مع موجة الغلاء وجنون الأسعار الحالية وروح التشاؤم التي تسيطر علي البعض والخوف من الحاضر والمستقبل وبصرف النظر عن صحة أو خطأ الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وتوقيتها وترتيبات الأولويات التي تحتاجها المرحلة كان ما يهمني أن أتساءل كيف ستنعكس هذه الأوضاع الجديدة علي المتبرعين في الوقت الذي تتضاعف الحالات الإنسانية المترددة علينا. جاءتني أول اجابة عملية من اثنين من الشباب الخيرين المتعاونين معنا منذ سنوات حيث سارع أحدهما بزيادة قيمة الشهريات التي يصرفها لعشر حالات بصفة منتظمة وأيضاً طلب التكفل بحالات جديدة مع مضاعفة حجم مساهماته في "مشروع باب رزق" الذي تبنيناه في السنوات الأخيرة لإيجاد مصدر دخل للأسر القادرة علي العمل. أما فاعل الخير الثاني فاختار الأسر المتأخر عليها فواتير الكهرباء والمياه ليكسب ثلاث فوائد بتبرع واحد فك كرب أسرة وإعادة المرافق الأساسية لها والمساهمة في دعم خزينة الدولة بسداد ديوان كانت معدومة ومفقود الأمل في سدادها وغيرهما كثيرون يعلمون اه ما نقص مال من صدقة فلا يخشون الفقر ولا يحملون هماً للمستقبل ويؤمنون ان عليهم دوراً اجتماعياً وإنسانياً بجانب زكاة الفريضة ويشعرون بالمسئولية تجاه المحتاجين تماماً مثل مسئولية الدولة تجاههم. الأروع من رد فعل فاعلي الخير علي الظروف الجديدة عمق إيمان بعض الغلابة الذين يتحدث باسمهم أصحاب النوايا الحسنة وأصحاب المصالح الشخصية ففوجئت بكثيرين منهم يؤكد انه لا يعيش بكم المال ولكن ببركته وان الله يعوضه بنعم كثيرة حرم منها بعض الأغنياء.. منها قناعة أولادهم فلا يحملونهم ما لا يطيقونه ولا ينظرون لما في أيدي غيرهم حتي يقسمه الله لهم ونعمة الرضا التي تدخل السكينة في قلوبهم. حقاً الفقر الحقيقي هو الحرمان من هذه النعم وهناك فقراء لكن أغنياء بعزة النفس ووبشعورهم الحقيقي بنعم الله عليهم التي لا تعد ولا تُحصي. وهناك دعوة جميلة علي مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة الدخل بالرحمة والبركة تشجع أبناء الطبقة المستقرة بأن تزيد حجم صدقاتهم المعلنة والخفية التي تخص البيع والشراء ويجزل العطاء لكل من يتعامل معهم كالخادمة والبواب وسائق التاكسي والباعة الجائلون. لو تعاملنا بمنطق الرحمة لن نشعر بالأزمة وسوف تمر بسلام ونخرج منها أقوياء.. أما إذا حاول كل منا أن يسد عجز ميزانيته من جيب الآخر مثلما يحدث من سائقي سيارات السرفيس وبعض التجار الجشعين وقتها تتضاعف الأزمة وتزداد الضغوط ولك الله يا مصر.