عقوق الوالدين من أكبر الكبائر عند الله سبحانه وتعالي فيقول جل شأنه في كتابه الحكيم "وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما".. والاية الكريمة تدلنا علي أن مجرد تأفف الابن وإظهار الضيق يعد من العقوق فما بالنا بما يحدث هذه الايام من إهمال أو نهر أو معاملة سيئة تجاه من أفني عمره في التربية والرعاية.. بل إن درجة الاحسان والمعاملة الطيبة والطاعة وصلت لحد إذا كان الابوان مشركين فيقول سبحانه وتعالي "وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا" والمعروف هنا يكون بحسن المعاملة والرعاية. إن الله سبحانه وتعالي حثنا علي صلة الارحام وان الابوين أولي بهذا الوصل فلا يتركهما الابن وحيدين في كبرهما حتي لايغضب الله عليه فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لاينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان عطاءه وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والديوث ورجلة النساء" والديوث هو الذي يقر أهله علي الفاحشة مع علمه بهم ورجلة النساء المتشبهة بالرجال وغير ذلك من الاحاديث كثير التي ترشدنا إلي أن العاق لوالديه من المطرودين من رحمة الله تعالي والمخلدين في النار والعياذ بالله.. لابد ان نعيد مرة أخري القيم الاسلامية الاصيلة في الاعتناء بكبار السن والعطف عليهم وتوفير كل سبل الراحة والرعاية لهم خاصة أنهم يمرون بمرحلة ضعف هم أحوج ما يكونون فيها إلي أبنائهم يأخذون بيدهم ويولونهم العناية الكافية. أن الايام دول وكما يبر الانسان والديه سوف ينعم ببر أولاده له لأن الجزاء من جنس العمل وذلك يوضحه قول رسول الله صلي الله عليه وسلم "بروا آباءكم يبركم أبناؤكم" كما ان ديننا الكريم جعل رعاية الوالدين بمثابة الجهاد بل ومقدم عليه وذلك عندما جاء رجل للرسول الكريم يستأذنه في الجهاد فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم: "ألك والدان قال نعم فقال ففيهما جاهد".. وغير ذلك من الدلائل التي يضمها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتي تدل علي ان رعاية الابوين المسنين واجب وفرض علي المسلم بكل ما يملك من معاملة حسنة ومال. د. طه حبيشي استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الازهر