علي طريقة "اشتري معاك وإنت جاي اثنين كيلو سفندس". والتي وردت عيانا بيانا في فيلم "حصل خير". وقفت أمام الشباك بالبنك الأهلي المصري لأشتري اثنين دولارز. علي أساس انه جمع. فسألني المصرفي: ماذا ستفعل بالدولارين؟. قلت: أود أن أشعر بأني من مالكي الدولار؟. فقال: ممنوع. قلت إذن دعني اشتري دولارا واحدا. وليست هناك مشكلة أن أتنازل عن "الابستروف إس". فقال: ممنوع. علا صوتي وأخذتني العزة بالدولار. علي اعتبار انه إثم. وقلت: إذن لا ملجأ ولا منجا إلا بالسوق السوداء. أنتم تجبروننا علي التعامل مع السوق السوداء. هي دي البلد. أخذني المشرف داخل البنك واجلسني أمام المصرفي محمد مصطفي بإدارة خدمة العملاء وسألني بكل أدب وهدوء: دعني أحل لك المشكلة. قلت: ماشي. قال هل ممكن أن اسألك؟. قلت اسأل. قال: حضرتك هل تعتبر ان الدولار سلعة أم عملة؟ قلت: عملة. قال: إذن لا داعي لان تحتفظ بدولار أو اثنين أو أي عدد من الدولارات. لأنك حين تود السفر سيوفر لك البنك المبلغ الذي تريده برفقتك في السفر. وحين تريد شراء أي شيء بالدولار فالبنك يوفر لك المبلغ الذي يكفيك للشراء. وإذا كنت تريد أن تقوم بعملية تحويل للدولار لأي مكان في العالم فالبنك يقوم لك بالمهمة. يعني في النهاية لا حاجة لأي مواطن إلي اقتناء الدولار أو شرائه من أجل أي هدف أو نزولا علي أي رغبة. نزل علي سهم الله. وأنا استمع إلي ذلك الرجل وكلامه المنطقي. وسرحت متمتما: والله الراجل عنده حق وكلامه مقنع جدا. وأي بنك يمكن أن يوفر لأي مواطن حاجته من الدولار. طالما أن هذا الاحتياج في إطاره المشروع. ولماذا إذن يحرص المصريون علي اقتناء الدولار وتخزينه؟. ولماذا يخفونه تحت البلاطة لدرجة جعلت الرئيس يقول إنه سيجبرهم علي أن يخرجوه. وظل المصرفي يتحدث وأنا جالس أمامه اتقوقع داخل سرحاني وسباحتي في الملكوت وما به من فساد ومخالفات وسوق سوداء. وإذا بصديقي رأفت زكي الذي كان برفقتي جالسا أمامي وشهرته "ريشة" يهزني لافيق وهو يقول: روحت فين الراجل بيكلمك. فنظرت إليه متعجبا بالفعل من أحوالنا. فكم مواطن يرفض أن يخرج ما لديه من دولارات من تحت البلاطة ويؤمن بأن الدولار كل يوم في الطالع. ومن حقه أن يستفيد بفارق السعر. نعم ربما يكون هذا صحيح. ولعل تحرير سعر صرف الجنيه أو تعويم الجنيه الذي جعل سعر الدولار في البنك مماثلا لسعره خارج البنك. يجعل هذا المواطن غبيا حين يفكر في تغيير الدولار في السوق السوداء ليستفيد بربع جنيه فرقاً. ثم يقبض عليه وتصادر دولاراته وتبقي قضية. وافقت علي صوت المصرفي محمد مصطفي يسألني: هل اقتنعت؟. فقلت: يعني مش هاشتري الاتنين دولارز؟.