حضر الرئيس عبدالفتاح السيسي جلسة خاصة نظمها منتدي أعمال تجمع "بريكس" عن مصر حيث كان في استقباله رئيس المجلس الصيني لترويج التجارة الدولية والسكرتير العام للغرفة الصينية للتجارة الدولية. وألقي الرئيس كلمة بهذه المناسبة بحضور نخبة من ممثلي مجتمع الأعمال والاقتصاد والمال من الدول الأعضاء في تجمع "بريكس" ومن مختلف أنحاء العالم. فيما يلي نصها: السيد رئيس منتدي الأعمال لتجمع "البريكس" السيدات والسادة اسمحوا لي في البداية أن أتقدم لكم بكل التحية والتقدير.. وأعرب عن سعادتي بالمشاركة معكم في هذا المحفل المهم لتجمع البريكس الذي أصبح أحد أكثر التجمعات فعالية وتأثيرًا علي المستوي الدولي.. لقد التقيت ببعض منكم في الإطار الثنائي بين مصر ودولكم الصديقة التي تجمعنا بها علاقات متميزة ووثيقة.. ويقيني أنكم تتابعون ملامح عملية التنمية الجارية في مصر خلال المرحلة الحالية.. فبرغم تكلفة حربنا ضد الإرهاب بجميع صوره. والعمل علي استئصاله ونجاحنا في محاصرته. فإن استعادة الاستقرار والأمن في بلد بحجم مصر يزيد عدد سكانه علي 93 مليون نسمة لم يثننا يومًا عن التعامل الجاد وغير المسبوق مع الأزمة المزمنة في الاقتصاد.. ولذلك قمنا خلال الفترة الماضية باعتماد مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الجذرية في السياسات الكلية والقطاعية وفق تشخيص ورؤية مصرية خالصة للأوضاع والمشكلات والحلول مع اتباع خطة وطنية تمثل استراتيجية مصر حتي عام 2030. مسترشدين بأجندة التنمية 2030 وأجندة أفريقيا 2063. ولكن وفق الأهداف والأولويات الوطنية الخالصة. وقد نتج عن ذلك تحسن في مجمل أداء الاقتصاد المصري لتبلغ نسبة نموه في يوليو 2017 حوالي 4.3%. ويصل حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلي 36 مليار دولار.. ورغم ذلك فلازلنا نحاول السيطرة علي معدلات التضخم وتخفيضها لرقم أحادي مع العمل علي خفض عجز الموازنة لأقل من 10% من إجمالي الناتج القومي. وفي هذا السياق أود التركيز علي عدد من العناصر ذات الأهمية: أولاً: إن برنامج الإصلاح والنمو الاقتصادي المستدام الجاري تنفيذه تبني عددًا من السياسات. والتي وإن كانت ذات تكلفة اجتماعية عالية فقد كانت لتأخر اتخاذها آثارًا شديدة السلبية علي دعائم الاقتصاد ذاته وعلي آفاق المستقبل للشعب المصري الذي أثبت مجددًا وعيه وإدراكه العميق لحجم التحدي من خلال تفهمه للقرارات التي تم اتخاذها وتحمله لأعبائها.. ولقد اتخذنا هذه القرارات انطلاقا من رؤيتنا بأن تصويب السياسات هو السبيل الأمثل لوضع الاقتصاد المصري علي الطريق الصحيح. ففيما يتعلق بإصلاح منظومة الدعم علي سبيل المثال فأود الإشارة إلي أننا قمنا بدراسة أفضل النماذج المتبعة في الدول المشابهة لها. وبعضها أعضاء بالبريكس. فدرسنا النموذج البرازيلي الذي كان من أنجح التجارب في التعامل مع التضخم عن طريق رفع إنتاجية وكفاءة الاقتصاد بشكل عام من خلال خصخصة الشركات بالتوازي مع التوسع في الإنفاق العام علي الخدمات والحماية الاجتماعية.. كما قمنا بدراسة ما قامت به الهند من تطبيق نظام تكنولوجي متطور لحصر المستفيدين من الدعم وربطهم إلكترونيًا بمنظومة الدعم الحكومي. ثانيًا: إن أحد أهم أركان برنامج الإصلاح والنمو المستدام في مصر هي شبكة الحماية الاجتماعية التي تتصف بالمرونة. فيدخل فيها المستحقون للدعم وفق مراجعة مستمرة لأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. ويخرج منها من أصبح في غير حاجة لمثل هذا الدعم خاصة مع الانخفاض في نسب البطالة بشكل عام. ثالثًا: تم كذلك تعديل السياسات النقدية بتطبيق نظام مرن لسعر الصرف سمح بمحاصرة سوق العملة خارج النظام المصرفي مع تحرير سعر الجنيه