري الأبطال ومصر تصطدم بالأردن في كأس العرب 2025    بعد حكم الإدارية العليا.. كمال الدالي يعلن عودته للمنافسة ويوجه نداءً للناخبين    السكك الحديدية: تطبيق إجراءات السلامة الخاصة بسوء الأحوال الجوية على بعض الخطوط    بين الهلع والواقع.. رؤية حقوقية للتعامل مع أزمة الكلاب الضالة بوعي ورحمة    ضبط شخص وابنته بتهمه التنقيب عن الآثار بمنزلهما في المنوفية    إخلاء سبيل طليقة الفنان سعيد مختار بعد استجوابها فى واقعة مقتله على يد زوجها    ترامب يعطي الضوء الأخضر لتصدير رقائق ذكاء اصطناعي متطورة إلى الصين    الخميس، مشروع "لوبيريا" الموسيقي في قصر الأمير طاز    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025    الحبس عقوبة استخدام التخويف للتأثير على سلامة سير إجراءات الانتخاب    13 خرقا إسرائيليا جديدا فى اليوم ال 60 لهدنة غزة    اللجنة المشرفة على الجمعية العمومية في الزمالك تعلن فتح التسجيل    مدير الصحة العالمية يدين الغارات على روضة أطفال ومستشفى كالوجى بجنوب كردفان    اليابان ترفع تحذيرات تسونامي بعد زلزال قوي شمال شرق البلاد    هندوراس تطالب بتنفيذ أمر اعتقال الرئيس السابق هيرنانديز بعد عفو ترامب    متحف اللوفر بين الإصلاحات والإضرابات... أزمة غير مسبوقة تهدد أشهر متاحف العالم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    التعليم: عقد اختبار تجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي في مادة البرمجة عبر منصة كيريو    لقاءات دينية تعزّز الإيمان وتدعم الدعوة للسلام في الأراضي الفلسطينية    وزير المالية الأسبق: لا خلاص لهذا البلد إلا بالتصنيع.. ولا يُعقل أن نستورد 50 ل 70% من مكونات صادراتنا    العطس المتكرر قد يخفي مشاكل صحية.. متى يجب مراجعة الطبيب؟    الخشيني: جماهير ليفربول تقف خلف محمد صلاح وتستنكر قرارات سلوت    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    عوض تاج الدين: المتحور البريطاني الأطول مدة والأكثر شدة.. ولم ترصد وفيات بسبب الإنفلونزا    الرياضة عن واقعة الطفل يوسف: رئيس اتحاد السباحة قدم مستندات التزامه بالأكواد.. والوزير يملك صلاحية الحل والتجميد    من تجارة الخردة لتجارة السموم.. حكم مشدد بحق المتهم وإصابة طفل بري    أحمديات: مصر جميلة    "محاربة الصحراء" يحقق نجاحًا جماهيريًا وينال استحسان النقاد في عرضه الأول بالشرق الأوسط    الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    كرامة المعلم خط أحمر |ممر شرفى لمدرس عين شمس المعتدى عليه    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    بفستان مثير.. غادة عبدالرازق تخطف الأنظار.. شاهد    خيوط تحكى تاريخًا |كيف وثّق المصريون ثقافتهم وخصوصية بيئتهم بالحلى والأزياء؟    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    الصحة: جراحة نادرة بمستشفى دمياط العام تنقذ حياة رضيعة وتعالج نزيفا خطيرا بالمخ    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين التواكل والإهمال
ناس وناس
نشر في المساء يوم 03 - 02 - 2018

"يا عم خليها علي الله".. عبارة نسمعها كثيراً ويرددها الناس في كل مناسبة.. سواء بنية صافية أو غير صافية.. والعقلاء يرددون بأن هذه العبارة لا تعني إلا التواكل علي الله.. صحيح أن الله بيده كل شيء وكل أمر ولكن هناك رأي آخر هو أن يعقل الشخص الأمر ثم يتوكل علي الله.. ولا يجوز أن يحيل كل أمر غير معقول علي الله.. لأن الله سبحانه وتعالي لا ينظر إلي الأمور الغلط ولا يقف أبداً مع كل عاص أو مخالف للشرائع والقوانين أو المهمل في أداء عمله.
