تلاحقت أحداث السفارة الإسرائيلية في ختام جمعة تصحيح المسار بشكل سريع.. وخلال 4 ساعات فقط وجدنا أن الحصيلة ضخمة وكارثية. وبعيداً عن خبايا هذه الأحداث التي ستتكشف حتماً ذات يوم.. تعالوا نقرأ الواضح منها.. أما الأمور المخفية فعلمها عند الله والحكومة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة ونطالب بأن تكون هناك شفافية في التناول والطرح حتي يستريح الكل.. * أولاً: ما كان يجب من الأصل إقامة "الجدار العازل" أمام العمارة التي بها السفارة.. ولأنه سبق الإعلان عن "مسيرة الشواكيش". فلم يكن هدم هذا الجدار الفضيحة من المفاجآت. * ثانياً: أن يتسلق عدد من الشباب العمارة ويسقطوا العلم الإسرائيلي للمرة الثانية. فقد كان هذا وارداً بعد أن عرف المتظاهرون الطريق إليه.. وإن كان هذا يتنافي مع القانون الدولي ومعاهدة فيينا.. لكن علينا أن نلتمس العذر للشعب الغاضب مما ارتكبته إسرائيل علي حدودنا ولم يتخذ حياله موقف. * ثالثاً: أن يقتحم المتظاهرون سفارة إسرائيل ويستولوا علي مستندات. فإن ذلك خطأ جسيم.. لأن من يقتحم يستطيع أن يعتدي علي أفراد داخل السفارة مما يتنافي مع المواثيق الدولية الموقعين عليها ويضع مصر في حرج عالمي بالغ.. مع الاعتراف الصريح بأننا جميعاً كمصريين نرفض وجود أي شيء يمت لإسرائيل بصلة علي أراضينا.. إلا أن هناك فرقاً بين الرفض والأماني وبين الالتزامات الدولية. * رابعاً: المستندات التي تم إلقاؤها من الشبابيك قديمة وبلا قيمة. حتي لا تضخم إسرائيل المسألة.. وأي دولة غير إسرائيل ولو كانت مبتدئة أو ناشئة فسوف تتخلص من كل الأوراق المهمة والخطيرة في ظل الاضطرابات. * خامساً: مغادرة السفير الإسرائيلي يتسحاق ليفانون وأفراد السفارة وعائلاتهم وبعض الرعايا القاهرة إلي تل أبيب علي متن طائرة حربية استثمار إسرائيلي متعدد الأهداف لما حدث.. فمن جهة لإظهار مصر بأنها لا تحمي البعثات الدبلوماسية وليست لديها القدرة علي الحماية بدليل أنها طلبت من أمريكا حماية سفارتها بالقاهرة. ومن جهة ثانية لاستخدام الحادث وتوابعه كورقة ضغط علي مصر وتفاوض علي أمور خلافية مثل تصدير الغاز والجاسوس جرابيل وإعلان الدولة الفلسطينية. وما خفي كان أعظم. * سادساً: لا أدري كيف ستحمي أمريكا سفارة إسرائيل في مصر.. الدولة المستقلة ذات السيادة؟!.. هل سترسل مثلاً مارينز لحراستها.. أم ماذا بالضبط؟! * سابعاً: أعرب باراك أوباما الرئيس الأمريكي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قلقه الشديد من أحداث السفارة.. ودعا أوباما الحكومة المصرية إلي الوفاء بالتزاماتها الدولية بتأمين وحماية السفارة.. وهنا تثور عدة أسئلة: وأين كان الإعراب عن القلق الشديد والدعوة إلي الوفاء بالالتزامات الدولية عندما انتهكت إسرائيل حدودنا أكثر من مرة وعندما قتلت أولادنا داخل أراضينا وعندما لم تعتذر عن جريمتها؟! إن ردود أمريكا دائماً سواء كان رئيسها ديمقراطياً أو جمهورياً سريعة وعنيفة ضد العرب وهادئة ومايعة مع إسرائيل!! * ثامناً: بجاحة ما بعدها بجاحة أن يأمل نتنياهو من مصر ألا تمر أحداث السفارة مرور الكرام!!.. ولماذا تمر انتهاكات إسرائيل المتنوعة وآخرها قتل أولادنا داخل حدودنا مرور الكرام. وكأن شيئاً لم يحدث؟!.. عموماً.. إذا كانت إسرائيل قد أعلنت بعد حادث الحدود أنها ستحقق فيما جري.. فنحن أيضاً يمكننا القول إننا سنحقق في أحداث السفارة لتحديد هل المتورطون فيها من الداخل أو الخارج. * تاسعاً: أصبح لازماً إعادة صياغة العلاقات المصرية الإسرائيلية علي أسس سليمة وأن يتم تعديل اتفاقية السلام وباقي الاتفاقيات مثل: الكويز والغاز وغيرهما بما يراعي مصالح البلدين وليس صالح إسرائيل فقط.. فالشعب لن يرضي بأن يميل الميزان تجاه العدو الحقيقي الوحيد لنا في العالم. * عاشراً وأخيراً: لو كانت حكومتنا قد اتخذت موقفاً قوياً تجاه حادث الحدود مثلما فعلت تركيا ما كنا وصلنا إلي ما وصلنا إليه. أعلم جيداً أننا غير تركيا التي ليست لها حدود مشتركة مع إسرائيل وليس لديها "سيناء" التي تطمع تل أبيب في إعادة احتلالها وليس بينها وبين إسرائيل صراع وجود أو صراع حدود مثلنا.. لكن يا سادة الكرامة والسيادة ودم أولادنا كلى لا يتجزأ ولا يعرف أنصاف الحلول أو المهادنة أو الضعف أمام عدو يتحين الفرصة للانقضاض علينا. أتمني أن أكون مخطئاً في قراءتي وأن تكون القراءة الصحيحة أخف من ذلك ولو أني أشعر بأن الحقيقة أكثر قتامة.