المصري ليخضع لقواعد العرض والطلب مما أدي إلي زيادة تنافسية الصادرات المصرية وساهم كذلك في جذب الاستثمار الأجنبي بفضل تخفيض التكلفة. رابعًا: فيما يتعلق ببيئة الاستثمار والأعمال. فقد أقر البرلمان المصري قانون الاستثمار الموحد. والذي قامت الحكومة بمشاورات موسعة حوله مع المستثمرين المصريين والأجانب. واستجاب لكثير من المطالب التي طالبتهم بها حينما تم طرح نسخته الأولي في أعقاب مؤتمر دعم الاقتصاد المصري بشرم الشيخ عام 2015. ومن أهم ملامح هذا القانون أنه تضمن خريطة استثمارية للمناطق والمجالات التي سيتم منحها مزايا كبيرة. ويسمح بالتسجيل الإلكتروني للشركات. ويوحد جهة التسجيل التي يتعامل معها المستثمر. كما يقدم حزمة من الحوافز للاستثمار في المشروعات الاستراتيجية من خصومات ضريبية وأراض مجانية. ويوفر كذلك مكاتب لمساعدة المستثمر في تأسيس المشروعات. مع إمكانية حصول المشروعات الاستراتيجية الكبري علي موافقة موحدة من مجلس الوزراء لإنهاء جميع الإجراءات اللازمة ليبدأ المستثمر عمله بشكل شبه فوري. ومنذ عدة أيام فقط أقرت وزارة التجارة والصناعة المصرية قانونًا يسمح بمنح التراخيص الصناعية للشركات خلال 7 أيام فقط بدلاً من 600 يوم كما كان متبعًا من قبل وهذا إنجاز واضحي وجلي يعبر عن إدراكنا لحجم العقبات التي كانت تؤثر علي مناخ الاستثمار. ويؤكد رغبتنا في توفير بيئة صديقة للاستثمار والأعمال وفقًا لأفضل المعايير العالمية. السيدات والسادة إن مشروعاتنا القومية العملاقة في تقدم مستمر.. تحفز الاقتصاد وتوفر الوظائف وتدفع النمو الاقتصادي الحقيقي للزيادة.. وتتنوع هذه المشروعات من استزراع مليون ونصف المليون فدان للاكتفاء الذاتي المستقبلي من المحاصيل الأساسية إلي تشييد المدن الجديدة في جميع أنحاء مصر. وإنشاء عاصمة جديدة اقتصادية وإدارية تستوعب الزيادة السكانية وتعتمد علي أكثر أنماط البناء حداثة وتقدمًا من حيث الكفاءة البيئية والتكنولوجية. كما تشمل المشروعات الكبري كذلك مد أكثر من خمسة آلاف كيلومتر من الطرق والأنفاق التي تربط جيلا جديدا من المجتمعات العمرانية للخروج من وادي النيل الضيق. ثم الاستكشافات الجديدة لحقول الغاز الطبيعي والترتيب لبناء محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية بمعاونة دولة روسيا الصديقة. بالإضافة إلي مشروع إنشاء محور التنمية بمنطقة قناة السويس. وتشييد 7 أنفاق جديدة تحت قناة السويس لتربط سيناء بباقي مصر وتغير الواقع التنموي بهذه المنطقة تغييرا غير مسبوق. وخلال الفترة المقبلة سنبدأ في إطلاق مجموعة جديدة من المشروعات الكبري يستهدف بعضها قطاع السياحة بشكل خاص حيث سيتم إنشاء مجتمعات سياحية علي أعلي مستوي بالمعايير الدولية علي طول البحر المتوسط. وكذلك علي ساحل البحر الأحمر. وأود أن أشير كذلك إلي أن لدينا صيغًا مختلفة للتعاون "جنوب جنوب" بين مصر ودول البريكس في القارة الأفريقية. وهناك كذلك مجال لاستفادة مؤسساتكم من شبكة الاتفاقات التجارية التي تجمع بين مصر ودول أخري عديدة في العالم العربي وأفريقيا وأوروبا بحيث يتم منح المنتجات التي جري عليها عمليات تصنيع وقيمة مضافة في مصر. أنواعًا مختلفة من المزايا التفضيلية في دخول أسواق تلك الدول الشريكة. السيدات والسادة أود في الختام أن أؤكد لكم أننا نعمل بقوة علي أن تجدوا في مصر بيئة داعمة لاستثماراتكم.. كما أننا نتطلع للاستفادة من خبراتكم علي مدي عقد كامل هو عمر هذا التجمع في مجال تذليل عقبات الاستثمار والتجارة بين دوله فدعونا نعمل معًا حكومات وأفرادا ومجتمعات أعمال لصالح شعوبنا التي تنتظر منا تلبية احتياجاتها التنموية. وتوفير مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.