صحيح أن الاتكال علي الله هو خير.. مادام موضوع التوكل لا تشوبه شائبة أياً كانت.
تذكرت هذه العبارة التي سمعتها كثيراً بمناسبة المأساة التي حدثت في بنها بسقوط مصعد المستشفي الجامعي ومصرع سبعة مواطنين.. وإصابة عدد آخر وهذه الكارثة دليل قاطع علي الاتكال والإهمال.. والواضح أن عدد ركاب المصعد كان أكثر من العدد المقرر.. ولو فرض أن هناك أحداً اعترض بأن العدد كبير وفيه خطورة علي المصعد.. لتطوع البعض الآخر بالكلام بسرد عبارة خليها علي الله.. ولكن هذا الاتكال لا ينفع مع هذه المخالفة الجسيمة لكل القوانين والشرائع.. ولهذا سقط المصعد بمن فيه من ارتفاع يصل إلي عشرين متراً هذا جانب والجانب الآخر هناك اهمال.. قائم وصيانة غائبة والكشف الدوري علي المصاعد لم يتحقق.. ومن هنا حدثت المصيبة.
طبعاً هناك مسئولية.. والمسئولية تبدأ من عامل المصعد وهل كان موجوداً بداخله.. فإذا كان موجوداً هل نبه إلي أن العدد أكثر من المسموح به وهل طلب من بعض مستخدمي المصعد أن ينتظروا خارجه لمرة أخري.. ثم هل لاحظ العامل أن المصعد به خلل ما.. وهل أبلغ رؤساءه بأي عيب لاحظه.. وهل رؤساءه كانوا يتابعون أعمال الصيانة.. ويبدو أنه لا يوجد من يتابع أو يمارس سلطاته في تنفيذ التعليمات وفي متابعة الصيانة المرورية.. ولهذا سقط المصعد.. وبالتأكيد هناك جهات أخري قد تتعرض مصاعدها إلي مثل هذه المآسي.. وقد شاهدت بالفعل علي شاشة احدي المحطات الفضائية لقطات سلبية لبعض المستشفيات الحكومية والجامعية.. ويبدو مما عرض أن كل شيء في هذه المستشفيات متهالكة.. سواء في أجهزة الأشعة المعطلة ومعامل التحاليل التي لا تعمل طبعاً لعدم وجود خامات وأيضاً لافتقادها للصيانة بالإضافة إلي ما تتمتع به هذه الوحدات من قذارة متراكمة والقطط الضالة تتنزه في أروقتها.. شيء غريب فعلاً أن يكون كل هذا وغيره موجوداً في دور العلاج المفروض فيها أن تكون علي أعلي درجة من الكفاءة والانضباط والنظافة وتوافر الأجهزة.
وقرأت أيضاً في الصحف أنه في احدي مدن الوجه البحري ذهب الناس إلي المستشفي الحكومي.. وفوجئوا بأن الأطباء متغيبون والممرضات والممرضين والفنيين اختفوا وكأنهم في اجازة وتصادف أنه ذهب إلي هذا المستشفي رئيس مجلس المدينة وفوجيء هو الآخر بأن المستشفي لا يوجد به أطقم العلاج من أطباء وغيرهم كلهم في حالة غياب كامل.. كل الذي فعله رئيس المدينة هو تحويل طاقم المستشفي إلي التحقيق وكان عددهم 118 ما بين طبيب وممرضة وفني.. هل يمكن أن يصل الاستهتار بالعمل إلي هذه الدرجة!! ثم بعد ذلك نسمع عن مطالب فئوية!! ولو بحثنا في كل الأمور الحياتية لوجدنا أن لدينا غابة من القوانين في كل شيء وكل مجال.. له شروط وقائية وتنظيمية.. ولكن ماذا نقول في اناس يضربون بعرض الحائط كل هذه اللوائح والقوانين.. مثلاً حركة المرور لها قوانين وتعليمات تنص علي عدم السير في الاتجاه العكسي.. ولكن هناك هواة لكسر القانون.. وعندما يتم تنبيه السائق إلي الكارثة المحتملة وراء تصرفه يقول.. "يا عم خليها علي الله".. واذا قيل له إن القاعدة في هذه العبارة هو أن تعقل الأمر.. ثم تتوكل فإن المخالف دائماً يصم اذنيه أو ينظر إليك باستهزاء إلي أن تحدث الكارثة.
ونفس الحالة في القوانين التي تنظم المباني.. تجدها في معظم الأحيان بها مخالفات.. والحكومة لا تفعل شيئاً إلا أن تتصالح!! وصاحب العقار يحصل علي ترخيص بعدد معين من الأدوار ولكنه يهوي مخالفة الترخيص ويزيد من عدد الأدوار المسموح بها وعندما يتم تحذيره بالمخالفة يقول "خليها علي الله".. في حين أن العقار قد لا يتحمل أي أدوار زيادة والنتيجة أنه قد تحدث كارثة.. وهذا ما شاهدناه كثيراً خصوصاً في الإسكندرية.. عمارات تميل وأخري تتصدع وثالثة تنهار.. وهكذا..
يضاف إلي ذلك أن كل المصانع والورش لها لوائح تعرف باسم الأمن الصناعي.. والمطلوب من كل وحدة صناعية أن تحصل علي ترخيص بمزاولة العمل.. وهذا الترخيص يتضمن شروطاً لتطبيق القواعد التي يجب توافرها لحماية المنشأة والعاملين فيها من اخطار العمل.. والوقاية من الحريق أو من أي اخطار أخري.. وطبيعي أن هذه اللوائح الغرض منها حماية الناس.. ولكن نجد من يستهين بها بل وينفذها فقط علي الورق.. وقد تأتي الكوارث نتيجة هذه "الصهينة" في تنفيذ القواعد المطلوبة.
والأكثر من هذا أن هناك ورشاً صناعية تمارس عملها بدون ترخيص وبدون ضوابط وهي ما تعرف باسم ورش أو "مصانع بير السلم".
وعادة يثور تساؤل أين الرقابة وأين المتابعة وأين الحملات التي تضبط مثل هذه الورش.. وتعيدها إلي الصواب وتطبيق شروط وقواعد الأمان.
والحقيقة أن ما ذكرته ليس إلا حالات ضئيلة وبجوارها كم هائل من الحالات التي يتفنن أصحابها فيها مخالفة القوانين واللوائح بل والضمير.
نحن لدينا قوانين ولوائح وتعليمات والمفروض أن كلها يجب أن تحترم وأن يلتزم بها الجميع.
وفيما يروي أن أحد المستوردين اليابانيين وكان يستورد سلعة ما من انجلترا وسأل الُمصِّدر الإنجليزي هل هناك توقع بوجود خطأ ما.. رد المصدر طبعاً لا.. وإذا حدث فلن يصل إلي الخطأ!! واحد في المائة ورد الياباني قائلاً معذرة نحن لا نرضي بأي خطأ ولو كان واحداً في الألف.. لأن السلعة المتعاقد عليها منصوص علي مواصفاتها في العقد.. وبالتالي لا تهاون ولا تصرف.. وطبعاً ولا فهلوة.
إن حادث الأسانسير هو حادث بشع لعدة أسباب لأن سقوطه أدي إلي وفاة وإصابة عدد من الضحايا.. ثانياً أن المصعد قائم في مستشفي لخدمة المرضي والمترددين عليه ثالثاً.. إن الإهمال وعدم تنفيذ التعليمات هو سبب آخر.. وبديهي أن استمرار الحال الذي نسير عليه لن يكون حادث الأسانسير هو الأخير بل سيتكرر.. ولا نملك إلا الحسرة والحزن.. علي الضحايا وأيضاً علي الإهمال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.